القصر الرئاسي يبدي «الأسف العميق» بعد «مزحة هولاند» عن الجزائر

باريس سعت لتطويق حادث دبلوماسي مع الجزائر من شأنه تهديد مساعي التقارب

TT

إزاء الضجة التي أثارتها مزحة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وما يمكن أن يترتب عليها من تدهور في العلاقات الفرنسية - الجزائرية التي سعى إلى الارتقاء بها من خلال زيارة دولة للجزائر أواخر العام الماضي، اضطر قصر الإليزيه إلى إصدار بيان يعرب فيه عن «الأسف العميق لتأويل تصريحات» الرئيس.

ويضيف البيان أن هولاند «سيثير (هذه المسألة) مباشرة مع الرئيس بوتفليقة» ما يعني أنه سيتصل به تليفونيا. وبحسب قصر الإليزيه، فإن «بضع الكلمات» التي قالها هولاند بمناسبة الاحتفال بسبعينية مجلس المؤسسات اليهودية في فرنسا، أفضت إلى جدل «لا أساس له» إذ أن «الجميع يعرف مشاعر الصداقة التي يكنها فرنسوا هولاند للجزائر والاحترام الكبير لشعبها كما أثبتت زيارة الدولة التي قام بها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي والخطب التي ألقاها» خلال الزيارة.

وواضح أن هولاند لم يكن يقصد الإعراب عن الازدراء أو التهكم على الجزائر وهو الذي زار الرئيس بوتفليقة قبل انتخابه وأكد في أكثر من مناسبة عن رغبته في تنقية العلاقات الثنائية مع المستعمرة الفرنسية السابقة ولم يتردد خلال زيارة الدولة، نهاية العام الماضي، في التلفظ بكلمات الأسف لما قامت به فرنسا في الجزائر وهو لم يقم به أي رئيس فرنسي قبله من غير أن يصل ذلك إلى حد تقديم الاعتذار وهو ما كان يطلبه الجزائريون.

وأصل المشكلة التي تفاعلت جزائريا وفرنسيا أن هولاند، في خطابه أمام المجلس اليهودي، في 16 من الشهر الحالي، أشار إلى وزير الداخلية مانويل فالس الذي قال عنه إنه سيذهب إلى الجزائر قبل أن يفطن إلى أنه «عاد من الجزائر» حيث كان برفقة رئيس الحكومة جان مارك أيرولت. واستطرد هولاند قائلا: «إنه عاد سالما وهذا بحد ذاته إنجاز» ما فهم جزائريا أنه استخفاف بالجزائر واستهزاء بالأمن فيها وذهب آخرون ليروا في جملته أمام المجلس اليهودي تحقيرا للجزائريين.

وليس سرا أن هولاند يهوى «اللذعات» والمزاح الذي يثير في بعض الأحيان الجدل والانتقاد. والمحير أن هولاند يعرف مدى حساسية الموضوع الجزائري بسبب العلاقات التاريخية المعقدة بين البلدين والملفات الخلافية التي لم ينجح الطرفان في التغلب عليها رغم مصالحهما المتشابكة. وبعد أن وصف وزير الخارجية رمضان لعمامرة كلام هولاند بأنه «حادث مؤسف» والانتقادات العنيفة التي وجهت للرئيس الفرنسي يمينا ويسارا وتبين أن جملته قد كبرت ككرة الثلج، لم تجد الرئاسة مناصا من إصدار بيان مساء أمس آملة بوضع حد لهذا الجدل.

وانتقد اليمين الفرنسي هولاند معتبرا أن مزحته لا تنم عن طباع رجل دولة. وقال رئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني إن مزحة هولاند «انحراف لفظي» و«تصريحات غير لائقة» بينما ذهب المرشح اليساري جان لوك ميلونشون إلى اعتبارها «مثيرة للغثيان».