إصابة ثلاثة جنود أميركيين في جنوب السودان بإطلاق نار وأنباء عن قصف جوي أوغندي على مواقع المتمردين

المتحدث باسم جيش الجنوب لـ «الشرق الأوسط» : رغم انشقاق قائد عسكري في ولاية الوحدة ما زلنا نسيطر على حقول النفط

فارون من الحرب في جنوب السودان يصلون إلى مجمعات وكالات الإغاثة الدولية في مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي شرقي البلاد أول من أمس (أ.ب)
TT

أصيب ثلاثة جنود أميركيين جراح أحدهم خطيرة إثر تعرض الطائرة العسكرية التي كانت تقلهم إلى إطلاق نار خلال قرب مدينة بور التي سيطرت عليها قوات تابعة لنائب رئيس جنوب السودان السابق رياك مشار الخميس الماضي، والذي يقود حربا ضد حكومة الرئيس سلفا كير ميارديت، مع وصول المبعوث الأميركي الخاص إلى جنوب السودان السفير دونالد بوث إلى جوبا في محاولة أخيرة لتهدئة الأوضاع وإنهاء الأزمة، في وقت أكد فيه المتحدث باسم جيش الدولة انشقاق نائب قائد جيش البلاد في ولاية الوحدة وانضمامه إلى مشار، والذي أعلن سيطرته على الولاية الغنية بالنفط في شمال البلاد في الحدود مع السودان.

في غضون ذلك كشف شهود عن قصف بالطيران على مناطق في ولاية جونقلي ويعتقد أن الطائرات أوغندية، لكن المتحدث باسم جيش الجنوب نفى ذلك. وقال مصدر عسكري في جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط» إن طائرة عسكرية أميركية كانت تقل جنودا أميركيين ومتجهة نحو مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي شرقي البلاد تم إطلاق نار عليها من مجهولين ولا يعرف إن كان الذين أطلقوها من التابعين لقوات رياك مشار، وأضاف أن الطائرة كانت تتجه نحو بور لإجلاء رعايا أميركيين وأن النار أصابت 3 من الجنود الأميركيين إصابة أحدهم حرجة، وأضاف أن الطائرة عادت إلى أوغندا ثم اتجهت إلى نيروبي لعلاج المصابين، ويعتبر هذا ثاني استهداف لجنود أجانب في جنوب السودان في أقل من 72 ساعة في أحداث العنف التي دخلت أسبوعها الثاني حيث قتل ثلاثة جنود هنود تابعين لبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في منطقة اكوبو في ولاية جونقلي، وقد وصلت قوات أوغندية إلى جانب الأميركية والكينية إلى جنوب السودان وجميعها لإجلاء رعايا بلادهم.

ومع تطورات هذه الأحداث التي أخذت طابعا أكثر تعقيدا وصل المبعوث الأميركي الخاص إلى جنوب السودان السفير دونالد بوث إلى جوبا في مهمة قد تبدو أخيرة من واشنطن لإجراء مباحثات مع الأطراف المتنازعة في الدولة التي استقلت قبل عامين، وهددت الإدارة الأميركية بوقف كافة المعونات إلى جوبا في حال استمرار العنف الذي أصبح يأخذ طابعا إثنيا بين أكبر قبائل الدولة الحديثة (النوير والدينكا)، وكان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، قد أعلن أول من أمس، أن بلاده ستبعث موفدها الخاص إلى السودان وجنوب السودان.

إلى ذلك أبلغ شهود عيان من مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة الغنية بالنفط «الشرق الأوسط» عن سيطرة كاملة لقوات منشقة موالية لنائب الرئيس السابق الدكتور ريك مشار على المدينة، وقد أكد حاكم الولاية جوزيف منجتويل في زيارة خارجية لمقاطعة ميوم غربي بانتيو صحة ذلك، وقد أعلن نائب قائد الجيش بالمنطقة اللواء جيمس كون شول عن تنصيب نفسه حاكما عسكريا للولاية، معلنا عن خروج المنطقة عن سيطرة قوات الحكومة.

وأفادت مصادر من بانتيو لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الحكومة في الفرقة الرابعة قد تمت محاصرتها في الوقت الذي لجأت فيه بعض تلك القوات لمقر الأمم المتحدة في المدينة، وقالت المصادر إن القوات المنشقة قد أرسلت تعزيزات للمناطق الحيوية داخل المدينة مثل الأسواق والبنوك والمواقع الاستراتيجية من أجل تأمينها، ولم ترد أنباء عن مدى سيطرة أي من القوات على حقول النفط، وقال شهود آخرون إن القوات التي انشقت توجهت إلى بلدة فاريانق شمال شرقي الولاية. من جانبه أكد العقيد فيليب أقوير الناطق الرسمي باسم جيش جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط» صحة انشقاق نائب قائد الوحدة الرابعة العميد جيمس كون شول وانضمامه للتمرد الذي يقوده الدكتور ريك مشار تينج، وقال أقوير إن قوات الحكومة ما زالت تفرض سيطرتها على مناطق إنتاج النفط في حقلي «الوحدة، وثارجاث»، شمالي ولاية الوحدة، نافيا صحة الشائعات التي تتحدث عن قصف جوي قام به الطيران العسكري الأوغندي على المنشقين عن الحكومة في ولاية جونقلي شرقي البلاد الذين يسيطرون على الولاية بالكامل، وقال إن قوات التمرد قامت بضرب طائرة أميركية كانت متوجهة إلى جونقلي لإجلاء رعاياها، وقال إن ثلاثة من أفراد طاقم الطائرة قد أصيبوا بالطلق الناري دون أن تكون هناك وفيات. من جهة أخرى أكد رئيس هيئة أركان جيش جنوب السودان الفريق جيمس هوث ماي في تصريحات له أمس أن الحياة عادت إلى طبيعتها في جوبا بعد الأحداث التي شهدتها طوال الأسبوع الماضي على خلفية ما تصفه الحكومة بالمحاولة الانقلابية الفاشلة من قبل نائب الرئيس رياك مشار، وقال إن الوحدات العسكرية في أنحاء دولته متماسكة وليس بها مشكلات فيما عدا بعض المواقع، وشدد على أن قواته ستفرض وجودها في ولاية جونقلي شرقي البلاد قريبا، دون تحديد موعد قاطع، وكانت قوات تابعة لمشار بقيادة بيتر قاديت قد فرضت سيطرتها على عاصمة الولاية بور وعدد من المواقع (أوكوبو، وبيبور، وميار)، وقال «المتمردون أصبحوا يعيثون فسادا بالنهب والقتل مما دفع إلى هروب أعداد كبيرة من المواطنين إلى خارج مدينة بور»، وأضاف «سنصل إلى بور قريبا».

وقال ماي وهو ينحدر من ذات قبيلة رياك مشار (النوير) إن جيش جنوب السودان ليس جيشا ينتمي إلى قبيلة أو حزب معين وإنما جيش قومي مهمته حماية أراضي ودستور البلاد وسيادتها. وكانت تقارير صحافية قد أشارت إلى دخول قوات موالية لمشار إلى مناطق النفط في ولاية الوحدة، وأنها أحكمت سيطرتها عليها، وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 200 من عمال حقول النفط فروا إلى مقر لبعثتها في بانتيو عاصمة الولاية.

من جهته أعلن نائب رئيس جنوب السودان جيمس واني إيقا عن أن حكومته ستنزل عقوبات صارمة على أفراد قوات الأمن الذين تورطوا في عمليات استهداف المدنيين على أساس إثني خلال الاشتباكات الأخيرة، وقال إيقا إن رئيس البلاد سلفا كير ميارديت قدم توجيهات للوحدات العسكرية بعدم استهداف ضباط وجنود أو مدنيين على أساس الانتماء العرقي، مضيفا أن الحكومة ستوقع أقصى العقاب على من قاموا باستهداف المدنيين على أساس انتماءاتهم الإثنية.

وذكر شهود عيان أمس أن ما لا يقل عن ثلاث طائرات من سلاح الجو الأوغندي قصفت مواقع يسيطر عليها الجنرال المتمرد بيتر قاديت ياك في «بور» عاصمة ولاية جونقلي شرقي جنوب السودان، وهو موال لنائب الرئيس رياك مشار.

ونقلت وكالة أنباء جنوب السودان المستقلة تقارير عن إسقاط قوات الجنرال قاديت لإحدى هذه الطائرات، فيما قال وزير الإعلام المتحدث باسم حكومة جنوب السودان مايكل ماكوي لـ«الشرق الأوسط»، إن حكومته لا علم لها بشأن القصف الجوي ولا تعرض طائرة أميركية لإطلاق نار في بور.

بيد أنه حمّل المسؤولية كاملة لقوات قاديت حال تعرض طائرة الإجلاء الأميركية للقصف بقوله: «إذا حدث هذا فنحن غير مسؤولين عنه ولا نملك قوات في تلك المنطقة»، وهو الأمر الذي يؤكد سيطرة القوات الموالية لنائب الرئيس على المنطقة، ومغادرة أفراد الجيش الموالي للرئيس لها، على الرغم من أنه أنكر سيطرة قوات مشار على الولاية تماما، وقال إنها تسيطر جزئيا على الولايتين.

وأضاف أن الرئيس سلفا كير وافق على الحوار مع المجموعة الانقلابية، إلا أن نائبه السابق رياك مشار رفض الحوار، وهو يصر على قتل المدنيين، حسب عبارة الوزير.

ونفى الوزير مايكل مكوي وجود أي قوات أميركية أو أفريقية في بلاده، وكذب تقارير تحدثت عن حشود لقوات سودانية على الحدود مع بلاده، على الرغم من إعلان أميركا أنها أرسلت قوة من 45 جنديا أميركيا لجنوب السودان لحماية المصالح الأميركية، وفي الوقت ذاته أكدت وسائل إعلام أوغندية دخول قوات خاصة إلى جنوب السودان، ويتوقع وصول تعزيزات إضافية لها، وإعلان الولايات السودانية المحادة لجنوب السودان عن اتخاذها إجراءات لتأمين حدودها من تطورات الحرب الجارية هناك.

وجاء قصف الطيران الأوغندي لمعسكرات قديت بعد يوم من شيوع أمر إرسال أوغندا لقوات خاصة إلى جوبا، تحت الزعم أنها جاءت تلبية لطلب رئيس الدولة سلفا كير ميارديت، في الوقت الذي راجت فيه تقارير أن تلك القوات دخلت جنوب السودان لتأمين إجلاء الرعايا الأوغنديين في جنوب السودان.