خلاف في تونس حول ميزانية العام المقبل

المعارضة طالبت بتأجيل النظر فيها والحكومة تمسكت بمناقشتها

علي العريض رئيس الحكومة التونسية ويبدو وراءه رئيس الوزراء الجديد الذي سيخلفه المهدي جمعة أثناء جلسات الحوار في المجلس التأسيسي (البرلمان) في تونس أمس (رويترز)
TT

يناقش أعضاء المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان التونسي) منذ يوم الأربعاء الماضي ميزانية الدولة وقانون المالية لتونس لسنة 2014، في أجواء من التوتر والاختلاف بين نواب الأغلبية الممثلة للائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة الإسلامية، ونواب المعارضة الذين كان عدد منهم قد طالبوا بتأجيل النظر في هذه الميزانية إلى بعد نهاية الحوار الوطني وتشكيل الحكومة الجديدة بقيادة المهدي جمعة.

وكان علي العريض رئيس الحكومة أكد في بيان الحكومة حول ميزانية العام الجديد الذي ألقاه أمام المجلس الوطني التأسيسي أن «تأجيل النظر في الميزانية فيه مضار كبيرة ولا يوجد فيه مصلحة وسيعطّل مصالح البلاد وقد يكون ذلك سابقة قانونية لا عهد لنا بها»، مضيفا قوله إنه «لا جدوى في تأجيل النظر في الميزانية إلى وقت لاحق بل إن ذلك يعد مغامرة».

وقرر عدد من نواب المعارضة في مرحلة أولى عدم حضور إلقاء علي العريض كلمته أمام المجلس التأسيسي احتجاجا على عدم قبول رئيس المجلس تأجيل النظر إلى الجلسة العامة المخصصة لموضوع الميزانية. ومباشرة بعد إلقاء رئيس الحكومة كلمته قرر نواب المعارضة في المجلس التأسيسي مقاطعة جلسات مناقشة ميزانية العام الجديد، قبل أن يعود أغلبهم للحضور في جلسة بعد ظهر أول من أمس وجلسة أمس للمشاركة في النقاش وإبراز «مساوئ وعيوب هذه الميزانية» على حد قول بعضهم.

ويرى ممثلو الأحزاب التي طالبت بتأجيل النظر في الميزانية أن «الأفضل ترك الحكومة الجديدة التي سيقودها المهدي جمعة، تعد مشروع ميزانية جديد» وكذلك «فسح المجال أمام المجلس التأسيسي لاستكمال صياغة الدستور والمصادقة عليه قبل أي شيء آخر». في حين تمسكت أحزاب الائتلاف الحاكم بقيادة حزب حركة النهضة «بوجوب مناقشة مشروع الميزانية والمصادقة عليها قبل نهاية السنة الحالية». وقد تمت دعوة مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي السابق في جلسة الحوار الوطني بعد ظهر أول من أمس الأربعاء للإدلاء برأيه في هذا الموضوع باعتباره أحد أبرز المختصين التونسيين في المسائل المالية. وأكد النابلي أنه «من الناحية الاقتصادية والمالية فإن تأجيل النظر في الميزانية يحمل مخاطر كثيرة، وإن مثل هذا الأمر لم يحدث من قبل مطلقا في تاريخ تونس».

ويرى بعض المراقبين الاقتصاديين والماليين أن السبب الرئيس الذي جعل الحكومة ترفض التأجيل هو حاجتها الأكيدة في الوقت الراهن إلى التمويل من هيئات مالية عالمية، وأن هذه العملية لن تكون ممكنة دون مصادقة على ميزانية العام الجديد. وقد عرفت جلسات مناقشة قانون المالية الجديد أجواء ساخنة حتى الآن، ينتظر أن تنعكس على عملية المصادقة على الميزانية. وقد أكد بعض النواب المنتمين لأحزاب معارضة أنهم سيصوتون ضد الميزانية، أما نواب حركة النهضة القائدة للائتلاف الحاكم في تونس فلئن دافعوا خلال النقاش على مشروع الميزانية فقد طالب بعضهم بمراجعة بعض الفصول، علما بأن للائتلاف الحاكم أغلبية من النواب في المجلس التأسيسي تضمن له المصادقة على مشروع الميزانية.

وكانت أكثر من جهة قد انتقدت بشدة مشروع قانون مالية 2014 لأسباب مختلفة، حيث اعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) أن المشروع «يحتوى على إجراءات ستفاقم من المصاعب التي تمر بها الفئات الضعيفة وحتى المتوسطة»، في حين أشار الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة الأعراف التونسية) إلى أن المشروع «سيساهم في إثقال الضغط الجبائي على المؤسسات الاقتصادية التونسية». وأن بعض الإجراءات الواردة فيه «تأتي في توقيت غير مناسب بالمرة نظرا للأوضاع التي تمر بها البلاد».

وتعيش تونس مصاعب اقتصادية كثيرة تتجلى بالخصوص في ارتفاع نسبة التضخم التي بلغت 6 في المائة، وعجز في الميزان التجاري بنحو 5 مليارات دولار، وتراجع قيمة الدينار أمام الدولار الأميركي واليورو بنحو 9 في المائة منذ بداية السنة.