«رباعي الوساطة» في تونس يعتزم الطلب من المرزوقي تكليف جمعة رسميا برئاسة الحكومة

اتفاق على إنهاء المسارات الثلاثة قبل 14 يناير المقبل

TT

قالت مصادر نقابية لـ«الشرق الأوسط» إن رباعي الوساطة في الحوار الوطني الذي استأنف في تونس أمس سيوجه مراسلة إلى الرئيس التونسي المنصف المرزوقي يطلب منه تكليف المهدي جمعة، المرشح لرئاسة الحكومة، لتولي هذه المهمة بصفة رسمية. وأضافت المصادر ذاتها أن الأطراف السياسية التونسية من مختلف الأطياف اتفقت خلال اليوم الأول على إتمام المسارات الثلاثة قبل احتفال التونسيين بالذكرى الثالثة لنجاح الثورة التونسية يوم 14 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وعدت المصادر ذاتها أن التوجه نحو الخروج من الأزمة السياسية في تونس ليس حلا قانونيا يراعي القانون المنظم للسلطات (الدستور الصغير)، بل هو حل سياسي لإنهاء الأزمة المستفحلة منذ أشهر.

وكانت جلسات الحوار حول المسار الحكومي في تونس قد انطلقت من جديد يوم أمس بعد تأجيل جلسة كانت مبرمجة يوم الجمعة الماضي. وخصصت جلسة أمس لمناقشة مسألة تكليف جمعة برئاسة الحكومة، وتغيب عنها الحزب الجمهوري الذي يتزعمه أحمد نجيب الشابي. وأفرزت الجلسات الأولى الاتفاق على إنهاء كل المسارات (الحكومي والتأسيسي والانتخابي) قبل يوم 14 يناير 2014، موعد احتفال التونسيين بالذكرى الثالثة للإطاحة بنظام زين العابدين بن علي.

وأوكل رباعي الحوار المهام المعقدة على غرار مقاومة الإرهاب، وحل روابط حماية الثورة، ومراجعة التسميات، إلى حكومة جمعة المقبلة. وتصر الأحزاب اليسارية والليبرالية على تلك النقاط وتضعها في مراتب أولى من حيث الأهمية، في حين أن الائتلاف الثلاثي الحاكم بزعامة حركة النهضة لا يأبه كثيرا بذلك.

وحضرت جلسة الحوار الأحزاب التي وقعت على وثيقة خارطة الطريق في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ما عدا الحزب الجمهوري، وكلها ممثلة في المجلس التأسيسي (البرلمان). وتراجعت الجبهة الشعبية عن نيتها مقاطعة جلسات الحوار احتجاجا على الطريقة التي رشح بها جمعة لتولي رئاسة الحكومة. لكن الجبهة عادت محملة بورقة عمل قدمتها إلى قيادات رباعي الوساطة تنص في مجملها على ضرورة احترام مضمون خارطة الطريق.

وتعهدت الجبهة الشعبية بتشكيل وفد سياسي لإثناء الحزب الجمهوري عن مقاطعة الحوار الوطني، وعبرت عن أملها في إقناع هذا الحزب الوحيد الذي ظل مقاطعا للحوار على مواصلة هذا الموقف.

ولا تعول حركة النهضة على احترام مضمون خارطة الطريق، وضمان تلازم المسارات للخروج بالبلاد من الأزمة.

وفي هذا الشأن، قال زياد العذاري، المتحدث باسم حركة النهضة، لـ«الشرق الأوسط» إن «الأجواء التي تدور فيها جلسات الحوار جدية وبناءة»، وأثنى على العقلية المغايرة التي تدخل بها الأحزاب السياسية الجولة الجديدة من الحوار، ونفى أن يختصر الحوار في مجرد استقالة الحكومة، وقال إن الأمر أعقد من ذلك بكثير، وهو يتطلب حلا للأزمة في أقرب وقت ممكن لتجنب المزيد من الخسائر السياسية والاقتصادية.

وقلل المولدي الرياحي، القيادي في حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، شريك حركة النهضة في الائتلاف الحكومي الثلاثي، من أهمية تخلف حزب أو حزبين عن جلسات الحوار، في إشارة إلى الحزب الجمهوري، وقال إن «الحوار لن يتعطل جراء ذاك الغياب»، ولكنه عاد في المقابل ودعا كل الأطراف إلى المساهمة في إنجاح الفترة الانتقالية الثالثة.

وبشأن جلسة حوار يوم أمس، أدلى بوعلي المباركي، القيادي في الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، لـ«الشرق الأوسط» بتصريح أكد فيه على اقتراب الطبقة السياسية من حالة الانفراج السياسي الفعلي. وأشار إلى الاتفاق المبدئي على إنهاء المسارات الثلاثة (الحكومي والتأسيسي والانتخابي) يوم 13 يناير المقبل، وهو مطلب أساسي من مطالب حركة النهضة.

وبشأن سير المداولات بين الفرقاء السياسيين، قال المباركي إن المناقشات اتسمت بـ«المرونة والليونة والسهولة في التعامل»، وهو مؤشر إيجابي، على حد تعبيره.

وفي السياق ذاته، قال المباركي إن رباعي الوساطة سيوجه مراسلة إلى الرئيس المرزوقي يطلب منه فيها رسميا تكليف جمعة، ومن ثم انتظار تقديم حكومة علي العريض استقالتها الفعلية. وتوقع أن يتوصل جمعة إلى تشكيل حكومة تتكون من 15 إلى 20 حقيبة وزارية في غضون أسبوع واحد من تكليفه الرسمي.

وقال إن جمعة بدأ مشاورات مبكرة مع عدة أطراف سياسية، ولا تنتظر الساحة السياسية التونسية مشاركة أي وزير في حكومة العريض في حكومة جمعة.

ومن المنتظر تحديد موعد رسمي لتكليف جمعة برئاسة الحكومة بمهامه، على أن يتواصل النقاش بشأن المسار التأسيسي والانتخابي. ويأمل الرباعي الراعي للحوار أن يجري خلال هذا الأسبوع فض الإشكالات الحاصلة بخصوص الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتوجيه الاهتمام نحو صياغة الدستور التونسي الجديد بما يجعل يوم 14 يناير المقبل موعدا للانتهاء من كل المسارات ودخول الأحزاب السياسية في مرحلة الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.

وانتقدت أطراف سياسية تنتمي إلى المعارضة، الإشارة إلى إمكانية تكليف لطفي بن جدو وزير الداخلية في حكومة العريض بحقيبة وزارية قد تكون الداخلية أو الدفاع، وقالت إن فترة إشرافه على وزارة الداخلية عرفت أعمالا إرهابية كما شهدت اغتيال محمد البراهمي النائب البرلماني المنتمي إلى حزب تيار الشعب (القومي المعارض).