الحكومة المصرية تقرر إعلان جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا

«بيت المقدس» تتبنى تفجير «المنصورة».. ومصدر أمني ينفي وجود اختراق من الداخل

عشرات الآلاف من المصريين شيعوا جثامين ضحايا التفجير الإرهابي الذي شهدته مدينة المنصورة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

قرر مجلس الوزراء المصري في اجتماعه أمس إعلان جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا. وقال نائب رئيس الوزراء وزير التعليم العالي الدكتور حسام عيسى في مؤتمر صحافي بمقر الحكومة بالقاهرة أمس إن «المجلس أعلن جماعة الإخوان وتنظيمها جماعة إرهابية في الداخل والخارج، والتعامل معها بناء على نص المادة 86 من قانون العقوبات وكل ما يترتب على ذلك من آثار».

وأوضح عيسى أن مجلس الوزراء قرر أنه لا عودة للماضي تحت أي ظرف ولن ترضخ الدولة لجماعة الإخوان المسلمين. وأنه سيتم تطبيق القانون على كل من يشترك في الجماعة أو التنظيم بالكتابة أو من يمولها، وإخطار الدول العربية المنضمة لمكافحة الإرهاب بهذا القرار. وفي أول رد فعل لها، قال مسؤول بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في مصر، إن القرار «ليس له أي أثر على عمل أو معتقدات الجماعة»، معتبرا أنه يعد نوعا من أنواع القمع المتكرر التي تمارسها الحكومة المصرية.

وقال إبراهيم السيد، عضو الحزب لوكالة أسوشييتد برس الأميركية إن «القرار بالنسبة لنا كأن لم يكن.. ولا يساوي أكثر من الورق الذي كتب عليه. ولن يمسنا من قريب أو بعيد، فالأفكار لا تتأثر بالإدانات المزيفة».

وتضمن القرار الحكومي أيضا منح الجيش والشرطة الحق في دخول الجامعات ومنع المظاهرات من أجل «حماية الطلبة». وهو ما يعد استكمالا لقرار حكومي سابق يوم الثلاثاء الماضي بتجميد أموال أكثر من 1000 جمعية تابعة لـ«الإخوان»، ووضع أكثر من نحو مدرسة مملوكة لأعضاء بالجماعة تحت الإشراف الحكومي. ويأتي ذلك فيما أحبطت قوات الجيش المصري محاولة جديدة لتفجير أحد المواقع الأمنية الهامة في سيناء أمس، بينما نفى مصدر أمني رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» وجود أي اختراق للمؤسسة الأمنية نتج عنه التفجير الذي جرى بمديرية أمن الدقهلية (شمال القاهرة)، أول من أمس، مؤكدا أن التفجير، الذي راح ضحيته 16 شخصا من بينهم 12 من قوات الأمن، جرى من الخارج عبر سيارة محملة بالمتفجرات، وأنه جار جمع الأدلة للتوصل إلى المتهمين. وعقد مجلس الوزراء اجتماعا أمس برئاسة الدكتور حازم الببلاوي لبحث تداعيات الأعمال الإرهابية التي وقعت أخيرا، واستعدادات إجراء الاستفتاء على الدستور المقرر في الرابع عشر والخامس عشر من الشهر المقبل. وقالت مصادر بالمجلس، قبيل الجلسة، إن الحكومة تتجه لإعلان جماعة الإخوان المسلمين «منظمة إرهابية»، باعتبارها مسؤولة عن أعمال العنف الأخيرة، وأنه جرى تكليف الدكتور أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي بإعداد مذكرة قانونية بذلك. وكانت سيارة ملغومة انفجرت في الفناء الخارجي لمديرية أمن محافظة الدقهلية في مدينة المنصورة فجر أول من أمس (الثلاثاء) أسفرت عن مقتل 16 شخصا، من بينهم 12 من قوات الأمن، وإصابة 134 آخرين. ورجحت التحريات الأولية لوزارة الداخلية قيام انتحاري يقود سيارة محملة بمواد شديدة الانفجار باقتحام الحواجز الأمنية وتفجير السيارة، بعدما جرى العثور على أشلاء آدمية وتناثر لأجزاء سيارة. وأعلنت رئاسة الجمهورية حالة الحداد العام لمدة ثلاثة أيام، وأكدت أنها ستحارب «الإرهاب» بلا هوادة.

وقال العميد عصام عبد السميع، الضابط في مديرية أمن الدقهلية، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «ما يشاع حول اختراق للمؤسسة الأمنية ووجود ضباط وجنود منتمين لجماعة الإخوان المسلمين أو أي من التنظيمات الإرهابية - التي دبرت الحادث - هو محض افتراء وغير صحيح بالمرة، وإلا كان الحادث جرى من الداخل»، نافيا في الوقت نفسه وجود اجتماعات أمنية على مستوى القيادات لحظة وقوع الحادث. وقال: «كان يوم عمل عاديا، والقيادات موجودة يوميا في الموعد نفسه».

ونسبت مواقع بيانا لجماعة «أنصار بيت المقدس» أمس، تعلن فيه مسؤوليتها عن استهداف مديرية أمن الدقهلية. قالت فيه إن مرتكب الحادث شخص يدعى «أبو مريم». ونصح البيان ضباط الشرطة والجيش بـ«ترك الخدمة في ميليشيات السيسي ومحمد إبراهيم، وأن يعتبروا مما رأوه في زملائهم». وتابع البيان أن «الحادث (جاء) ردا على ما يقوم به النظام الحاكم من محاربة للشريعة الإسلامية، وسفك لدماء المسلمين المستضعفين وانتهاك أعراض النساء»، بحسب زعم الجماعة. لكن عميد الشرطة أوضح أن «المعلومات المؤكدة حتى الآن تشير إلى أن عربة نقل اخترقت حاجز المديرية من الخارج وانفجرت، وأن هناك ركاما كثيرا جدا جار رفعه وجمع الأدلة لتحديد المتهمين بدقة». وشدد الضابط على أن «هناك أوامر لدى الداخلية بضرورة ضبط النفس والسيطرة على غضبة الشارع المصري، حتى لا تتحول إلى عملية انتقام تشيع الفوضى في الشارع»، وأضاف: «هم (الإرهابيون) يريدون ذلك، ويريدون إشاعة حالة إضرابات عامة وفوضى في البلاد.. لن نسمح بها».

وكانت جماعة بيت المقدس قد تبنت محاولة اغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم بالقرب من منزله في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كما أعلنت مسؤوليتها عن عدة تفجيرات وقعت لمبان أمنية كان آخرها تفجير وقع بمحيط مبنى تابع للمخابرات في الإسماعيلية. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن الدكتور أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي قام بإعداد مذكرة قانونية بشأن إعلان جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وذلك بتكليف من الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء لإعلانها بشكل رسمي عقب موافقة مجلس الوزراء عليها. وقال مصدر مسؤول أمس إن المذكرة تتضمن المواثيق والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر وغير الموقعة بشأن إعلان بعض الجماعات منظمات إرهابية، والسوابق التاريخية العالمية في هذا الصدد، وإن هناك عددا كبيرا من الوزراء طلبوا إدراج جماعة الإخوان منظمة إرهابية، وبناء عليه جرى تكليف الدكتور البرعي بإعداد المذكرة القانونية اللازمة لذلك. وأدانت جماعة الإخوان حادث الدقهلية في بيان رسمي أمس، كما نفت علاقاتها به. وكان حكم قضائي صدر مطلع نوفمبر الماضي بحظر أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين وأي جمعيات ترتبط به أو تتفرع عنه.

وفي واقعة أخرى، قال المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة إن قوات الجيش أحبطت محاولة لتفجير أحد المواقع الأمنية قي سيناء وألقت القبض على أربع أشخاص من «العناصر التكفيرية». وأوضح المتحدث العقيد أحمد محمد علي، في بيان نشر على صفحته على «فيس بوك» أمس، إن قوات الجيش الثاني الميداني شنت حملة مداهمة فجر أمس في شمال سيناء وألقت القبض على «جمعة خميس محمد بريكة، فلسطيني الجنسية، وينتمي إلى حركة حماس.. وبالتحقيق معه اعترف باعتزامه تفجير سيارة بأحد المواقع الأمنية الحيوية بالدولة». ودخلت القوات المسلحة والشرطة في مواجهة موسعة في سيناء مع عناصر مسلحة تستهدف الجيش والشرطة بشكل شبه يومي منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في الثالث من يوليو (تموز) الماضي، عقب مظاهرات حاشدة خرجت ضده.

وأضاف المتحدث أن القوات ألقت القبض على «أحمد عزمي حسن أحد العناصر التكفيرية الخطرة بالعريش، وأسامة أحمد عاشور بدوي أحد ممولي التكفيريين، وعنصرين آخرين». وتابع أن «الحملة الأمنية أسفرت عن تدمير وحرق 28 عشة خاصة بالعناصر التكفيرية، تستخدمها كنقاط انطلاق لتنفيذ عملياتها الإرهابية». وأضاف المتحدث أن قوات الأمن شنت حملة مداهمات بغرب القناة وألقت القبض على 60 فردا من «العناصر الإجرامية»، من بينهم 34 «سياسيا إخوانيا».

واستمرارا لمشاهد العنف المتكررة في الجامعات المصرية، نشبت اشتباكات بين عدد من الطلاب في جامعة المنصورة، عقب خروج طلاب الإخوان في مسيرة للمطالبة بالإفراج عن زملائهم المعتقلين ومقاطعة الاستفتاء على مشروع الدستور، مما أثار غضب الطلاب المعارضين، فتراشق الطرفان بالحجارة.

كما وقعت اشتباكات أخرى في جامعة الزقازيق بين الطلاب أنصار الإخوان من جهة والمعارضين لهم وأفراد الأمن الإداري من جهة أخرى أدت إلى إصابة أكثر من عشرة طلاب ورجال أمن، ودخلت الشرطة الحرم الجامعي للسيطرة على الموقف.