خادم الحرمين: الإنفاق على البرامج والمشاريع الداعمة لمسيرة التنمية المستدامة سيستمر

السعودية تعلن ميزانيةعام 2014 بـ855 مليار ريال * الملك عبد الله للوزراء والمسؤولين: أنتم مسؤولون أمام الله وأمامنا عن تنفيذ هذه الميزانية

الأمير سلمان بن عبد العزيز مقبّلا رأس خادم الحرمين الشريفين خلال جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في روضة خريم وأعلن فيها عن الميزانية العامة للبلاد (واس)
TT

أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1435 - 1436هـ (2014م)، التي تبلغ مصروفاتها 855 مليار ريال، والتي أقرها مجلس الوزراء خلال جلسته التي عقدت، أمس، برئاسة خادم الحرمين الشريفين، في روضة خريم بمنطقة الرياض.

وأكد خادم الحرمين الشريفين في كلمة له بهذه المناسبة، تلاها عبد الرحمن بن محمد السدحان الأمين العام لمجلس الوزراء، استمرار الإنفاق على البرامج والمشاريع الداعمة لمسيرة التنمية المستدامة، مع توفير مزيد من فرص العمل لمواطني البلاد، وتحسين الخدمات المقدمة لهم، وعدّ في كلمته الميزانية لهذا العام دليلا على ما تشهده السعودية من نهضة اقتصادية كبرى، مشددا على التركيز على التنمية البشرية في التعليم والتدريب والصحة، وتطوير وتحسين الخدمات الاجتماعية والبلدية الأساسية، مع الحرص على التوازن بين المناطق وتعزيز دورها في التنمية.

ودعا الملك عبد الله بن عبد العزيز، الوزراء وجميع المسؤولين المعنيين في الأجهزة الحكومية إلى تنفيذ المسؤولية بكل إخلاص ودقة، مشددا على القول إنهم «مسؤولون أمام الله وأمامنا عن ذلك»، مبينا أن العبرة «ليست في أرقام الميزانية، بل فيما تجسده على أرض الواقع لينعم بها المواطن».

وكان خادم الحرمين الشريفين ارتجل كلمة، جاء فيها: «الحمد لله رب العالمين، على هذه الساعة المباركة، التي أسمع فيها ما هو، إن شاء الله، خدمة للدين والوطن وللشعب، وخدمة لكل إنسان يطلب من المملكة أي مساعدة، أي شيء فيه خدمة للإسلام والمسلمين دائما وأبدا، وإن شاء الله أطلب من إخواني الوزراء أنكم تؤدون واجبكم بإخلاص وأمانة، وتضعون بين عيونكم ربكم.. ربكم.. ربكم، الذي ما بينكم وبينه أي حجاب، أرجوكم، وأتمنى لكم كل توفيق، وأرجوكم مقابلة شعبكم صغيرهم وكبيرهم كأنه أنا، أرجوكم وبالأخص أخص بهذه وزير الخارجية سعود الفيصل، مثلما قلنا أول وما سمعته منك أن يكون سفراؤنا باستقبال المواطنين صغيرهم وكبيرهم، والله يوفقكم، ولله الحمد ما نقص من أموال بلدكم يأتي به الله لكم، وهذه إن شاء الله بينة، وهذا الذي صار أشياء باقية وأطلعت الأرض أشياء وهذه من فضل ربكم، هذه من فضل ربكم، هذه من فضل ربكم، وشكرا لكم»، وفيما يلي نص الكلمة الملكية التي ألقاها نيابة عنه أمين عام مجلس الوزراء: «بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم، إخواني وأبنائي المواطنين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نعلن على بركة الله وبحمده وتوفيقه، ميزانية العام المالي القادم، والتي تبلغ مصروفاتها 855 مليار ريال، في استمرار للإنفاق على البرامج والمشاريع الداعمة لمسيرة التنمية المستدامة وتوفير مزيد من فرص العمل للمواطنين، وتحسين الخدمات المقدمة لهم، وشملت برامج ومشاريع في كافة قطاعات التنمية البشرية والبنية الأساسية والخدمات الاجتماعية، مع التركيز على التنمية البشرية في التعليم والتدريب والصحة، وتطوير وتحسين الخدمات الاجتماعية والبلدية والتجهيزات الأساسية، مع الحرص على التوازن بين المناطق وتعزيز دورها في التنمية.

هذه الميزانية التي نقرها اليوم دليل واضح على ما تشهده بلادنا الغالية - ولله الحمد والمنة - من نهضة اقتصادية كبرى، فما توفر لها من موارد تقدم فرصا متعددة للتنمية، وهي امتداد لما تحقق من إنجازات وما يجري تنفيذه من برامج ومشاريع، مما يدعو للتفاؤل بمستقبل أفضل، بحول الله، لكننا ندرك أنه أقل مما نطمح إليه أو يطمح إليه المواطن الغالي، لذا فإننا عاقدو العزم، بمشيئة الله، على مواصلة مسيرة التنمية المستدامة في بلادنا الغالية لتأمين العيش الكريم لمواطنيها جيلا بعد جيل، وذلك باستمرار العمل على تعزيز التكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص وتحقيق النمو في النشاط الاقتصادي، وتحسين أداء القطاع الحكومي، وتفعيل دور الإدارة العامة في التنمية، ومواصلة إصلاح التعليم، باعتباره الأساس في التنمية البشرية، ومواصلة معالجة اختلال سوق العمل بهدف إيجاد فرص العمل للمواطنين، وتقوية الارتباط بين الميزانية السنوية والخطط التنموية، وتعزيز استدامة المالية العامة، وحسن سلامة تنفيذ المشاريع والبرامج الإنمائية، والموازنة بين احتياجات الجيل الحالي والأجيال المقبلة، والاستخدام الأمثل للموارد التي حبا الله بها وطننا الغالي. وتكريس سيادة النظام وتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، وتعزيز روح المواطنة المسؤولة والانتماء الوطني بتبني استراتيجيات وسياسات إعلامية وتربوية وثقافية وفكرية واجتماعية واقتصادية، تشارك فيها جميع الجهات المعنية من القطاعين الحكومي والخاص.

إخواني المواطنين، إننا ندرك أن العبرة ليست في أرقام الميزانية بل فيما تجسده على أرض الواقع من مشاريع وخدمات نوعية ينمو بها الوطن وينعم بها المواطن، ولذلك فإن على الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية كافة مسؤولية تنفيذ مشاريعها وبرامجها وأداء الأعمال الموكلة إليهم بكل إخلاص ودقة ودون تراخٍ أو تقصير تجاه الوطن والمواطنين، وهم مسؤولون أمام الله ثم أمامنا عن ذلك، لينمو الوطن وينعم المواطن، وعلى الأجهزة الرقابية الرفع إلينا بالتقارير الدورية عن الأداء ومستوياته ومعوقاته، حفظ الله بلادنا وأدام عليها نعمة الأمن والاستقرار والازدهار».

من جانبه، قال الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجه وزير الثقافة والإعلام لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة إن وزير المالية، وبتوجيه من الملك عبد الله، قدم عرضا موجزا لمشروع الميزانية الجديدة للدولة، أوضح فيه النتائج المالية للعام المالي الحالي 1434 - 1435هـ (2013م) واستعرض الملامح الرئيسة للميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1435 - 1436هـ (2014م)، وتطورات الاقتصاد الوطني، وقال إنه، بناءً على التوجيهات السامية الكريمة، ولأهمية استكمال البنية التحتية وتعزيز مسيرة التنمية وتشجيع البيئة الاستثمارية التي من شأنها إيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين، ودفع عجلة النمو الاقتصادي، استمر التركيز في الميزانية للعام المالي القادم 1435 - 1436هـ على المشاريع التنموية لقطاعات التعليم والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه، والصرف الصحي، والطرق، والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي.

وكشف الدكتور خوجه أن الميزانية تضمنت برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها، تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 248 مليار ريال، ووفقا للمتبع، فسيجري إدراج المشاريع الجديدة للجهات الحكومية على مواقع تلك الجهات، وعلى موقع وزارة المالية، ووفقا لما جرى العمل عليه، فقد جرى التنسيق بين وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط بشأن البرامج والمشاريع المدرجة في خطة التنمية التاسعة، التي بدأت في العام المالي 1431 - 1432هـ، وقال إنه من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي هذا العام (2013م)، وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات 2.794.772.000.000 ريال (ألفين وسبعمائة وأربعة وتسعين مليارا وسبعمائة واثنين وسبعين مليون ريال)، بالأسعار الجارية، بمعدل نمو يبلغ 1.54 في المائة، مقارنة بالعام المالي الماضي (2012م)، ويتوقع أن يحقق الناتج المحلي للقطاع غير البترولي بشقيه؛ الحكومي والخاص، نموا بنسبة 6.99 في المائة، حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 1.56 في المائة، والقطاع الخاص بنسبة 9.38 في المائة، أما القطاع النفطي، فقد شهد انخفاضا في قيمته بنسبة 3.83 في المائة، بالأسعار الجارية.

وأضاف أنه بالأسعار الثابتة لعام 1999م، فمن المتوقع أن يبلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي نسبة 3.80 في المائة، مقارنة بنسبة 5.81 في المائة في العام السابق، ويتوقع أن يشهد القطاع البترولي انخفاضا نسبته 0.61 في المائة، وأن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 3.73 في المائة والقطاع الخاص بنسبة 5.50 في المائة، وأن تصل مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 58.75 في المائة، وقد حققت جميع الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي للقطاع غير البترولي نموا إيجابيا، إذ يُقدر أن يصل النمو الحقيقي في الصناعات التحويلية غير البترولية إلى 4.72 في المائة، وفي نشاط الاتصالات والنقل والتخزين 7.20 في المائة، وفي نشاط التشييد والبناء 8.11 في المائة، وفي نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق 6.16 في المائة، وفي نشاط خدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال 4.86 في المائة، وقد أظهر الرقم القياسي لتكاليف المعيشة ارتفاعا خلال عام 2013م نسبته 3.35 في المائة عمّا كان عليه في عام 2012م، طبقا لسنة الأساس (2007م).

وأشار وزير المالية إلى أن مُعامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير البترولي، الذي يُعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل، من المتوقع أن يشهد ارتفاعا نسبته 1.85 في المائة في عام 2013م، مقارنة بما كان عليه في العام الماضي، وذلك وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، وأوضح أنه، وفقا لتقديرات مؤسسة النقد العربي السعودي، فمن المتوقع أن تبلغ القيمة الإجمالية للصادرات السلعية خلال عام 2013م 1.376.197.000.000 ريال (ألفا وثلاثمائة وستة وسبعين مليارا ومائة وسبعة وتسعين مليون ريال)، بانخفاض نسبته 5.5 في المائة عن العام المالي السابق، كما يتوقع أن تبلغ قيمة الصادرات السلعية غير البترولية نحو 195.574.000.000 ريال (مائة وخمسة وتسعين مليارا وخمسمائة وأربعة وسبعين مليون ريال)، بزيادة نسبتها 3.9 في المائة عن العام المالي الماضي، وتمثل الصادرات السلعية غير البترولية ما نسبته 14.4 في المائة من إجمالي الصادرات السلعية، أما الواردات السلعية فيتوقع أن تبلغ في العام الحالي 574.089.000.000 ريال، (خمسمائة وأربعة وسبعين مليارا وتسعة وثمانين مليون ريال)، بزيادة نسبتها ثمانية في المائة عن العام السابق.

وقال وزير المالية إن التقديرات الأولية لمؤسسة النقد العربي السعودي تشير إلى أن الميزان التجاري سيحقق هذا العام فائضا مقداره 802.108.000.000 ريال (ثمانمائة واثنان مليارا ومائة وثمانية ملايين ريال)، بانخفاض نسبته 13.3 في المائة عن العام الماضي، وذلك نتيجة لانخفاض الصادرات البترولية وارتفاع الواردات.

أما الحساب الجاري لميزان المدفوعات، فيُتوقع أن يحقق فائضا مقداره 486.754.000.000 (أربعمائة وستة وثمانون مليارا وسبعمائة وأربعة وخمسون مليون ريال)، في العام المالي الحالي 2013م مقارنة بفائض مقداره 617.864.000.000 ريال (ستمائة وسبعة عشر مليارا وثمانمائة وأربعة وستون مليون ريال)، للعام المالي الماضي 2012م بانخفاض نسبته 21.2 في المائة.

وأكد الوزير توقعه أن ينخفض حجم الدين العام بنهاية العام المالي الحالي 2013م إلى نحو 75.1 مليار ريال (خمسة وسبعين مليارا ومائة مليون ريال)، ويُمثل أقل من 2.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2013، مقارنة بمبلغ 98.8 مليار ريال (ثمانية وتسعين مليارا وثمانمائة مليون ريال)، بنهاية العام المالي الماضي (2012م).

وأفاد وزير المالية بأن تقرير مشاورات صندوق النقد الدولي مع السعودية لعام 2013م، أكد أن المملكة من أفضل الدول أداءً في مجموعة الـ20 في السنوات الأخيرة، وأنها دعمت الاقتصاد العالمي عبر دورها المساند لاستقرار سوق النفط العالمية، وأشار التقرير إلى إيجابية الآفاق المنتظرة للاقتصاد السعودي.

ورحب المديرون التنفيذيون بالصندوق بالتدابير التي اتخذتها الحكومة لتعزيز إدارة المالية العامة، كما رحبوا بالخطوات المستمرة لدعم التطور المالي، وتعزيز التنظيم والرقابة الماليين، وأشادوا بالاستثمارات الكبيرة الموجهة للتعليم للنهوض بمهارات المواطنين، مشيرين إلى ضرورة مراقبة هذا الإنفاق، في ضوء تحقيق النتائج المرجوة، وأكدوا أن نمو الائتمان في المملكة لا يزال قويا، وأن الجهاز المصرفي يتمتع بمستوى جيد من كفاية رأس المال والربحية، مع بدء تطبيق معايير «بازل 3» لرأس المال في يناير (كانون الثاني) عام 2013م، إذ إن السعودية من أوائل الدول التي طبقت هذه المعايير.

وقال: «وكالة (ستاندر آند بورز) (P & S) العالمية للتصنيف الائتماني أعلنت عن رفعها للنظرة المستقبلية للتصنيف السيادي للمملكة من مستقر إلى إيجابي، عند درجة ائتمانية عالية (- AA)، وأثنت (ستاندرد آند بورز) على جهود المملكة في تعزيز وتنويع اقتصادها، مما أدى إلى نمو متسارع وحقيقي لمتوسط دخل الفرد، إضافة إلى الإدارة الحصيفة لاحتياطاتها المالية»، ويأتي الإعلان بعد إعلان مماثل من وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني العالمي خلال شهر مارس (آذار) الماضي.