حملات تدعو لطرد النازحين من الساحل السوري خوفا من «تحولات ديموغرافية»

سكان طرطوس اعترضوا على إقامة مجمع سكني لإيواء 2500 منهم

TT

تعاني مناطق الساحل السوري التي لا تزال تحت سيطرة القوات النظامية من ضغوط اقتصادية واجتماعية كبيرة بسبب تزايد أعداد النازحين الذين فروا إليها هربا من الحرب المشتعلة في محافظات حلب وإدلب. كما يتخوف أبناء الطائفة العلوية من حدوث تحول ديموغرافي لصالح السنة، على اعتبار أن جميع النازحين إلى الساحل هم من الطائفة السنية. ويؤكد ناشطون أن «تدفق رؤوس الأموال الحلبية إلى الساحل وتأسيسهم مشاريع تجارية وصناعية ساهم في تقليص فرص الاستثمار لدى أبناء المدن الساحلية، إضافة إلى ارتفاع جنوني في أسعار العقارات والسلع». الأمر الذي ساهم، بحسب الناشطين إلى بروز ردود فعل سلبية لدى سكان هذه المدن.

وكانت مدينة اللاذقية تعيش في ظل مستوى اقتصادي متواضع قبل بداية الأزمة وتدفق النازحين من حلب وإدلب إليها، بحسب ما يؤكد عضو اتحاد تنسيقيات الثورة في اللاذقية وريفها، عمار الحسن لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «سعر إيجار المنزل ارتفع من 15 ألف ليرة سورية (ما يعادل 200 دولار) إلى نحو 65 ألف (800 دولار)».

ويوضح الحسن أن «رجال أعمال وتجارا حلبيين أسسوا مصانع وشركات ومحلات تجارية، الأمر الذي انعكس سلبا على التاجر اللاذقاني». ويملك سكان مدينة حلب تقاليد عريقة في التجارة والصناعة على عكس أهالي الساحل الذين كانوا يعتمدون في اقتصادهم على السياحة وبعض الصناعات البسيطة. وتحدثت صحيفة «الوطن» المقربة من السلطات الرسمية، الشهر الماضي عن عودة 40 صناعيا حلبيا من مصر وباشروا العمل على إقامة منشآت صناعية في المنطقة الحرة البرية في اللاذقية.

وفي حين بلغ عدد النازحين السوريين داخل بلادهم بسبب النزاع المسلح الدائر في سوريا 4.25 مليون شخص، كما أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، فإن مدن الساحل التي تشمل اللاذقية وطرطوس وبانياس وجبلة تحتضن نحو مليون نازح، وفق تقديرات الناشطين.

وإلى جانب التأثيرات الاقتصادية، فإن سكان المناطق الساحلية الذين يتحدرون بغالبيتهم العظمى من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد. يخشون حدوث تحول ديموغرافي لصالح الطائفة السنية في مدنهم. وهو ما دفع أهالي حي الغدير في مدينة طرطوس للاعتراض على قرار رسمي صادر عن محافظ المدينة ينص على ضرورة إسكان 2500 نازح سني في مجمع سكني مخصص لهم.

وأنشأ ناشطون مؤيدون للنظام على موقع التواصل الاجتماعي صفحة بعنوان «معا لطرد النازحين من الساحل السوري» تدعو إلى طرد القادمين إلى اللاذقية وطرطوس من محافظات حلب وإدلب، بحجة أنهم أهالي «الإرهابيين» الذين يقومون بقتل عناصر الجيش النظامي. وقال المشرفون على الصفحة في منشورهم الافتتاحي: «شبابنا ذهبوا لقتال أبناء هؤلاء النازحين الذين يسكنون عندنا ولا نعرف بماذا يخططون؟»، موضحين أن «هؤلاء النازحين هم أهالي المسلحين لذلك يجب أن لا نمنحهم الأمان». وسأل المشرفون عبر منشورهم «في حال حصل هجوم على مناطقنا في اللاذقية وطرطوس ألن يكون هؤلاء بيئة حاضنة ضدنا؟»، مطالبين بـ«طرد جميع النازحين».

واعتبر مسؤولو الصفحة التي يتزايد معجبوها يوميا أن حادثة اعتراض سكان من طرطوس إسكان نازحين في مدينتهم «دليل واضح على فهم اللعبة وأن الناس بدأت تشعر بخطورة هؤلاء». مؤكدين وجود مخطط لخلخلة التوزع الديموغرافي وخلق بيئة حاضنة جاهزة للانقضاض على الساحل في وقت لاحق.