بوتين يفرج عن خودوركوفسكي أملا في تحسين صورة روسيا قبل الأولمبياد

المعارض البارز يغادر إلى ألمانيا وأنباء عن ضغوط أجبرته على طلب العفو

خودوركوفسكي (يسار) أثناء وصوله إلى برلين واستقباله من قبل هانس ديتريش غينشر السياسي التابع للحزب الديمقراطي الحر (يمين) أمس (رويترز)
TT

أفرجت السلطات الروسية، بموجب عفو وقّعه الرئيس فلاديمير بوتين، أمس، عن صاحب الإمبراطورية النفطية السابق ميخائيل خودوركوفسكي، وعلى الفور توجه أشهر سجين روسي «سابق» إلى ألمانيا. وأعلن الكرملين، في بيان أمس، أن الرئيس فلاديمير بوتين وقع مرسوم العفو عن خودوركوفسكي، وذلك غداة تأكيد الرئيس نفسه، وخلافا لكل التوقعات، فإن خودوركوفسكي الذي يفترض أن يتم الإفراج عنه في أغسطس (آب) 2014، تقدم إليه بطلب عفو لأسباب إنسانية إذ إن والدته مريضة. ومباشرة بعد الإفراج عنه توجه خودوركوفسكي إلى برلين، حسبما أكدت الخارجية الألمانية.

وفاجأ إعلان العفو عائلة رجل الأعمال السابق الذي كان أغنى رجل في روسيا ومحاميه. وصرحت والدته، مارينا، بصوت مضطرب بعد سماعها النبأ السار للتلفزيون الروسي: «لا أكاد أصدق ذلك». وقال محللون سياسيون واقتصاديون أن بوتين يسعى إلى تحسين أجواء الأعمال وصورة روسيا مع اقتراب دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي، في فبراير (شباط) المقبل، وهي مسألة تكتسي أهمية كبرى لدى الرئيس الروسي.

وذكرت صحيفة «كومرسانت» الروسية، أمس، أن خودوركوفسكي صاحب إمبراطورية النفط السابق المسجون منذ أكثر من عشر سنوات تقدم بطلب العفو الرئاسي إلى الرئيس بوتين، تحت ضغط الاستخبارات. ونقلت «كومرسانت» عن مصادر لم تحددها أنه بعد كشف القضاء الروسي في ديسمبر (كانون الأول) الحالي عن تحقيقات جديدة ضد خودوركوفسكي، يمكن أن تؤدي إلى محاكمة ثالثة له، التقى أعضاء في الاستخبارات مع صاحب النفوذ السابق. وروى له هؤلاء أن الوضع الصحي لوالدته يتدهور، وتحدثوا عن قضية جنائية ثالثة ضده، حسب الصحيفة التي أضافت أن «هذه المحادثة التي جرت بحضور محامين، أجبرت خودوركوفسكي على التوجه إلى الرئيس». وقال المحامون ووالدة خودوركوفسكي إنهم لا يملكون أي معلومات تتعلق بطلب العفو هذا.

وكان خودوركوفسكي يعد في إحدى الفترات أغنى رجل في روسيا، وأحد أكثر الشخصيات نفوذا في هذا البلد. وحُكم عليه في عام 2005 بالسجن مع الأشغال الشاقة ثمانية أعوام، إثر إدانته «بالاحتيال والتهرب الضريبي». وعلى أثر محاكمة ثانية بتهمة «سرقة النفط وتبييض أموال» بقيمة 23.5 مليار دولار، رفعت العقوبة إلى السجن 14 عاما.

ورأى مدافعون عن حقوق الإنسان وعدد من المراقبين الأجانب أن خودوركوفسكي، الذي يبلغ من العمر اليوم 50 عاما، كان ضحية تصفية حسابات نظمها فلاديمير بوتين. وتساءل ألكسي نافالني المعارض الرئيس لبوتين عن الحالة المعنوية لخودوركوفسكي بعد هذا العفو. وقال: «بعد الصمود عشر سنوات بكرامة.. ماذا يحمل في قلبه وعقله؟».

ويندرج العفو عن خودوركوفسكي في إطار قانون عفو أُقِر الأربعاء الماضي في مجلس النواب، ويُفترض أن يسمح بوقف الملاحقات ضد طاقم منظمة «غرينبيس» وبينهم 26 أجنبيا، والإفراج عن شابتين في فرقة «بوسي رايوت» وهما ملفان ساهما في الإساءة لصورة روسيا في الخارج.

ورحب وزير الخارجية الألماني الجديد فرانك فالتر شتاينماير، أمس، بنبأ الإفراج عن خودوركوفسكي. كما أكدت وزارة الخارجية الفرنسية في باريس أن «العفو الممنوح لخودوركوفسكي والإفراج عنه يشكلان نبأ سارا جدا». وقال مساعد الناطق باسم الوزارة فانسان فلورياني في لقاء مع صحافيين إن «فرنسا ترحب بتبني الدوما (مجلس النواب الروسي) في 18 ديسمبر قانون عفو سيترجم بالإفراج عن 25 ألف سجين، بينهم أعضاء فرقة (بوسي رايوت)».

من جهته، قال الخبير الاقتصادي الروسي سيرغي غورييف اللاجئ في فرنسا، بعدما استجوب عدة مرات في روسيا عن علاقاته مع خودوركوفسكي، إن إطلاق سراحه «مؤشر مهم جدا». وأضاف في رسالة إلكترونية أن «الأمر بحد ذاته لا يغير شيئا، لكنه يعطي الأمل لكل المستثمرين». لكنه أكد في الوقت نفسه أنه لا ينوي العودة إلى روسيا.

ورأت صحيفة «فيدوموستي» أن بوتين «لديه عدة أسباب لتسوية قضية خودوركوفسكي؛ تدهور صورة روسيا في الخارج عشية الألعاب الأولمبية في سوتشي، وانكماش الاقتصاد، والمناخ السيئ للأعمال».

وأشارت إلى أن نبأ الإفراج عنه أدى إلى ارتفاع البورصة يوم أمس. أما الشريك الرئيس لخودوركوفسكي بلاتون ليبيديف، الذي أُوقف وحوكم معه، فيفترض أن تنتهي عقوبته في مايو (أيار) 2014. لكن محاميه قال إنه سيبحث معه في إمكانية التقدم بطلب عفو.