محكمة مصرية تقضي بحبس نشطاء بارزين ثلاث سنوات وغرامة

«6 أبريل» تنسحب من «خارطة المستقبل».. ومحاميهم قال لـ «الشرق الأوسط» إن الحكم قاس

الناشطان المصريان أحمد ماهر (يمين) وأحمد دومة، قبيل النطق بالحكم القاضي بحبسهما مع محمد عادل ثلاث سنوات لكل منهم في محكمة بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

قضت محكمة مصرية أمس بالسجن ثلاث سنوات على ثلاثة من أبرز نشطاء ثورة 25 يناير، هم أحمد ماهر المنسق العام السابق لـ«حركة شباب 6 أبريل»، والقيادي بالحركة محمد عادل، وأحمد دومة. ووصف فريق الدفاع وحقوقيون الحكم بـ«القاسي»، بينما عده مراقبون ونشطاء تعميقا للشكوك بشأن جدية المسار الديمقراطي في البلاد. وأعلنت «حركة شباب 6 أبريل» في مؤتمر صحافي انسحابها من «خارطة المستقبل»، ودعت إلى مقاومتها.

وقضت المحكمة على النشطاء الثلاثة أيضا بغرامة قدرها 50 ألف جنيه (7.3 ألف دولار) لكل منهم، كما أمرت بوضعهم تحت المراقبة عقب تنفيذ الحكم لمدة مماثلة لمدة العقوبة. ولا يزال بإمكان النشطاء استئناف الحكم الصادر بحقهم، أمام محكمة الاستئناف.

وعقدت محكمة النشطاء استثنائيا داخل معهد أمناء الشرطة بمنطقة سجون طرة (جنوب القاهرة)، وهي القاعة التي أعدت لمحاكمة قادة جماعة الإخوان المسلمين. وفور النطق بالحكم هتف النشطاء الثلاثة داخل قفص الاتهام «يسقط يسقط حكم العسكر».

وقال عمرو إمام المحامي عن النشطاء إن «الحكم يشير إلى رغبة السلطات في العصف برموز ثورة 25 يناير»، لافتا إلى أن النيابة وجهت لدومة وماهر وعادل ست تهم معظمها يتعلق بـ«قانون البلطجة»، ومشيرا إلى أن إدانتهم بموجب قانون التظاهر اقتصرت على الغرامة.

وأعرب إمام عن دهشته من الحكم، قائلا: «النيابة نفسها وصفت تصرف ماهر بالمحمود حينما قام بتسليم نفسه للسلطات، كما أنها أشارت إلى أن المقاطع المصورة أظهرت قيام أنصار ماهر ودومة بالتعدي على السلطات ولم تشر إلى المتهمين».

وأيد النشطاء ماهر وعادل ودومة ثورة 30 يونيو (حزيران) التي أنهت حكم الرئيس السابق محمد مرسي. ويعد الحكم الأول من نوعه بحق نشطاء سياسيين غير إسلاميين، منذ عزل مرسي في يوليو (تموز) الماضي.

وقالت «حركة 6 أبريل» في مؤتمر صحافي لها أمس إن خارطة المستقبل التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية ورموز دينية عقب عزل مرسي «أفرغت من مضمونها ويجب الانسحاب منها ومحاربتها». ووصفت ممارسات السلطات الحالية بـ«الانقلاب على ثورة 25 يناير»، ودعت الحركة إلى تصحيح مسار أخطاء الثوار والمشاركة في مظاهرات 25 يناير المقبل.

وتعود القضية إلى أوائل الشهر الحالي حينما اشتبك نشطاء مع قوات الشرطة أمام محكمة عابدين بوسط القاهرة، أثناء تسليم ماهر نفسه للتحقيق بتهمة الاشتراك في مظاهرة مجلس الشورى احتجاجا على صدور قانون التظاهر، نهاية الشهر الماضي. وقالت التحقيقات أن من بين النشطاء الذين تظاهروا أمام مقر المحكمة دومة وعادل.

ولعب النشطاء الثلاثة دومة وماهر وعادل دورا بارزا في المظاهرات التي أنهت ثلاثة عقود من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، لكنهم ظلوا ضيوفا دائمين على سجون الأنظمة اللاحقة أيضا.

وعقب الحكم، قال الدكتور محمد البرادعي، النائب السابق لرئيس الجمهورية لشؤون العلاقات الدولية، إن «أي شيء غير نبذ العنف، والعدالة الانتقالية، والتوافق الوطني على قيم إنسانية مشتركة وديمقراطية حقة، هو حرث في البحر».

من جانبه، علق الحقوقي البارز حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان شبه الرسمي على الحكم قائلا: «مع الاحترام لأحكام القضاء، الحكم على النشطاء (في إشارة لماهر ودومة وعادل) بالسجن ثلاث سنوات حكم مشدد جدا، وأعتقد أنه سيجري استئنافه وإلغاؤه لمخالفته قانون التظاهر نفسه». وأضاف أن حبس النشطاء بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية منعطف خطير في تاريخ الدولة المصرية، وأن 25 يناير وما تبعها من ثورة 30 يونيو لم تقم من أجل استمرار ذات النهج والسياسات المتبعة. وأثار الحكم غضبا في أوساط قوى شبابية ونشطاء 6 أبريل، وقال عمرو علي، المنسق العام الجديد لـ«حركة شباب 6 أبريل» إن الحكم الصادر بحق النشطاء ماهر وعادل ودومة «سياسي». وأضاف أنه «يأتي في إطار التنكيل والانتقام من ثورة يناير ورموزها».

وكانت النيابة العامة أسندت إلى النشطاء تهم الاشتراك في تنظيم مظاهرة دون إخطار السلطات المختصة بذلك مسبقا، بالمخالفة لما يوجبه قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية، والمعروف باسم قانون التظاهر الجديد، والاشتراك في مظاهرة، واستعمال القوة والعنف والتعدي بالضرب على موظفين عموميين، وهم قوات الأمن المكلفة بتأمين مقر محكمة عابدين وإحداث إصابات بهم، والتجمهر، وتعطيل المواصلات، والبلطجة وإتلاف منقولات مملوكة لمقهى مجاور للمحكمة.

وداهمت قوات الأمن الأسبوع الماضي مكتب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وألقت القبض على عادل، وسط إدانات منظمات حقوقية محلية ودولية. وحضر ممثلون عن الاتحاد الأوروبي جلسة النطق بالحكم أمس.

وأثارت أحكام قاسية بالحبس 11 عاما صدرت بحق 21 فتاة من مناوئي ثورة 30 يونيو، في القضية التي عرفت إعلاميا بـ«قضية فتيات 7 الصبح»، غضبا واسعا في الأوساط المصرية، رغم انحسار شعبية جماعة الإخوان، لكن محكمة الاستئناف خففت الشهر الحالي الحكم إلى سنة مع إيقاف التنفيذ.