مقتل طفلة وإصابة آخرين في غارات إسرائيلية على غزة.. وحماس تخلي مقراتها

أعادت القطاع إلى أجواء الحرب.. وقلق إسرائيلي من تصاعد العمليات الفلسطينية

رجل إطفاء يخمد حريقا اندلع في مركز تدريب تديره حماس بعد غارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
TT

أغارت طائرات إسرائيلية على مواقع مختلفة في قطاع غزة استهدفت مواقع تابعة للفصائل وأراضي مفتوحة، وضربت المدفعية مناطق أخرى، ما أدى إلى مقتل طفلة (ثلاث سنوات) وجرح آخرين، وجاء ذلك بعد ساعات قليلة من تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرد بقوة على عملية مقتل إسرائيلي برصاص قناص فلسطيني قرب حدود القطاع.

وقالت وزارة الداخلية التابعة لحركة حماس إن الطائرات الحربية الإسرائيلية استهدفت موقع تدريب للمقاومة الفلسطينية شمال القطاع، فيما استهدفت أرضا فارغة وسط قطاع غزة. وأضافت لاحقا إن غارة ثالثة استهدفت موقع تدريب أيضا في مدينة دير البلح وسط القطاع.

بدوره، قال الجيش الإسرائيلي في بيان: «أغارت قوات جيش الدفاع الجوية والمدرعة إضافة إلى قوات أخرى على مواقع إرهابية مختلفة في قطاع غزة ردا على عملية قتل مواطن إسرائيلي على الجدار الأمني شمال قطاع غزة». وأعادت سلسلة الغارات الإسرائيلية القطاع إلى أجواء الحرب بعد أشهر من الهدوء النسبي. ووصل نتنياهو فجأة إلى الحدود مع القطاع، لتفقد القوات الإسرائيلية وتعهد بمواصلة الحرب على «الإرهاب».

لكن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون لمح إلى أن الضربة الإسرائيلية مؤقتة وتستهدف فرض الهدوء. وقال: «الهدوء في إسرائيل سيقابله هدوء في غزة، وأنا أوصي حماس بعدم اختبار صبرنا». وتابع: «لن نسمح لأحد بتعطيل الحياة في جنوب إسرائيل وسنرد بقوة على كل من يحاول إلحاق الضرر بنا».

وحمل يعالون حركة حماس المسؤولية، وقال إن «إسرائيل ترى فيها المسؤولة عن محاولات إطلاق قذائف في اليومين الماضيين وقنص مواطن إسرائيل اليوم (أمس)».

وردت حماس بتحميلها إسرائيل مسؤولية التصعيد. وقال مشير المصري، القيادي في الحركة، إن «الفصائل الفلسطينية ستكون في حالة تشاور لتحديد طبيعة التعامل مع إسرائيل»، مؤكدا حق المقاومة في الدفاع عن شعبها بكل الوسائل المتاحة. وقال المصري إن «إسرائيل هي التي تخرق التهدئة عبر استهدافها المدنيين واعتداءاتها المتكررة عليهم في منطقة الحدود».

وكانت حركة حماس توقعت تنفيذ إسرائيل الهجمات فأخلت كل المقرات الأمنية والحكومية. وعدت الحكومة الفلسطينية سلسلة الغارات التي شنتها قوات الاحتلال على قطاع غزة «دليل على ضعفها وارتباكها»، محملة إسرائيل مسؤولية تداعيات هذا العدوان.

وحملت الحكومة على لسان الناطق باسمها إيهاب الغصين في تصريح مقتضب «الاحتلال مسؤولية هذه الجرائم المتواصلة بقتل أبناء شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة»، مشددة «أن على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته والعمل على لجم الاحتلال ومحاسبته على جرائمه المتواصلة».

وجاء هذا التصعيد بعد ساعات من تعهد نتنياهو، بالعمل بكل قوة على إحباط الهجمات المتواصلة في الضفة الغربية وقطاع غزة ضد إسرائيليين، قائلا خلال افتتاحه لأول مشروع قطار محصن ضد الصواريخ في «سديروت» قرب قطاع غزة، «سنضرب بكل قوة وسنجعل أولئك الذي ينوون مهاجمتنا يفكرون مرتين».

ووصف نتنياهو مقتل إسرائيلي قرب غزة بحادث «خطير جدا». وأضاف قبل شن سلسلة الغارات «لن نجلس مكتوفي الأيدي. كانت سياستنا حتى الآن هي إحباط العمليات الإرهابية قبل وقوعها والرد عليها بقوة وهذا ما سنفعله في هذه الحالة أيضا». وتابع: «المحاولات التخريبية تشهد ازديادا لكن الجيش يعمل بكل قوة لإحباطها». وأردف: «سنواجه هذا الإرهاب بكل القوة».

وكان نتنياهو هدد أول من أمس باستئناف الاغتيالات بعد تفجير حافلة في مدينة «بات يام»، وما تبعها من محاولة طعن شرطي إسرائيلي فيما كان يعمل في توجيه السير في مدخل بلدة آدم، قرب رام الله، وإطلاق قذائف من غزة تجاه إسرائيل.

ويربط الإسرائيليون بين ارتفاع عدد العمليات الفلسطينية واستمرار مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية أميركية، وخصوصا مع شيوع أنباء عن قرب طرح واشنطن اتفاق إطار.

وثمة قلق في إسرائيل من تأجج الوضع على أرض الواقع، إذ تخشى الأوساط الأمنية مزيدا من العمليات كلما تقدمت المفاوضات كما حدث في سنوات سابقة وخصوصا بعد اتفاقية أوسلو ومحادثات كامب ديفيد، والتي أعقبها اندلاع الانتفاضة الثانية.

ولهذا ينوي نتنياهو طلب تمديد المفاوضات سنة أخرى بدلا من توقيع اتفاقية إطار. وقالت صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من نتنياهو، إن إسرائيل تنوي أن تطلب من الولايات المتحدة الإعلان عن تمديد المفاوضات سنة أخرى، والامتناع عن طرح اتفاق إطار خلال الشهرين القادمين.

وتعيد مصادر إسرائيلية سبب الطلب إلى أن الفجوات بين الطرفين (الإسرائيلي والفلسطيني) كبيرة، وأن أي محاولة للضغط على الطرفين من أجل التوصل إلى قرار قبل أن تتهيأ الظروف قد يؤدي إلى انفجار، وخصوصا فيما يتعلق بالقضايا الجوهرية مثل القدس واللاجئين.

ومن المفترض أن يطرح وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتفاق إطار بشأن القضايا الجوهرية، الشهر المقبل أو الذي يليه. وقال التلفزيون الإسرائيلي، إن «نتنياهو يخطط أيضا لإضافة طلب آخر من كيري، وهو إطلاق سراح الجاسوس الأميركي اليهودي لدى الولايات المتحدة جوناثن بولارد، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من الداخل». ومن المفترض أن تفرج إسرائيل نهاية هذا الشهر الحالي عن دفعة ثالثة من الأسرى لكنها لا تضم أسرى من القدس وعرب 48.