مصادر فرنسية رسمية: لبنان موضوع رئيس في مباحثات هولاند مع القيادة السعودية

ثلاثة عناوين لقلق باريس.. الأمن واللاجئون السوريون والفراغ المؤسساتي

TT

قالت مصادر فرنسية رئاسية إن لبنان سيكون أحد المواضيع الأساسية التي سيثيرها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع القيادة السعودية خلال الزيارة الرسمية التي سيقوم بها إلى الرياض يومي الأحد والاثنين المقبلين.

ولا تخفي باريس قلقها العميق إزاء المسار الذي يسلكه الوضع اللبناني من زاوية تأثره بما يحصل في سوريا كما أنها لا تترك بابا إلا وطرقته في محاولة منها لتخفيف الوقع على البنية اللبنانية التي تبدو الأكثر هشاشة من بين كل بنى بلدان الجوار. ويحمل القلق الفرنسي ثلاثة عناوين هي: أزمة اللاجئين السوريين والضغوط والأعباء التي ترتبها على الدولة والمجتمع، والأمن والاستقرار على ضوء الأحداث المتنقلة في المناطق اللبنانية، وأخيرا الفراغ الدستوري والمؤسساتي.

وينطلق التحرك الفرنسي، وفق المصادر الرئاسية، من «التزام باريس بأمن واستقرار لبنان ومؤسساته» ومن رغبة فرنسية في «المحافظة على الأمور الأساسية». بيد أن باريس لا تريد أن تتحول طرفا في المنازعات اللبنانية بل إن ما يهمها بالأحرى، هو «الدفع باتجاه توافق إقليمي» يوفر ما تعتبره أساسيا في لبنان أي الأمن والاستقرار في مرحلة «صعبة وستزداد صعوبة كلما تواصلت الحرب السورية ولم تتمخض الاتصالات والمؤتمرات عن حل متفاوض عليه ومقبول» وذلك في إشارة منها إلى مؤتمر جنيف 2 الموعود.

ولا تخفي المصادر الفرنسية «تشاؤمها» مما قد يسفر عنه جنيف 2 في حال انعقاده بسبب تباعد مواقف الأطراف وعدم تخلي الرئيس السوري عن خطة القضاء على المعارضة عسكريا. فضلا عن ذلك، فإن باريس ترى أن الجانب الروسي ما زال يناور ولم يصل بعد إلى مرحلة «كشف الأوراق» والإعلان عن «الثمن» الذي يريده والضمانات التي يبحث عنها مقابل الانخراط في البحث عن «بديل» للرئيس السوري مع المحافظة على بنية الجيش والدولة والتوافق على برنامج الحكومة الانتقالية والشخصيات التي يمكن أن تتشكل منها. كذلك نقلت المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» كلاما عن مسؤولين روس يتخوفون فيه من أن يكون الأسد «غير مستعد لتقبل النصائح» الروسية بقبول الامتناع عن الترشح لولاية رئاسية إضافية خصوصا أنه يشعر أن زمن الخطر العسكري والسقوط «أصبح وراءه». ولذا تعتبر باريس أن الأزمة في سوريا «متواصلة» ومعها تتصاعد المخاطر إلى تتهدد لبنان وتتزايد الحاجة لتوفير «شبكة أمان» عبر بناء توافق حول ضرورة المحافظة على لبنان و«تحييده» عن الأزمة السورية إذا كان مثل هذا الهدف ممكن التحقيق بالنظر إلى انغماس الأطراف اللبنانية في الحرب في سوريا. وترى فرنسا أنه «لا أحد يملك بنفسه ولوحده مفاتيح الحل في لبنان بل إن الحلول توافقية» وتحتاج إلى أطراف عدة، مشيرة بالاسم إلى الأطراف الإيرانية والسورية والسعودية والغربية التي لكل منها دور. لكنها بالمقابل ترى أن مسؤولية اللبنانيين في إدارة شؤون بلدهم والتفاهم بشأن مستقبله لا تتقدم عليها مسؤولية أخرى.

وتتخوف باريس من شبح الفراغ المؤسساتي في لبنان. ولذا فإن الرئيس هولاند سيثير مع القيادة السعودية حال الوضع السياسي الداخلي في لبنان «وما يمكن القيام به بالتنسيق بين باريس والرياض وأطراف أخرى حتى لا نصل مع الربيع المقبل إلى برلمان غير فاعل وحكومة غير مشكلة ورئاسة للجمهورية من غير رئيس». وكشفت المصادر الفرنسية الرسمية أن هولاند «سيتحدث عن هذه المواضيع مباشرة إلى العاهل السعودي» خصوصا حول موضوع الانتخابات الرئاسية لمعرفة فرنسا بـ«حرص السعودية على التوازنات السياسية الداخلية في لبنان» ولموقع رئاسة الجمهورية في هذا السياق. وفهم في باريس أن الدبلوماسية الفرنسية ستقوم بمروحة واسعة من الاتصالات على مختلف المستويات كما أنها أبدت استعدادها لجمع اللبنانيين على أراضيها ووفق ما فعلته في الماضي (عام 2007) إذا لاقى اقتراحها قبول الأطراف اللبنانية المعنية.

وفي موضوع المساندة المادية للبنان، تريد باريس توجيه مجموعة الدعم الدولية التي ساهمت بإيجادها في نيويورك نحو هدفين اثنين: توفير الدعم للجيش اللبناني الذي ترى أنه رغم العوائق الكبيرة التي تعترضه، يشكل «الدعامة الرئيسة» للأمن والاستقرار في لبنان. ومن الناحية الثانية، تريد منها التركيز عل مساندة لبنان ميدانيا وماليا لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين إلى أراضيه. وترى باريس أن حالة لبنان هي الأكثر صعوبة لأنه لا مخيمات للاجئين السوريين في لبنان «لأسباب معروفة نحن نتفهمها» بعكس ما هو الحال مثلا في تركيا والأردن.