ليبيا تعلن حدادا عقب مقتل 13 في أول تفجير انتحاري

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: تهديدات بحصار المصرف المركزي وميناء طرابلس

ليبيان يعاينان سيارة تم تدميرها في انفجار انتحاري ببنغازي أمس (رويترز)
TT

قالت مصادر ليبية مطلعة، إن «المجموعة التي عطلت خدمات شبكة الإنترنت عن العاصمة الليبية طرابلس، تهدد بتصعيد احتجاجها على إغلاق حقول وموانئ النفط في شرق البلاد من قبل مجموعات مسلحة أخرى، بما في ذلك حصار مصرف ليبيا المركزي والميناء البحري للمدينة». وبينما ناقش المؤتمر الوطني العام (البرلمان) أمس، هذا الملف الذي أدى إلى ما وصفه بـ«الأزمة الكبيرة للبلاد»، أعلنت الحكومة الحداد العام في البلاد لمدة ثلاثة أيام بعد مقتل 13 جنديا في أول تفجير انتحاري في بنغازي.

وأضافت المصادر الليبية المطلعة لـ«الشرق الأوسط» أنه على الرغم من عودة خدمات الإنترنت بشكل اعتيادي أمس إلى العاصمة طرابلس، فإن المجموعة التي عطلت هذه الخدمات منحت الحكومة الانتقالية التي يترأسها علي زيدان مهلة حتى نهاية الشهر الحالي لحل هذه الأزمة، وإلا اتخذت خطوات تصعيدية خطيرة.

وكشفت المصادر النقاب عن أن المفاوضات التي تدخل فيها مجلس طرابلس المحلي والوجهاء والخبراء والأعيان والمجتمع المدني، شهدت تهديدات صريحة بإمكانية فرض حصار على مصرف ليبيا المركزي لمنع إرسال العملة ومرتبات المجموعات التي تحتل الحقول، كما هددوا أيضا بحصار الميناء البحري لمنع دخول أي شيء.

وأضافت المصادر أنهم طالبوا بقطع الاتصالات عن مناطق محتلي الحقول، مشيرة إلى أن الوسطاء طلبوا من الثوار الذين اقتحموا مقري شركتي «ليبيانا» و«ليبيا للاتصالات والتقنية» احتجاجا على استمرار إغلاق حقول وموانئ النفط في شرق البلاد منذ يوليو (تموز) الماضي، منح فرصة إضافية للحكومة الانتقالية لإنهاء هذه الأزمة بحلول نهاية الشهر الحالي.

وقال مصدر شارك في المفاوضات، طلب عدم الإفصاح عن هويته، إن «بعضهم يطالب باستقلال موارد طرابلس من الماء والكهرباء والنفط، حتى لا تبقى رهينة لمن هم خارجها».

إلى ذلك، أعلن عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني، أن المؤتمر ناقش أمس، مقترحا باستصدار قرار يلزم الحكومة باتخاذ الإجراءات العاجلة والضرورية التي تكفل إنهاء هذه الأزمة باستخدام كل الصلاحيات بما في ذلك استعمال القوة ضد المعتدين على الموانئ والحقول النفطية، أو ضد أي عملية تستهدف سرقة أو بيع النفط الليبي بطريقة غير شرعية.

ولفت حميدان إلى أنه جرى الاتفاق على إرجاء التصويت على هذا المقترح إلى الجلسة المسائية لاستكمال مناقشته واستيفائه من كل الجوانب، مشيرا إلى أن مكتب رئاسة المؤتمر والحكومة المؤقتة سيجتمعان في وقت لاحق لمناقشة هذا الأمر. في سياق آخر، أدى تفجير انتحاري استهدف بوابة برسس شرق مدينة بنغازي فجر أمس، إلى مقتل 13 جنديا وجرح أكثر من 10 آخرين، حيث أعلن الناطق باسم الغرفة الأمنية المشتركة في المدينة، أن التفجير نفذه أحد الانتحاريين بسيارة ملغومة عند توقفه في البوابة حيث كان يجري أفراد البوابة تفتيشا اعتياديا لتأمين مدخل بنغازي. وذكر شهود عيان أن حفرة عميقة خلفها الانفجار الذي قالوا، إن «دويه سمع في مختلف أحياء المنطقة». ويفرض أبناء تلك المنطقة إجراءات أمنية صارمة للدخول والخروج من مدينة بنغازي، ومعظم أفراد هذه البوابة من قبيلة واحدة وفي مجملهم ضباط وجنود في الجيش والشرطة.

وأدانت الحكومة في بيان أصدرته أمس، الحادث بقولها «هذا العمل الإرهابي الجبان»، وصرحت بأن هذه الأعمال الإرهابية المروعة لن تفت في عضد الشعب الليبي ولن تثنيه عن المضي قدما في بناء دولة القانون والمؤسسات وإعادة بناء الجيش والشرطة.

وقال البيان، إن «هذا العمل الجبان جاء محاولة لعرقلة الجهود المضنية التي يقوم بها أفراد الجيش الوطني وفي طليعته قوات الصاعقة في بسط الأمن والمحافظة على أرواح المواطنين بمدينة بنغازي».

ودعت الحكومة الشعب إلى التكاتف والتعاضد للوقوف صفا واحدا في مواجهة هذه الأعمال ومن يقف وراءها، مجددة عزمها على بناء مؤسسات الدولة الأمنية وتزويدها بجميع الإمكانيات لأداء واجباتها المناطة بها.

وأعلنت الحكومة الانتقالية، الحداد العام لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من أمس، وتأجيل الاحتفالات بعيد الاستقلال حدادا على أرواح ضحايا ما وصفته بـ«التفجير الانتحاري الغادر» الذي استهدف بوابة برسس شرق مدينة بنغازي، فيما أغلقت معظم الدول قنصلياتها في بنغازي بعد سلسلة من الهجمات وأوقفت بعض شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى هناك.

ويخشى الدبلوماسيون الغربيون من امتداد العنف في بنغازي إلى العاصمة طرابلس التي شهدت الشهر الماضي أعنف قتال منذ أشهر بين ميليشيات.

وتقع معظم ثروة ليبيا النفطية في الشرق، حيث يطالب كثيرون بالاستقلال عن حكومة طرابلس. وسيطر المحتجون في الشرق على مرافئ مهمة وأوقفوا معظم صادرات البلاد من الخام منذ أشهر. وتجد حكومة زيدان صعوبة في السيطرة على الميليشيات والقبائل التي ساهمت في الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي في عام 2011 لكنها احتفظت بالأسلحة وكثيرا ما تلجأ للعنف لتعزيز مطالبها السياسية. من جهة أخرى، كشف أمس النقاب عن اجتماع عقد في العاصمة طرابلس برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بمشاركة قيادات الأحزاب السياسية ومختلف الكتل في المؤتمر الوطني وبعض الشخصيات المستقلة.