فضائية فرنسية تثير جدلا ببث صور «مفبركة» تظهر الرئيس الجزائري في صحة سيئة

جزائريون يتساءلون: إذا كان الرئيس بخير فلماذا لا يخاطب شعبه أو ينزل إلى الشارع؟

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة
TT

أثار برنامج بثته قناة «كنال بلاس» الفرنسية الشهيرة، عن حالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الصحية، جدلا كبيرا في الأوساط السياسية والإعلامية بالجزائر. فقد أظهر صورا، قبل التركيب في التلفزيون الحكومي الجزائري، تبيَن تلاعبا بها لكي يقتنع المشاهدون بأن بوتفليقة في صحة جيدة.

وبدا بوتفليقة في برنامج «لوبوتي جورنال» (الجريدة الصغيرة)، الساخر، الذي بثته القناة الأربعاء الماضي، في صحة سيئة خلال المشاهد الأصلية، قبل تركيب الصور، حينما استقبل رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك آيرو الذي زار الجزائر الأسبوع الماضي، على رأس وفد حكومي يتكون من ثمانية وزراء لبحث مشاريع اقتصادية. وفي بعض الحالات، يظهر بوتفليقة شارد الذهن نظراته تائهة ولا ينظر لضيفه الفرنسي، فيما كان رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال مبتسما وصامتا يترقب بداية المحادثات بين بوتفليقة وأيرولت.

وقال مقدَم البرنامج يان برتاز، بأن الصور الأصلية تظهر بوتفليقة جامدا في مكانه ينظر إلى شخص من وراء الكاميرات، يترقب إشارة منه لكي يبدأ بالحديث لأيرولت. وبيَنت الصور وكأن الجميع مشارك في مسرحية معدَة سلفا. وترجَح مصادر جزائرية، بأن السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس وكبير مستشاريه في الرئاسة، هو من كان وراء الكاميرات. ومعروف أنه هو من يشرف شخصيا على ظهور شقيقه في الإعلام الحكومي، وهو من يعطي الضوء الأخضر لبث الصور بعد أن يراجعها بنفسه.

أما في الصور التي بثها التلفزيون الحكومي في نشرة الأخبار الرئيسية، يبدو بوتفليقة كثير الكلام مع أيرولت. كما أنه حرَك يده اليمنى (سلمت من آثار الجلطة الدماغية التي أصابته نهاية أبريل/نيسان الماضي)، سبع مرات. وقال المذيع، بحسب الصور الأصلية التي حصلت عليها «كنال بلاس»، بأن بوتفليقة لم يحرَك يده في الأصل إلا ثلاث مرات. فيما تم تصوير بقية حركات اليد من وضعيات مختلفة، بعد التركيب، حتى يظهر الرئيس نشطا. يشار إلى أن جدلا كبيرا يحتدم حاليا بالجزائر، يتعلق بمدى قدرة بوتفليقة على الاستمرار في الحكم، بسبب تدهور صحته.

وخلفت الصور وتعاليق المذيع الساخرة تذمرا في التلفزيون الحكومي، ويعتقد الموظفون به بأن مرحلة ما قبل تركيب المشاهد وبثها، تم تسريبها من التلفزيون إلى الفضائية الفرنسية. وقالت مصادر من التلفزيون الحكومي بأن مديره توفيق خلادي «غاضب جدا» مما اعتبره «مؤامرة ضد الرئيس». ومعروف عن خلادي ولاؤه الشديد لبوتفليقة، منذ أن كان مديرا للإعلام برئاسة الجمهورية (2002 - 2004).

وكان مارك أيرولت صرَح للصحافة الفرنسية، قبيل انتهاء زيارته، أنه وجد رئيسا «لديه إلمام جيد بالملفات. فقد فوجئت كثيرا لدرجة متابعته للوضع». وتابع مبديا إعجابا بالرئيس الجزائري: «قال لي: كونوا فخورين بما أنجزتموه في مالي. أبلغوا هذا الكلام للرئيس هولاند». ويقصد بوتفليقة أن التدخل الفرنسي العسكري في مالي ضد الجماعات المسلحة، كان مهمة ناجحة ومصدر اعتزاز. ودرجت السلطات الجزائرية على القول بأنها ترفض التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، لذلك فإشادة بوتفليقة بالعملية العسكرية الفرنسية بمالي، جاءت مناقضة لما يعتبره الجزائريون «مبدأ ثابتا» لدى دبلوماسيتهم.

ومن بين ما قال أيرولت عن بوتفليقة: «إنه يتحلى بشجاعة كبيرة بعد مرضه، ويتابع جيدا الملفات». وذكر بخصوص اللقاء، أن المحادثات بينهما التي دامت 45 دقيقة: «جرت في ظروف حسنة جدا.. إنه شخص شجاع جدا»، يقصد أن بوتفليقة تمكن من التغلب على الجلطة الدماغية التي تركت آثارا سلبية على وظائفه الحسية. واللافت أن كلام أيرولت عن بوتفليقة، يختلف تماما عن المشاهد التي بثتها «كنال بلوس».

وعبَر ناشطون بشبكات التواصل الاجتماعي عن استيائهم من «الضحك على ذقوننا»، بحسب تعليق كمال على صفحته بـ«فيس بوك»، إذ كتب: «إذا كان الرئيس في صحة جيدة، فلماذا لا يخاطب شعبه ولماذا لا ينزل بنفسه إلى الميدان بدلا من الوزير الأول، ولماذا لا نراه في التلفزيون يخوض في القضايا الكبيرة التي تهم مصير البلاد؟!».