أسماء عالمية تتنافس على لقب «مانديلا الجديد»

أوجه الشبه ترشح البرغوثي وأوجلان وسو تشي وتشياباو

أعضاء من الجالية الجنوب أفريقية في مدينة أتلانتا الأميركية يغنون أمام صورة لمانديلا خلال حفل لنعيه في 12 من الشهر الحالي (أ.ب)
TT

هل سيعرف العالم مانديلا آخر؟ فقد استولى المنشقون وحركات المقاومة وحتى الحكومات على إرث رمز المصالحة، لكن ليس من المحتمل على ما يبدو أن تبرز شخصية شبيهة بمانديلا. ومع رحيل بطل النضال ضد نظام التمييز العنصري، يجازف البعض بمقارنة الحياة الاستثنائية لنيلسون مانديلا بنضالات سياسية شكلت مبادئ الشجاعة والتضحية أبرز مقوماتها.

ويطرح كريستوفر هيوغ، من «مدرسة لندن للعلوم الاقتصادية» (لندن سكول أوف إيكونوميكس) اسم المنشق الصيني الحائز لجائزة نوبل للسلام ليو تشياباو، الذي تتوافر لديه كما يقول عناصر شبه بنيلسون مانديلا. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها عن هيوغ قوله «هناك عناصر شبه. فهو في الزنزانة وسجين رأي، لكن مانديلا كان يمثل بالتأكيد الأكثرية السوداء في جنوب أفريقيا، أما ليو فمن الصعب القول إنه يمثل أكثرية»، مشيرا إلى أن «النقاد يقولون إنه مفكر يعيش في برج عاجي ولا يعرف الحياة الفعلية لعامة الناس».

ويريد الفلسطينيون من جهتهم أن يعتبر العالم مروان البرغوثي الذي يقبع في السجن منذ أحد عشر عاما مانديلا فلسطينيا. وقد وقع البرغوثي، أحد قادة الانتفاضة الثانية (2000 - 2005)، الذي حكمت عليه إسرائيل بالسجن مدى الحياة لتورطه في هجمات قاتلة، وثيقة من زنزانته بعد وفاة مانديلا. وذكر البرغوثي في رسالته بأن مانديلا قال «حريتنا منقوصة من دون حرية الفلسطينيين». وأضاف «من زنزانتي أقول لكم إن حريتنا تبدو ممكنة لأنكم حصلتم على حريتكم. ولم ينتصر الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ولن ينتصر في فلسطين». لكن قسما من المتحفظين يرفضون مقارنة المعاملة التي يلقاها الفلسطينيون من قبل الإسرائيليين بتلك المتعلقة بالأكثرية السوداء خلال فترة التمييز العنصري.

وقد فازت الناشطة المدافعة عن الديمقراطية في ميانمار أونغ سان سو تشي التي أمضت سنوات طويلة في السجن بلقب «مانديلا آسيا». وحصلت سو تشي التي توفي زوجها بالسرطان في بريطانيا لدى وجودها في السجن، على جائزة نوبل للسلام على غرار مانديلا، وتشبه تضحياتها بتضحياته. إلا أن «سيدة يانغون» التي انتخبت نائبة، اختارت التسويات. فقد حصلت على حريتها، ويبدو مستقبل بلادها اليوم واعدا، لكن الجيش ما زال يمسك بمقاليد الحكم. وفيما أصبح مانديلا بعد خروجه من السجن بطلا فوق الانقسامات العرقية في جنوب أفريقيا، توجه إلى سو تشي تهمة التقاعس عن تقديم الدعم الكافي لأقلية الروهينغيا المسلمة التي تواجه أعمال عنف.

و«مانديلا الآسيوي»» الآخر، هو شانانا غوسماو، رئيس وزراء تيمور الشرقية المستقلة، الذي أمضى سبع سنوات في سجن إندونيسي لأنه قام بحملة من أجل استقلال نصف الجزيرة. وكان مانديلا زار شانانا غوسماو بعيدا عن الأضواء في زنزانته بجاكرتا في عام 1997، وغالبا ما قال غوسماو إن النموذج الجنوب أفريقي قد ألهمه. لكن حكومته متهمة اليوم بالفساد.

ويقارن أكراد من جهتهم الزعيم الانفصالي عبد الله أوجلان بمانديلا من خلال وصفه بأنه مقاتل من أجل الحرية سجنته السلطات التركية واتهمته بالإرهاب. وعلى غرار مانديلا الذي كان ينادى «تاتا» أي «الأب»، يعرف أوجلان في كردستان بـ«أبو» أي «العم». لكن الأتراك الذين يصفون أوجلان بأنه «قاتل الأطفال» بعد الهجمات التي شنها حزب العمال الكردستاني، يحتجون على هذه الصفات الأبوية التي يسبغها عليه أنصاره.

وفي حالة مانديلا، كان الفصل العنصري «وصمة العار» على ضمير الإنسانية، أكثر من نظام قمعي، وهذا ما أسهم في جعله قضية دولية. لذلك تقبلت المجموعة الدولية وغفرت لمانديلا لجوءه إلى الكفاح المسلح وأعمال التخريب التي أسفرت عن مقتل مدنيين. ويقول هيوغ إن الأمر ليس بهذه السهولة في نظر المنشقين والسجناء السياسيين اليوم. لكن، وعلى الرغم من الفروقات، تبقى رسالة مانديلا «الرجل المستعد للتضحية بحريته وربما بحياته من أجل مبادئه السياسية قوية ويبقى هو نموذجا مثاليا يلهم المنشقين في كل أنحاء العالم».