«مجزرة» بعد استهداف حافلة بالبراميل المتفجرة بحلب.. وقتلى بسيارة مفخخة بحمص

الصليب الأحمر الدولي: نصف مليون جريح سوري يفتقد غالبيتهم للعلاج

جانب من الدمار في مدينة دوما بريف دمشق بعد تعرضها لقصف عنيف من جانب قوات النظام أمس (رويترز)
TT

لم يثن اتهام منظمة «هيومن رايتس ووتش» النظام السوري بـ«تعمد» قتل المدنيين في مدينة حلب، أول من أمس، عن مواصلته قصف الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية بالبراميل المتفجرة التي استهدفت أمس حافلة مسافرين (بولمن) على أوتوستراد مساكن هنانو، مؤدية إلى مقتل وجرح العشرات. وبينما تحدثت لجان المعارضة عن «مجزرة» جديدة في حلب، أدى تفجير سيارة مفخخة ببلدة ذات غالبية شيعية بريف حمص إلى قتل نحو 10 أشخاص بينهم خمسة تلاميذ.

في موازاة ذلك، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن «هناك نصف مليون جريح في سوريا، يفتقد العديد منهم إلى العلاجات الأساسية». وقال رئيس بعثتها بسوريا ماغني بارث إن «حصيلة القتلى ترتفع وهناك نصف مليون جريح تقريبا في كل أنحاء سوريا والملايين لا يزالون نازحين، وعشرات الآلاف معتقلون»، مشيرا إلى أن «الإمدادات بالغذاء والحاجات الأخرى الأساسية تنفد بشكل خطير، ولا سيما في المناطق المحاصرة»، كما أن «شرائح واسعة من السكان، ولا سيما في مناطق متأثرة مباشرة بالقتال بما فيها شرق حلب، تعاني من نقص في العناية الطبية». ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر «كل الأطراف في سوريا إلى تطبيق القانون الإنساني الدولي»، مشيرة إلى أن «فرقها لا تزال ممنوعة من الدخول إلى المناطق المحاصرة لإيصال المساعدات بما فيها المناطق التي تحتاج إلى مساعدات طبية ملحة».

ميدانيا، أفاد مركز حلب الإعلامي بـ«مجزرة على أوتوستراد مساكن هنانو، حيث دمرت البراميل المتفجرة حافلة لم ينج أحد بداخلها، ونحو 10 سيارات، إضافة إلى انهيار بناء سكني على الطريق العام»، في حين أورد «مكتب أخبار سوريا» حصيلة أولية لضحايا الانفجار، بينهم 50 قتيلا على الأقل وعشرات الجرحى. وأكد ناشطون معارضون أن المستشفيات غصت بالقتلى والمصابين نتيجة استهداف النظام لأحياء عدة في حلب.

من ناحيته، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى سقوط «عشرات الشهداء والجرحى» في قصف بالبراميل المتفجرة على أوتوستراد مساكن هنانو الحيدرية قرب سوق الجمعة ومناطق في أحياء الصاخور والأحمدية وبعيدين وأرض الحمرا في مدينة حلب.

وأظهر شريط فيديو على موقع «يوتيوب» صورا مروعة عن برك من الدماء داخل حافلة مدمرة ومحترقة واقتلعت مقاعدها من أماكنها مع آثار دماء عند كل مقعد تقريبا وعلى الزجاج الأمامي حيث يجلس السائق. وأظهر شريط آخر عددا من السيارات المتفحمة والشاحنات التي تحول بعضها إلى كتل من المعدن، إضافة إلى مبنى منهار في حي الحيدرية، وسط ذهول واضح على وجوه عدد من الأشخاص المتجمعين في المكان.

وبث ناشطون شريط فيديو ثالثا يظهر عملية انتشال القتلى من بين أنقاض المبنى على وقع هتاف المتجمعين: «الله أكبر». وعمل رجال اعتمروا خوذات بيضاء على وضع الجثث على حمالات بينما كان أشخاص آخرون بلباس مدني ينقلونها من المكان. وتدأب القوات النظامية منذ أسبوع على استهداف أحياء خاضعة لسيطرة المعارضة في شرق مدينة حلب بغارات جوية مكثفة حصدت مئات القتلى، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطين. وتستخدم في القصف بانتظام «البراميل المتفجرة» التي تحتوي على أطنان من المتفجرات ويصعب التحكم بالهدف الذي تلقى عليه. واتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أول من أمس النظام السوري بـ«تعمد استهداف المدنيين». وقالت في تقرير صادر عنها إن «سلاح الجو السوري إما غير كفء إلى حد الإجرام ولا يكترث لقتل أعداد كبيرة من المدنيين، وإما يتعمد استهداف المناطق التي يوجد فيها المدنيون».

وأدى القصف النظامي المتواصل في ريف حلب إلى «حالة هلع وحركة نزوح كبيرة للأهالي باتجاه الأراضي الزراعية رغم البرد الشديد»، وفق ما أعلنته الهيئة العامة للثورة السورية، أمس. وفي ريف حمص الشرقي، وسط سوريا، انفجرت سيارة مفخخة أمس قرب مدرسة ابتدائية في بلدة أم العمد، ذات الغالبية الشيعية، تضاربت التقديرات حول عدد ضحاياه بين ستة وعشرة. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بوقوع «تفجير إرهابي بسيارة مفخخة» قرب مدرسة ابتدائية ببلدة أم العمد، مشيرة إلى «معلومات أولية وغير نهائية عن استشهاد خمسة طلاب ومستخدمين اثنين».

وفي حين لفت المرصد السوري إلى أن «الانفجار أوقع ستة قتلى بينهم أطفال» في البلدة التي قال إنها «تضم سكانا ينتمون إلى الطائفة الشيعية»، مشيرا إلى أن «العدد مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى بحالات خطرة»، ذكرت قناة «سكاي نيوز عربية» أن تسعة قتلى وأكثر من 25 جريحا سقطوا في الانفجار.

وفي دمشق وريفها، قال «اتحاد تنسيقات الثورة» إن القوات الحكومية قصفت كلا من يبرود ومعلولا في سلسلة جبال القلمون والتي سيطرت عليها فصائل المعارضة العسكرية منذ نحو شهر. وأفاد المرصد السوري بـ«اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات جيش الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي (جبهة النصرة) و(الدولة الإسلامية) وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى في مدينة عدرا العمالية، بالتزامن مع قصف نظامي استهدف المدينة ومناطق في مدينة الزبداني ومخيم خان الشيح».

في موازاة ذلك، بدأت الكهرباء بالعودة تدريجيا إلى أحياء العاصمة دمشق بعد انقطاعها إثر استهداف مسلحين لخط الغاز المغذي لمحطات توليد الكهرباء في المنطقة الجنوبية قرب مطار دمشق الدولي في ريف دمشق، مما أدى أول من أمس إلى انقطاع التيار الكهربائي عن كامل المنطقة. ونقلت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من النظام السوري، في عددها الصادر أمس، عن مصادر في وزارة الكهرباء قولها إن «ورش الصيانة ستسرع بإصلاح ما خربه هذا الاعتداء الإرهابي والعمل على إعادة التغذية الكهربائية للمواطنين تدريجيا».

وفي محافظة طرطوس، شهدت مدينة بانياس استنفارا عسكريا نظاميا ليل السبت/ الأحد، تخلله تمركز لآليات وراجمات صواريخ ومضادات للطيران في أنحاء عدة من المدينة، بموازاة انتشار أمني في الشوارع، علما أن المدينة تخلو من أي وجود لعناصر المعارضة السورية. وأثارت هذه الإجراءات قلق الأهالي، وفق ما نقله «مكتب أخبار سوريا» أمس، من عملية عسكرية جديدة على المدينة، مشابهة لما شهدته خلال شهر مايو (أيار) الماضي، حين قضى 700 قتيل في يوم واحد من بانياس إثر عملية نفذتها «ميليشيا جيش الدفاع الوطني» الموالية للنظام السوري والقوات الأمنية وأدت إلى نزوح سكان أحياء بكاملها عن المدينة حينها.