لاجئون سوريون يقيمون بعشوائيات في عمان ويفضلونها على الزعتري

«الشرق الأوسط» تزور خريبة السوق.. وسكانها يناشدون السلطات الأردنية عدم ترحيلهم

جانب من عشوائيات خريبة السوق في العاصمة الأردنية عمان («الشرق الأوسط»)
TT

في الأطراف الجنوبية من العاصمة الأردنية عمان أقامت عشرات العائلات السورية التي لجأت إلى الأردن من محافظة حماه مخيما عشوائيا للإقامة فيه.

ورغم افتقار المكان لأي خدمات أو بنية تحتية فإن عشرات العائلات السورية اللاجئة تفضل الإقامة في تلك المناطق العشوائية في عمان على الإقامة في مخيم الزعتري أو المخيمات الرسمية التي أقيمت للاجئين السوريين.

على عاتقهم أنشئوا المخيم قبل عامين، كما يقول اللاجئ صالح أبو بكر الذي قدم من ريف حماه مع عدد كبير من أقاربه. ويقول: «الحياة هنا في هذه الخيم أفضل من الإقامة في مخيم الزعتري أو غيره من المخيمات التي أقيمت للاجئين السوريين».

ويتابع أن «وجودهم في هذا المكان العشوائي في عمان في منطقة تسمى خريبة السوق يوفر لهم عملا، خصوصا وأن المنطقة التي اختاروها للإقامة فيها تجاور أكبر سوق مركزية للخضار والفواكه في العاصمة الأردنية علاوة على وجود مصانع تؤمن لهم عملا بداخلها».

اللاجئون السوريون في منطقة خريبة السوق أقاموا عشوائيتين متجاورتين، الأولى تضم 350 خيمة والثانية صغيرة بها 35 عائلة.

«الشرق الأوسط» زارت تلك العشوائيات في منطقة خريبة السوق التي تفتقد الخدمات والبنى التحتية، على عكس مخيم الزعتري. وعلى الرغم من ذلك، فإن سكان تلك العشوائيات اختاروا العيش فيها. ويقولون إن «ما يعجبهم في مكان سكناهم الحرية التي يتنفسون هواءها، والأمان الذي يعيشون فيه»، وهو ما يفتقر إليه مخيم الزعتري، بحسب زعمهم. وحسب هؤلاء فإن قيودا كبيرا تفرض على اللاجئين في المخيمات الرسمية أهمها حرمانهم من العمل.

وعشوائيات خريبة السوق أنشئت من خيام جهزت بالكهرباء والمياه من قبل مصنع مجاور يمتلكه تاجر أعمال أردني يختص بتصدير الخضار والفواكه.

ويقول أحد اللاجئين إن «الكثير من أبناء العشوائيات يعملون بالمصنع سواء من الرجال أو النساء ويتقاضى الواحد أجرا قدره دولارا ونصف الدولار عن كل ساعة عمل، الأمر الذي ساعدهم على الإقامة في هذا المكان».

ويخبرنا لاجئ آخر أن صاحب المصنع يوفر لهم الكهرباء والمياه مقابل خصم جزء صغير من الأجر اليومي للعمال.

إلا أن المشكلة الأساسية لمن يقيم في هذه العشوائية أنه لغاية اليوم لا تتوفر لأبناء اللاجئين هناك الدخول إلى المدارس، الأمر الذي دفع أحد اللاجئين والذي كان يعمل مدرسا إلى إنشاء مدرسة داخل إحدى الخيم من أجل تعليم الأطفال فيها.

ويقول الطفل علي (11 عاما) إنه لا يدرس ويتمنى أن يلتحق في بداية الفصل المقبل بإحدى المدارس الأردنية ليتابع دراسته التي انقطع عنها منذ عامين.

ويقول أحد كبار السن من اللاجئين السوريين إن هناك وعودا من المسؤولين في المدارس القريبة بأن يلتحق أبناء اللاجئين في تلك المدارس في الفصل الدراسي الثاني الذي يبدأ بعد شهر، إلا أن هناك مشكلة وهي عدم قدرة اللاجئين السوريين على تأمين مواصلات كي يرسلوا أطفالهم إلى هذه المدارس.

من جهتها، تقول الطفلة روان «إنها في الثامنة من عمرها ولم تدخل المدرسة قط، ولا تجيد القراءة ولا الكتابة»، أما زميلتها هدى (7 أعوام)، فبينت أنها تجيد القراءة ولا تجيد الكتابة، فيما عبر أطفال آخرون عن إجادتهم القراءة والكتابة سابقا، إلا أنهم قلقون من أعوام دراسية تنقضي من عمرهم هدرا.

ويقول اللاجئ يوسف من حماه إنه «قدم إلى هذه المكان بعد أن أقام في مخيم الزعتري لمدة ثلاثة شهور». وأكد: «لن أعود إلى الزعتري مطلقا وأنه في حال أجبرت على الإقامة هناك فسأعود إلى حماه لأنني لن أستطيع الإقامة في ذلك المخيم»، واصفا الحياة فيه بأنها «بائسة».

ولا يختلف باقي من يقيم في هذه العشوائيات عن رأي يوسف بأنهم في حال إجبارهم على ترك المكان والإقامة في الزعتري فإنهم يفضلون العودة إلى حماه.

وأكد لاجئون خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط» أن جميع سكان العشوائيتين دخلوا الأردن بطريقة مشروعة سواء من خلال المعابر الحدودية أو من خلال نقاط العبور التي أقيمت للاجئين. ويقول لاجئ إن جميع سكان المخيم لديهم بطاقات اللاجئين التي تمنحها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والتي يعتبرون بموجبها، «لاجئين مسجلين رسميا لدى المنظمة الأممية»، كما تعطيهم هذه البطاقات الحق في الحصول على قسائم شهرية (كوبونات)، لشراء السلع الغذائية فقط، كما تتيح لهم الاستفادة من الخدمات الصحية التي توفرها المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية.

ويخبرنا أحد اللاجئين أن هناك جمعيات خيرية تقدم لهم معونات ومدافئ وبطانيات وغيرها من المستلزمات الأساسية البسيطة.

ويقول أبو خليل، الذي يعيش مع زوجته وأولاده ووالده ووالدته في خيمتين متلاصقتين، أقامهما بنفسه، تضمان جهاز تلفزيون وصحن ستالايت، ومصابيح إنارة متدلية من السقف، إنه ترك مخيم الزعتري وجاء ليقيم هنا في هذه الخيمة التي حصل عليها من المفوضية السامية للاجئين وأنه استطاع الخروج من مخيم الزعتري بعد حصوله على كفالة من أحد الأردنيين.

ويشير أحد اللاجئين إلى أن غالبية أبناء المخيم هم أقارب ونزحوا من منطقة واحدة هي ريف حماه الشرقي، ناحية الحمرا، وأنهم قرروا البقاء هنا لحين عودتهم إلى ديارهم سوريا.

ويشار إلى أن هناك توجها حكوميا لإلغاء تلك العشوائيات وترحيل اللاجئين إلى مخيمات اللجوء الرسمية.

وأصدر وزير الداخلية الأردني حسين المجالي تعميما لإدارة شؤون مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن يقضي «بضرورة التعامل مع المخيمات العشوائية التي انتشرت في مناطق مختلفة من المملكة وبخاصة في عمان». وبحسب مصدر حكومي فإنه يقصد بالتعميم إغلاق تلك المخيمات العشوائية التي شكلها اللاجئون السوريون دون علم السلطات الأمنية في البلاد، إلى جانب إلحاق قاطنيها بمخيمات اللجوء الرسمية الخمس وهي الزعتري ومريجب الفهود وازرق و والحديقة.