خودوركوفسكي يعاود حياته رجلا حرا في ألمانيا ويلتقي عائلته

برلين لعبت دورا في الكواليس من أجل إطلاق رجل الأعمال الروسي

خودوركوفسكي يقدم أول مقابلة صحافية مع صحيفة «نيو تايمز» في برلين أمس غداة إطلاق سراحه (رويترز)
TT

التقى صاحب الإمبراطورية النفطية السابقة الروسي ميخائيل خودوركوفسكي الذي عفا عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ابنه البكر بافل في برلين، حيث بدأ أمس ممارسة حياته الجديدة رجلا حرا بعد أن قضى نحو عشر سنوات في السجن.

وبعد ساعات قليلة من إطلاق سراحه من المعتقل وصل خودوركوفسكي (50 سنة)، مساء أول من أمس، إلى مطار شوينفيلد ببرلين على متن طائرة خاصة، حيث قضى ليلته الأولى في فندق أدلون، وصباح أمس اصطف نحو عشرين صحافيا أمام الفندق أملا في التقاط بعض الصور له. وسرعان ما التحق به ابنه البكر بافل.

وقالت أولغا بيسنانين المتحدثة باسم خودوركوفسكي لإذاعة «صدى موسكو» إن «الابن البكر لخودوركوفسكي التقى والده، وهما حاليا معا في برلين». دون أن تعطي مزيدا من التفاصيل. وأضافت أن «والدة ووالد خودوركوفسكي مارينا وبوريس سيتوجهان كذلك إلى برلين للقائه وتقبيله»، مشيرة إلى أنه سيعقد مؤتمرا صحافيا (اليوم) الأحد لكن مكان هذا المؤتمر وزمانه لم يحددا حتى الآن.

وفي اتصال هاتفي مع تلفزيون «روسيا واحد»، قالت والدته مارينا (79 سنة) أمس: «لقد تحملنا الألم ولكنه صعب علينا أيضا تحمل الفرح»، مشيرة إلى أنها بصحة جيدة حتى الآن. وكانت وسائل إعلام روسية أشارت في وقت سابق إلى أنها تعاني السرطان.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد الخميس، خلافا لكل التوقعات، أن خودوركوفسكي الذي يفترض أن يفرج عنه في أغسطس (آب) 2014 تقدم إليه بطلب عفو لأسباب إنسانية؛ إذ إن والدته مريضة. وقال بوتين في بيان نشره الكرملين الجمعة: «مسترشدا بمبادئ إنسانية، قررت أن ميخائيل بوريسوفياتش خودوركوفسكي يجب أن يفرج عنه قبل انتهاء عقوبته، وهذا المرسوم يدخل حيز التنفيذ على الفور».

وفي أول تصريحات له منذ الإفراج عنه، قال خودوركوفسكي الذي كان أغنى رجل في روسيا، إن طلبه العفو لم يكن اعترافا بالاتهامات الموجهة إليه، وشكر هانز ديتريش غينشر الذي تولى وزارة الخارجية الألمانية من 1974 وحتى 1992.

ويرى محللون أن سرعة إطلاق سراحه وسفره إلى ألمانيا قد تدل على اختياره العيش في المنفى رغم تأكيد المتحدث باسم الكرملين أن باستطاعته العودة إلى بلاده وقتما يشاء. ورفض المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف القول ما إذا كانت بلاده وضعت شروطا للإفراج عن خودوركوفسكي وما إذا يستطيع السجين السابق الذي يبلغ الخمسين من عمره ممارسة السياسة في بلاده. وأضاف بيسكوف من جهة أخرى أن خودوركوفسكي كتب رسالتين إلى بوتين، الأولى رسمية قصيرة والثانية طويلة وشخصية. ولم يقدم مزيدا من التفاصيل.

من جانبها، صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن بلادها عملت «في الكواليس» من أجل إطلاق سراح خودوركوفسكي. وقال شتيفن سايبرت الناطق باسم ميركل في بيان مساء أول من أمس إن وزير الخارجية الألماني الأسبق غينشر «تابع الملف في الكواليس بشكل مكثف، وعمل بجد ونجاح على إيجاد الحلول، بدعم من المستشارة ومن وزارة الخارجية» الألمانية. وبدوره، أكد غينشر (86 سنة)، الذي التقى مرتين الرئيس بوتين من أجل هذه القضية، أنه استقبل الثري الروسي عند نزوله من طائرة خاصة أقلته إلى برلين. وأوضح أنه تحرك «لأسباب إنسانية» بعدما طلب منه محامو خودوركوفسكي «دعمهم في جهودهم لإطلاق سراحه». وقال غينشر للموقع الإلكتروني لمجلة «دير شبيغل» إن خودوركوفسكي «متعب لكنه سعيد بحريته».

وكان خودوركوفسكي، وهو أب لأربعة أطفال، يعد واحدا من المواطنين الأكثر تأثيرا في روسيا، وبحسب المدافعين عن حقوق الإنسان والكثير من المراقبين الأجانب، فإنه سجن بسبب طموحاته السياسية كونه أصبح رمزا مناهضا للاستبداد في روسيا. وقد وصل خودوركوفسكي أول من أمس إلى برلين بعد ساعات من خروجه بسرية تامة من سجنه في كاريليا (شمال غربي روسيا). وأشارت صحيفة المعارضة اليومية «نيو تايمز» التي روى خودوركوفسكي لها حياته في المعتقل، أنه اتصل بها ليشكرها على دعمه له. وكتبت الصحيفة: «أهم شيء الآن هي الحرية، الحرية، الحرية». ونقلت الصحيفة عن خودوركوفسكي القول: «أنا ممتن لكم ولجميع الذين ساندوني في هذا الوقت. لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به للإفراج عن الرهائن الذين لا يزالون في السجن، وخصوصا بلاتون ليبيديف»، وهو زميل له.

ومن المفترض أن يطلق سراح ليبيديف الذي اعتقل وحوكم وأدين مع خودوركوفسكي في مايو (أيار) 2014، وكان القضاء الروسي حكم على خودوركوفسكي في 2005 بالسجن مع الأشغال الشاقة ثمانية أعوام إثر إدانته «بالاحتيال والتهرب الضريبي». وعلى أثر محاكمة ثانية بتهمة «سرقة النفط وتبييض أموال» بقيمة 23.5 مليار دولار، رفعت العقوبة إلى السجن 14 عاما. ويرى مدافعون عن حقوق الإنسان وعدد من المراقبين الأجانب أن خودوركوفسكي كان ضحية تصفية حسابات نظمها فلاديمير بوتين.