المحكمة الدستورية تقرر اليوم مصير مجلس الأمة الكويتي

الوزراء رفعوا استقالتهم لرئيس الحكومة استباقا لتعديل وزاري > الغانم: سنحترم الحكم أيا كان منطوقه

أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد مستقبلا أمس رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم (كونا)
TT

رفع وزراء الحكومة الكويتية أمس استقالة جماعية لرئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك استباقا لجلسة استجواب ستعقد غدا ينتظر التصويت خلالها لسحب الثقة عن وزيرة التنمية في وقت تشير فيه أنباء إلى احتمال إجراء تعديل وزاري محدود. وينتظر أن تصدر المحكمة الدستورية اليوم قرارها في 55 قضية طعن على صحة الانتخابات البرلمانية التي أجريت في يوليو (تموز) الماضي والتي تشكل بموجبها مجلس الأمة بدورته الحالية.

ومن بين ثلاثة سيناريوهات قانونية، ربما يؤدي الفصل في أحد الطعون الانتخابية المقدمة إلى إبطال الانتخابات البرلمانية للمرة الثالثة على التوالي خلال ثلاثة أعوام، ما يستلزم الدعوة إلى انتخابات برلمانية جديدة، أو إعادة تسمية بعض المرشحين نوابا في البرلمان على حساب مرشحين آخرين جرت تسميتهم نوابا جراء أخطاء في جمع العدد النهائي للأصوات التي حصلوا عليها، ما يعني استمرار المجلس وتغيير عدد من النواب، إلى جانب احتمال أن يؤول الحكم إلى إعادة ترتيب بعض المراكز من خلال اعتماد الأرقام النهائية لجمع عدد الأصوات، ما يعني إبقاء المجلس بأعضائه الحاليين.

في غضون ذلك، جاءت الاستقالة الحكومية التي لم يعلن عنها رسميا حتى مساء أمس، ومن المتوقع أن يناقشها اجتماع الحكومة اليوم، تفاديا لدخول الحكومة جلسة البرلمان المقررة غدا الثلاثاء والمدرج على جدول أعمالها التصويت على طلب حجب الثقة عن وزيرة التنمية رولا دشتي المقدم من عشرة نواب والذي نوقش في الجلسة الماضية بتاريخ 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، إضافة إلى مناقشة طلبي استجواب، الأول مقدم بحق وزير البلدية سالم الأذينة من النائبين عبد الله التميمي وفيصل الدويسان، والثاني مقدم من النائب حمدان العازمي لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي.

وتواترت أنباء غير رسمية عن اعتزام رئيس الحكومة إجراء تعديل وزاري يشمل تغييرا وتدويرا لعدد من الوزراء، سيجري الإعلان عنه خلال أسبوعين، وبما يسبق جلسة البرلمان المقررة يومي 7 و8 يناير (كانون الثاني) المقبل، على أن يكون التشكيل حسب الأنباء متلائما مع تركيبة مجلس الأمة لاحتواء الأزمة السياسية التي أدت إلى تقديم النواب عشرة استجوابات بحق رئيس الوزراء نفسه وعدد من طاقمه الحكومي خلال شهرين من عمر البرلمان.

من جانبه، نفى رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أمس ما يفيد تلقيه «رسميا» استقالة الحكومة، مبينا أن «الحكومة هي المعنية في كل ما يتعلق بها بما في ذلك الاستقالة أو عدمها». وذكر رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أنه سيعقد اليوم مؤتمرا صحافيا بعد صدور حكم المحكمة الدستورية في شأن مجلس الأمة، مؤكدا في الوقت ذاته قبوله للحكم أيا كان منطوقه.

وسبق للمحكمة الدستورية أن أبطلت مرتين على التوالي نتائج انتخابات مجلس الأمة، ما استلزم إعادة إجراء الانتخابات البرلمانية مرتين متتاليتين خلال ثلاثة أعوام؛ إذ أبطلت المحكمة الدستورية في يونيو (حزيران) 2012 نتائج انتخابات البرلمان التي أجريت في فبراير (شباط) من العام ذاته، كما أبطلت في يونيو الماضي نتائج انتخابات البرلمان المعادة التي أجريت في ديسمبر (كانون الأول) 2012، ما استلزم إجراء انتخابات برلمانية معادة للمرة الثالثة في يوليو الماضي، وهي التي أفرزت مجلس الأمة بتشكيلته الحالية.

يذكر أن مجلس الأمة الكويتي يتألف من 50 نائبا موزعين على خمس دوائر، ويجري اختيارهم وفقا لنظام التصويت السري المباشر. إذ يحق لكل ناخب وناخبة اختيار مرشح واحد فقط من إجمالي المرشحين الذين يخوضون الانتخابات في دائرتهم الانتخابية، ويسمى العشرة الأعلى حصولا على الأصوات في كل دائرة أعضاء بمجلس الأمة ممثلين عن دوائرهم الانتخابية.

وتضم المحكمة الدستورية خمسة مستشارين ويأتي تشكيلها تطبيقا لنص المادة 173 من الدستور الكويتي الذي تعمل البلاد بموجبه منذ عام 1962، والتي تذكر أن «يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح، ويبين صلاحياتها والإجراءات التي تتبعها. ويكفل القانون حق كل من الحكومة وذوي الشأن في الطعن لدى تلك الجهة في دستورية القوانين واللوائح. وفي حالة تقرير الجهة المذكورة عدم دستورية قانون أو لائحة يعتبر كأن لم يكن».

أما المذكرة التفسيرية للدستور التي تعد استكمالا شارحا لمواد الدستور فبينت في عرضها لتأسيس المحكمة الدستورية أن «الدستور آثر أن يعهد بمراقبة دستورية القوانين واللوائح إلى محكمة خاصة يراعى في تشكيلها وإجراءاتها طبيعة هذه المهمة الكبيرة، بدلا من أن يترك ذلك لاجتهاد كل محكمة على حدة، مما قد تتعارض معه الآراء في تفسير النصوص الدستورية أو يعرض القوانين واللوائح للشجب دون دراسة لمختلف وجهات النظر والاعتبارات، فوفقا لهذه المادة يترك للقانون الخاص بتلك المحكمة الدستورية مجال إشراك مجلس الأمة والحكومة في تشكيلها إلى جانب رجال القضاء العالي في الدولة، وهم الأصل في القيام على وضع التفسير القضائي الصحيح لأحكام القوانين، وفي مقدمتها الدستور، قانون القوانين.

وللمحكمة الدستورية أهمية خاصة في القضاء الكويتي باعتبار أحكامها نهائية وغير قابلة للطعن، كما ينظر لها باعتبارها تأكيدا لدور القضاء في الرقابة على العملية الانتخابية وضمان سلامة العملية الانتخابية التي أجريت.