«الوكر المفخخ» في وادي حوران بالأنبار يودي بحياة قائد الفرقة السابعة في الجيش العراقي

مقتل الكروي مع 14 من ضباطه وجنوده خلال مداهمة لأحد مواقع «القاعدة»

شرطي يفتش زوارا في طريقهم إلى كربلاء أمس للمشاركة في إحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين (أ.ب)
TT

في تطور أمني لافت في محافظة الأنبار، أعلنت وزارة الدفاع العراقية، أمس، مقتل قائد الفرقة السابعة في الجيش العراقي العميد الركن محمد الكروي مع أربعة ضباط آخرين وعشرة جنود، بعد مداهمته مع قوة من جنوده وكرا لتنظيم القاعدة في وادي حوران غرب محافظة الأنبار.

وقال بيان للوزارة إنه «نتيجة لورود معلومات بقيام تنظيم القاعدة الإرهابي بفتح معسكرات لتدريب عناصره الإرهابية على صنع العبوات والأحزمة الناسفة وتفخيخ العجلات، تيسرت معلومات استخباراتية مؤكدة تفيد بأن عناصر التنظيم قد اجتمعت بأعداد أكثر من ستين إرهابيا في منطقة وادي حوران غرب محافظة الأنبار». وأضاف البيان أنه «بعد مطابقة المعلومات من قبل طائرات استطلاع القوة الجوية حيث استقرت الأهداف، جرى تصويرها بوضوح، وتحديد مواقعها، وقصفها من قبل قوة طيران الجيش». وتابع البيان «ومن أجل عدم إعطاء الفرصة للتنظيمات الإرهابية للتسلل وترك المعسكر بعد قصفه قامت قوة من قيادة الفرقة السابعة بإمرة قائد الفرقة العميد الركن محمد الكروي وعدد من الآمرين بتنفيذ الواجب»، مشيرا إلى أنه «نتيجة للمواجهات العنيفة التي أدت إلى ضرب أوكار الإرهاب وقواعده قامت قوة بمطاردة تلك الفلول الفارة وعبر طرق وعرة، وأدت المطاردات إلى انفجار إحدى العبوات على القوة المطاردة مما أدى إلى استشهاد قائد الفرقة العميد الركن محمد الكروي وعدد من مرافقيه وجرح آخرين».

من جهته، نفى المستشار الإعلامي لوزارة الدفاع الفريق الركن محمد العسكري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، الأنباء التي تحدثت عن أن مقتل قائد الفرقة السابعة في الجيش العراقي جاء نتيجة كمين نصبه تنظيم القاعدة قائلا «لا صحة لمثل هذه المعلومات، إذ إن المعلومات التي حصلت عليها الأجهزة المختصة كانت صحيحة بوجود عناصر من هذا التنظيم هناك وهو ما أدى إلى مداهمتها». وأضاف العسكري أن «ما حصل كان انفجار عبوة على القوة العسكرية المطاردة»، مضيفا أن «الجيش العراقي قدم خلال هذه الفترة كوكبة من ضباطه وجنوده ممن قاموا بأعمال بطولية في سبيل الوطن وتحطيم شوكة الإرهاب في أي مكان يوجد فيه».

وكان مصدر أمني في محافظة الأنبار قد كشف عن أن الكروي قام «قبل يومين بزيارة زعماء العشائر ووجهاء الأنبار لكسب الدعم له في محاربة المجاميع المسلحة هناك»، مشيرا إلى أنه «تلقى معلومات حول وجود معسكر لتدريب المسلحين في وادي حوران في قضاء الرطبة غرب الأنبار وتوجه إليه». وطبقا للمعلومات فإن «المعسكر عبارة عن منازل طينية معدودة وخيام، وقام القائد برفقة جنود الفرقة بمداهمة المعسكر، الذي انفجر حال دخولهم للمنطقة بالكامل»، مبينا أن «الوكر كان مفخخا بشكل محكم لغرض اغتيال قائد الفرقة والجنود الذين يرافقونه».

وأصدر رئيس الوزراء نوري المالكي، القائد العام للقوات المسلحة، بيان تعزية قال فيه إن «هؤلاء الأبطال الذين يخوضون أشرف المعارك ضد أعداء الله والإنسانية وقتلة العراقيين إنما يخوضون معارك يومية في الليل والنهار من دون أن يعلم بهم أحد من أجل عز العراق وسلامة العراقيين وأمنهم جميعا من دون استثناء». وأضاف «أعزي جيشنا الباسل بفقده لأحد قادته الأبطال، كما أتقدم إلى عائلة الشهيد وعوائل الشهداء الآخرين الذين استشهدوا معه بأحر التعازي، وأدعو كل أفراد جيشنا الباسل وقواتنا المسلحة إلى الضرب بيد من حديد على رؤوس الشرذمة الخبيثة وملاحقتهم في كل مكان حتى يتم القضاء عليهم وتطهير العراق من دنسهم».

على صعيد متصل، زار وفد عسكري رفيع المستوى من وزارة الدفاع محافظة الأنبار أمس للوقوف على ملابسات مقتل قائد الفرقة السابعة، وهو أبرز ضابط عراقي يقتل في مواجهة مع المجاميع المسلحة منذ سنوات.

من جهتها، اعتبرت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أن ما حصل يندرج في سلسلة الأخطاء التي ترتكب من قبل الجهات المسؤولة وهو ما يؤدي إلى وقوع خسائر كبيرة. وقال عضو البرلمان عن كتلة التحالف الكردستاني وعضو لجنة الأمن البرلمانية، شوان محمد طه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «ملابسات الحادث ربما تكون موضع خلاف ولكن في كل الأحوال فإن العملية لا تتعلق ببطولة أو مواقف يسجلها أبناء الجيش العراقي لأنهم يؤدون واجباتهم بإخلاص ولا أحد يشك في ذلك، لكن عندما يتعلق الأمر بمواجهة الإرهاب فإن ما نلاحظه أن المبادرة لا تزال بيد الإرهابيين على كل المستويات».

وأضاف طه أن «الأمر يحتاج إلى خطة عسكرية ناجحة وليس إلى مواجهات فردية، لأنه ومهما كانت نوعية العمل البطولي فإنه لا يغير من استراتيجية المواجهة من قبل قوى الإرهاب، التي تهدف إلى إيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوف القوات المسلحة والمواطنين».

وتخوض القوات العراقية، بعد عامين من الانسحاب الأميركي، معركة يومية ضارية تصارع فيها للحد من تصاعد أعمال العنف التي بلغت معدلات لم يشهدها العراق منذ عام 2008، في ذروة الانتشار العسكري الأميركي. وتجد القوات العراقية نفسها وحيدة اليوم في مواجهة جماعات مسلحة تستمد زخما من النزاع في سوريا المجاورة، ومن استياء المكون السني الذي يشكو من تعرضها لتهميش واستهداف من قبل الأكثرية الشيعية الحاكمة. وتعتبر صحراء الأنبار المجاورة لسوريا أحد أكبر معاقل تنظيم القاعدة، حيث انطلقت منها على مدى الأشهر الأخيرة هجمات دامية استهدفت قوات الأمن في المحافظة.

وفي هجمات أخرى أمس، أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية، قتل قائد الشرطة في قضاء الشرقاط (290 كم شمال غربي بغداد) العقيد أحمد البطاوي، وأصيب خمسة عناصر من الشرطة بجروح، في انفجار عبوة استهدفت دوريتهم في القضاء، وفقا لرائد في الشرطة ومصدر طبي. كما قتل أربعة من عناصر الشرطة العراقية في هجمات استهدفت نقاط تفتيش في الفلوجة (60 كم غرب بغداد)، وفقا لمصادر أمنية وطبية.