الأمم المتحدة: العثور على مقبرة جماعية في جنوب السودان

أنباء عن عمليات تصفية إثنية واغتصاب

TT

عثر على مقبرة جماعية تضم 34 قتيلا على الأقل في جنوب السودان في بنتيو عاصمة ولاية الوحدة النفطية شمال العاصمة بحسب ما أعلنت أمس في جنيف نافي بيلاي المفوضة العليا في الأمم المتحدة المكلفة حقوق الإنسان.. في وقت أوضحت فيه منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن العنف في جنوب السودان أجبر نحو 81 ألف شخص على مغادرة مساكنهم.

وقالت بيلاي في بيان نشر في جنيف «عثرنا على مقبرة جماعية في بنتيو، ويمكن أن يكون هناك مقبرتان جماعيتان في جوبا». وقالت المتحدثة باسم بيلاي إنه عثر على نحو 34 جثة، لكن الأمم المتحدة تخشى أن تكون الحصيلة 75 قتيلا.

وأضافت المتحدثة لوكالة الصحافة الفرنسية «جرت زيارة المقبرة صباح أمس، شاهد مسؤولو الأمم المتحدة في المكان 14 جثة في المقبرة وعشرين أخرى قرب بحيرة قريبة. جرى إبلاغهم أن 75 جنديا من الجيش الشعبي لتحرير السودان - ينتمون إلى إثنية الدنكا - فقد الاتصال بهم، وهناك مخاوف من أن يكونوا قد قتلوا».

وفيما يتصل بمقبرتين أخريين محتملتين، أوضحت المتحدثة أن المنظمة تحاول التأكد من المعلومات علما بأن «الظروف صعبة». وقالت أيضا «هناك معلومات أنه جرى إحراق جثث».

ونددت بيلاي أيضا «بالإعدامات الجماعية بلا أي محاكمة واستهداف أفراد على أساس انتمائهم الإثني والاعتقالات التعسفية» التي تجري في جنوب السودان منذ حوالي 10 أيام.

كما أعربت عن قلقها الكبير حيال مصير عدد كبير من الأشخاص الذين أوقفوا واحتجزوا في أماكن مجهولة من بينهم مئات المدنيين الموقوفين في مداهمات منازل وفنادق في جوبا. كما سلم مئات من عناصر شرطة جنوب السودان أسلحتهم وأوقفوا. وصرحت «هناك شعور ملموس بالخوف في صفوف قبيلتي النوير ودنكا، من أنهم سيقتلون بسبب إثنيتهم». كما دعت إلى وقف العنف ضد المدنيين في البلاد.

وأدى العنف في جنوب السودان إلى فرار 40 ألف شخص من منازلهم لجأوا إلى قواعد الأمم المتحدة. لكن العدد الفعلي أكبر بكثير على ما رجحت بيلاي، مستندة إلى معلومات أفادت أن البعض حاولوا اللجوء إلى كنائس.

وأشارت منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن العنف في جنوب السودان أجبر نحو 81 ألف شخص على مغادرة مساكنهم. وذكرت المنظمة أن معسكرات الأمم المتحدة في جنوب السودان وحدها استقبلت نحو 45 ألف لاجئ طلبا للحماية.

كما رجحت المنظمة أن عدد القتلى الذين خلفهم الصراع حتى الآن يفوق بكثير عدد 500 قتيل المتداول رسميا. مؤكدة أن هناك «معلومات ذات مصداقية» عن وقوع أعمال شغب «وخاصة جرائم قتل» استهدفت مدنيين في مناطق مختلفة من جنوب السودان.

وفي سياق ذي صلة، جمعت وكالة الصحافة الفرنسية روايات عن شهود عيان حول أعمال عنف إثنية. ويروي سايمون بينما هو ممدد على فراش في إحدى قواعد الأمم المتحدة في جوبا عاصمة جنوب السودان كيف نجا من مجزرة ارتكبتها القوات الحكومية لكنه أصيب بجروح بالرصاص يسعى للتعافي منها.

ويقول إنه تم توقيفه مع رجال آخرين كثيرين عندما بدأت المعارك، قبل أن يجري قيادتهم مجردين من السلاح إلى مركز للشرطة قبل أن تطلق عليهم قوات الرئيس كير النار من خلال الزجاج على ما روى. فتقوقع في زاوية ثم اختبأ تحت الجثث.

وقال إن نحو 250 رجلا اقتيدوا إلى المكان ولم ينج منهم مثله سوى 12 بعد 48 ساعة عندما أخلي المبنى الواقع في إحدى الجادات الأكثر ازدحاما في جوبا. و«للبقاء على قيد الحياة اضطررت للاختباء تحت جثث الآخرين وخلال يومين بدأت تفوح رائحة نتنة فعلا منها لا أود كثيرا التحدث عنها»، على ما ذكر بتأثر.

واستطرد غاتويش وهو ناج آخر قائلا «لم نكن سوى 12 فكل الآخرين قتلوا». ويؤكد الرجلان أنهما استهدفا لأنهما من قبيلة النوير التي ينتمي إليها رياك مشار، وأن الجنود المسؤولين عن المجزرة هم من قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها الرئيس كير.

وتنفي الحكومة أن تكون مسؤولة عن أي عمل عنف ذي طابع قبلي. لكن شهادات كثيرة أخرى تبعث على الاعتقاد بوجود مخطط وحشي لأعمال عنف ذات طابع قبلي تشمل عمليات قتل واغتصاب منذ أن بدأت المواجهات.

ووردت معلومات مماثلة من مناطق أخرى في البلاد خاضعة للمتمردين المعارضين للرئيس، يشير بعضها إلى هجوم على قاعدة للأمم المتحدة من قبل شبان من قبيلة النوير في اكوبو بولاية جونقلي.

وروى آخر من النوير اسمه رياك، أنه لجأ إلى قاعدة للأمم المتحدة في جوبا بعد أن ترك عمله في الحرس الرئاسي الأحد، وشاهد عمليات قتل واغتصاب بالجملة. وكان يتخوف من أن يقوم عليه زملاؤه في نهاية المطاف.

وقال «هناك جنود يفعلون ذلك. وإنه يجري توزيع أسلحة على ميليشيات من شبان الدينكا»، متهما مكتب الرئيس بأنه يقف وراء عمليات توزيع الأسلحة. وأكد رياك أنه يجري تفتيش كل المنازل في أحياء الدينكا وأن أي شخص لا يجيب على السؤال «اين شولي» (ما اسمك؟ بلغة الدينكا) يسحب من منزله ويجري توثيقه ويقتل. وبين الضحايا أطفال.

وقال عامل إنساني طلب عدم كشف هويته أنه يبدو أن الجنود يخفون أيضا الأدلة عن غارات تستهدف أحياء النوير. وأوضح هذا المصدر «إنهم يطلبون من جنودهم أن يجمعوا الرصاصات قبل وصول (ممثلي) المجتمع الدولي»، مضيفا أنه شاهد جثثا مع أيد موثوقة وآثار الرصاص في الرأس. ثم تنقل الجثث وترمى خارج المدينة.

وروى آخر ينتمي إلى قبيلة النوير وقد لجأ إلى قاعدة للأمم المتحدة أن الجنود قتلوا زوجة أخيه وطفلاتها اللواتي تتراوح أعمارهن بين سنة وست سنوات بسحق منزلهن بدبابة. كما روى بانغ تيني وهو جنوب سوداني آخر هرب من أعمال العنف أنه شاهد عشرة من النوير يغتالون الأسبوع الماضي.

وقد سبق وهرب من بلاده إلى كندا أثناء حرب استقلال الجنوب ضد السلطة السودانية في الخرطوم لكنه عاد قبل تسعة أشهر. وهو يسعى مجددا للهرب لينجو من الموت. وقال «عندما يمسكون بك لا نراك أبدا بعد ذلك».