الصينيون يتذكرون ماو.. باحتفالات محدودة

مؤسس الصين الحديثة لا يزال مثار جدل بعد 37 سنة على رحيله

زوار ينتظرون دورهم لرؤية جثمان ماو المحنط بمناسبة الذكرى الـ120 لميلاده، في مدينة شوشان بإقليم هونان أمس (أ.ف.ب)
TT

أحيت الصين أمس الذكرى العشرين بعد المائة لميلاد ماو تسي تونغ، مؤسس الصين الحديثة، إلا أن مظاهر الاحتفال تراجعت في الوقت الذي يشرع فيه الرئيس الصيني تشي جين بينغ في إصلاحات اقتصادية واسعة أقلقت اليساريين. وتوجه الرئيس جين بينغ رفقة عدد من القادة الصينيين الآخرين إلى الجثمان المحنط لماو، في مدينة شوشان التابعة لإقليم هونان، في إطار احتفالات محدودة أعدتها السلطات بعناية. وانحنى تشي وستة أعضاء آخرين في لجنة المكتب السياسي للحزب، أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب، ثلاث مرات أمام ضريح ماو، حسبما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة. وقالت الوكالة في نبأ مقتضب إنهم «استذكروا إنجازات الرفيق ماو المجيدة».

ويلقى ماو، مؤسس الجمهورية الصينية الذي قاد البلاد 27 سنة حتى وفاته في 1976، احتراما كبيرا لدى الكثير من الصينيين، إلا أنه يثير انتقادات آخرين لحملاته السياسية التي أودت بحياة ملايين الأشخاص من «القفزة الكبرى» (1958 - 1962) إلى الثورة الثقافية التي أطلقت في 1966. وتجذب مدينة شاوشان، الواقعة في وسط الصين، آلاف الزوار من المعجبين به أو يشعرون بالحنين إلى عهده، الذين توجهوا للوقوف أمام تماثيل «القائد العظيم».

وقال جيانغ تشي، (33 سنة)، الذي يعمل في شركة للبناء، وهو يتابع الألعاب النارية في شوشان فوق تمثال كبير للزعيم الراحل، إن «ماو كان قائدا عظيما للأمة الصينية. كان شخصا كاملا، وبالنسبة لنا هو شخص يمكن أن نتعلم منه». وردد عدد من المؤيدين لماو، وبعضهم كان يرتدي بزات تشبه تلك التي اشتهر بها: «يعيش القائد ماو». وحضرت إلى شوشان أيضا مجموعة تضم 100 شخص تقريبا يسمون أنفسهم «أصدقاء الإنترنت الحمر»، وهم ناشطون يساريون في الجناح اليساري للحزب الشيوعي الصيني. ورفع بعضهم إعلاما حمراء وهتفوا «تسقط الإمبريالية الأميركية».

وقال ناشطون إن الشرطة احتجزت عددا من المؤيدين لماو من مختلف الأقاليم لمنعهم من الاحتفال بعيد ميلاده، مشيرين إلى التحدي الذي يشكله إرث ماو للقيادة. وقال رجل يدعى وي، رفض ذكر اسمه الكامل، وهو يلوح بعلم يحمل صورة ماو، إن «الشرطة اعترضت طريق كثيرين منا. هذه الحكومة لا تعمل وفق مبادئ الزعيم ماو، لذلك هم يشعرون بالخوف. إنهم فاسدون». واستمر الاحتفال في شاوشان أربع ساعات وزعت خلاله مجانا المعكرونة الصينية (نودلز) الطبق التقليدي الذي يوزع في أعياد الميلاد بالصين. وقالت دينغ، (63 سنة): «عندما نتناول هذا الطبق نشعر بالسعادة. إنها تعبر عن حبنا لزعيمنا ماو العظيم»، عادة ماو «دمر الإمبريالية اليابانية».

ومع أن 12 عقدا تشكل دورة زمنية مهمة في التقاليد الصينية، طلب الرئيس تشي أن يكون تكريم ماو «رسميا وبسيطا وعمليا». وفي الإطار نفسه، حرص الحزب الشيوعي الصيني على تحقيق توازن في الإشادة بماو، متحدثا في الوقت نفسه عن «أخطاء» ارتكبها. وكتبت صحيفة «غلوبال تايمز»، القريبة من الحزب الحاكم، أمس، إن ماو «ارتكب أخطاء كبيرة»، لكنها اتهمت منتقديه بأنهم يسعون إلى تشويه تاريخ الصين وعرقلة تطورها. وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها إلى «التشهير بماو وتجاهل ما أنجزته الصين في العقود الستة الماضية». وقالت: «يمكننا أن نقول إن لمعظم هؤلاء المنتقدين دوافع قديمة لتشويه صورة وشرعية ماو من أجل عرقلة تطور الصين»، مؤكدة أن «أفكارهم انحرفت عن الطريق الصحيح لتقييم شخصية تاريخية».

وكان الحزب الشيوعي الصيني كشف الأسبوع الحالي عن وقائع جديدة من حياة ماو ومبادراته، بينما أشادت صحيفة الحزب بدوره العقائدي المؤسس للنظام. وقالت وكالة «الصين الجديدة»، إن الاحتفالات التي تنظم بشاوشان في هذه المناسبة كلفت 1.94 مليار يوان (320 مليون دولار)، مما يخالف أوامر الرئيس شي جين بينغ بالتقشف.