علي جمعة لـ«الشرق الأوسط»: المصريون سيخرجون لتأييد الدستور رغم دعاوى التخويف

قوى سياسية تواصل الحشد في المحافظات لإنجاح الاستفتاء كأول استحقاق لخارطة المستقبل

مظاهرات ولافتة مؤيدة للدستور منددة بجماعة الإخوان وسط القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

رفض الدكتور علي جمعة، مفتي مصر، دعوات تخويف المصريين من الخروج للاستفتاء على الدستور المصري الجديد. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المصريين كلهم سوف يخرجون لقول «نعم ونعم للدستور»، لأنه دستور ليس له مثيل». يأتي هذا في وقت واصل فيه مسؤولون في الحكومة وقوى سياسية، الحشد للتصويت على الدستور الجديد منتصف الشهر المقبل، الذي يعد أول استحقاق حقيقي لخارطة مستقبل مصر، كان آخرها مؤتمر حاشد للألوف من قيادات الفلاحين المصريين.

وتتجه الأنظار المصرية والدولية لأول خطوات خارطة المستقبل التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية في يوليو (تموز) الماضي، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وتعزز نتائج الاستفتاء إلى حد بعيد شرعية ثورة 30 يونيو (حزيران)، بحسب مراقبين. ونشطت القوى السياسية في الدعوة للمشاركة في الاستفتاء أمس، في مسعى للتقليل من تأثير موجة عنف وعمليات تفجير تشهدها مصر في الوقت الراهن والتي تنظمها جماعة الإخوان المسلمين، لإحداث تأثير محتمل على نسبة المشاركة في الاستفتاء.

وقال عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين التي عدلت دستور عام 2012، إن «هزيمة الإرهاب هي التصويت على الدستور وخروج الشعب يومي 14 و15 يناير (كانون الثاني) المقبل، مؤكدا في كلمته في مؤتمر للفلاحين حول الدستور بالقرية الذكية بحضور عاطف حلمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أمس، أن «الخطوات المقبلة التي يجب أن نعبرها هي إتمام خارطة الطريق والاستفتاء على الدستور ويعقبه الانتخابات ثم انتهاء المرحلة الانتقالية»، لافتا إلى أن هذه الوثيقة الدستورية تختلف جذريًا عن دستور 2012 فهو يمثل مصر الديمقراطية الحديثة ذات الحكم المدني.. فهذا الدستور استند لأسس الديمقراطية».

كما قال عمرو موسي في مؤتمر آخر شارك فيه آلاف الفلاحين بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر (شرق القاهرة) أمس، إن «مصر سيكون لها برلمان حقيقي يمثل كل المصريين.. ومصر سوف تنتصر ولا مجال لليأس».

وطالب موسى الفلاحين بالنزول للاستفتاء على الدستور والتصويت بـ«نعم»، للتأكيد على خارطة الطريق التي وضعتها القوات المسلحة مع القوى السياسية والأزهر والكنيسة.

وقال موسي خلال المؤتمر: «سأنتخب الرئيس الذي تهتفون له الآن»، هاتفا (سيسي سيسي)، بعد هتافهم المتكرر للفريق أول عبد الفتاح السيسي قائد الجيش المصري.

وأضاف الدكتور أيمن فريد أبو حديد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن «مشروع الدستور جاء بعد ثورتين عظيمتين وتوافق على الدستور الجميع، حيث جاء معبرًا عن آمال وطموحات ومطالب جموع الشعب المصري ومقدرًا للجهود التي يبذلها الفلاح في خدمة أرضه، مما له الأثر الأكبر في تحقيق الأمن الغذائي القومي المصري».

في السياق نفسه، قال الدكتور نبيل العربي، أمين عام جامعة الدول العربية، إنه بصفته مواطنًا مصريًا، وليس أمينًا لجامعة الدول العربية، يدعو المواطنين إلى المشاركة في الاستفتاء والتصويت بـ«نعم»، وذلك في كلمة له أمام المؤتمر السنوي لرابطة العلماء المصريين بأميركا وكندا، والذي عقد في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بالإسكندرية.

وبينما أكد منير فخري عبد النور، وزير التجارة والصناعة، أن «النزول يومي الاستفتاء على الدستور، سيقضي نهائيا، على أعداء الديمقراطية»، لافتًا إلى أن مصر أمامها فرصة كبيرة لتحقيق التنمية الاقتصادية التي نادت بها ثورة 30 يونيو، لكنها مرهونة بإرساء الأمن والاستقرار.

ووصف الدكتور محمد أبو شادي، وزير التموين والتجارة الداخلية، دستور مصر الجديد بـ«دستور العبور»، لافتا النظر إلى أنه جرى إعداد الدستور من خلال جميع فئات المجتمع. وأضاف الوزير، على هامش افتتاح معرض السلع الغذائية أمس، أن «الدستور الجديد تضمن مواد تمنع الديكتاتورية التي شهدتها مصر خلال الفترات الماضية».

وأعربت السفيرة ميرفت التلاوي، رئيس المجلس القومي للمرأة، عن تفاؤلها بخروج الملايين للمشاركة في الاستفتاء على الدستور، مضيفة خلال اجتماع اللجنة القومية لإدارة الأزمات والكوارث، مساء أول من أمس، أن «المشاركين في الاستفتاء سيعلنون تحديهم الإرهاب الخسيس، الذي لم يرحم كبيرا أو صغيرا»، مؤكدة أنه مهما فعل الإرهابيون فلن يهزموا إرادة الشعب المصري، الذي لن يستطيع أحد تهديده، أو منعه من المشاركة.

وقالت المستشارة تهاني الجبالي، النائبة السابقة لرئيس المحكمة الدستورية العليا، إن «المشروع الذي أعدته لجنة الخمسين جاء احتراما لذاتية الأمة»، مؤكدة خلال ندوة «الشباب والدستور» بمقر محافظة القاهرة، أن الشعب المصري سوف يقف ضد محاولات الترهيب والتخويف مهما كان اختلاف بعض المواد والآراء.

من جهته، أكد الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق، أن «التصويت بنعم على الدستور ضمانة لاستقرار البلاد، ولذلك فالشعب المصري يريد أن تستقر حياته ويستقر وطنه، ولذلك فأنا أرى أن نسبة كبيرة ستخرج للإدلاء بصوتها في الاستفتاء على الدستور».

وفي تعليقه حول دعوة البعض لمقاطعة الاستفتاء على الدستور، قال واصل لـ«الشرق الأوسط»: «أقول لهم لا داعي لإثارة العنف والخلاف على مستقبل الوطن ولنجعل استقراره هدفنا الذي ننشده، فمصر بالفعل تمر بمرحلة فارقة في حياتها وحياة أبنائها وتحتاج إلى أن تستقر الأمور بها، حتى يمكننا البدء في رسم المستقبل».

ووزعت جماعة الإخوان في بعض محافظات مصر أمس، ملصقات ومنشورات بعنوان «أخي.. قاطع» تدعو لمقاطعة الاستفتاء «لأن إقراره يعني إسقاط شرعية مرسي».

فيما اتجهت قوى سياسية أخرى نحو محافظات مصر في الجنوب، وهي المناطق التي استغلتها جماعة الإخوان من قبل نظرا لتدني معدلات المعيشة وانتشار عناصر الجماعة فيها، وذلك لحشد المواطنين في الانتخابات نحو الصندوق.

وأكد المشاركون في مؤتمر المجلس الأعلى للقبائل العربية بمدينة الغردقة السياحية المطلة على البحر الأحمر جنوب شرقي مصر أمس، أنهم سوف يقفون بقلب رجل واحد للمشاركة في الاستفتاء على دستور مصر، وأنهم لن يسمحوا لأي فصيل آخر أن يعطل خارطة الطريق، وسط هتافات للفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي لمطالبته الترشح رئيسا لمصر. وقال الكاتب مصطفى بكري خلال المؤتمر، إن «جميع أبناء القبائل سيشاركون في الاستفتاء على الدستور»، مؤكدا أن نسبة التصويت بنعم على التعديلات الدستورية لن تقل عن 85 في المائة وأن ذلك هو أبلغ رد حقيقي على تأييد ثورة 30 يونيو والقوات المسلحة.

ويهدف المؤتمر للحشد والمشاركة للتصويت على الدستور، والاتفاق على تسليم السلاح على غرار ما تم من قِبل قبائل محافظة مطروح شمال سيناء.

وقال قيادي بحزب النور السلفي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قيادات الحزب يجوبون محافظات مصر ويعقدون المؤتمرات التي تشرح كل مواد الدستور بالتفصيل.. للتصويت عليه بنعم».

وأكد الدكتور محمد إبراهيم منصور عضو الهيئة العليا لحزب النور، ممثل الحزب بلجنة الخمسين، أن الحزب نظم العديد من الدورات التدريبية لكوادره وأعضائه على مستوى محافظات مصر للمشاركة في فعاليات حملة «نعم للدستور»، وأن الحزب أعد أكثر من 600 كادر على مستوى محافظات مصر، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 200 كادر في كل محافظة حتى يستطيعوا التواصل مع المواطنين وبيان حقيقة الدستور، مشيرا في تصريحات صحافية أن الحزب ينظم يوميا أكثر من خمسة مؤتمرات بالمحافظات ضمن فعاليات الحملة، بخلاف اللقاءات التي يقوم بها أعضاء الحزب بالمراكز والقرى.

من جهة أخرى، دعا الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق، المصريين، للصبر على أحداث العنف والقتل التي تشهدها مصر حاليا، قائلا: «علينا بالصبر.. فبالصبر سوف نصل إلى ما نصبو إليه». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «العنف أصبح موجودا في الشارع بصورة كبيرة والتعامل الأمني معه أصبح لا يجدي مع ما يحدث في الشارع الآن».

ويتظاهر شباب الإخوان في الجامعات وأنصار الجماعة في القاهرة وعدة محافظات بشكل يومي، في سيناريو يتكرر منذ عزل مرسي وفض السلطات اعتصامين لأنصار المعزول في ميداني «رابعة العدوية» (شرق) و«النهضة» (غرب القاهرة) منتصف أغسطس (آب) الماضي، وشهدت البلاد أعمال عنف سقط خلالها مئات القتلى والجرحى.

وبسؤاله عن رأيه حول قرار إدراج جماعة الإخوان كـ«جماعة إرهابية»، قال جمعة إن العنف لن يتوقف في الشارع، حتى بعد إعلان الإخوان «جماعة إرهابية».. وعلينا أن نصبر.

وأعلنت الحكومة جماعة الإخوان «منظمة إرهابية» وجمد البنك المركزي المصري أموال عدد من الجمعيات الأهلية المرتبطة بجماعة الإخوان تنفيذا للحكم الصادر بحظر نشاطها ومصادرة ممتلكاتها.

وحول مظاهرات طلاب الجامعات لتعطيل امتحانات نصف العام، قال مفتي مصر السابق: «لا زلت أكرر على الشباب أن يذهبوا للكتاب والسنة وينظروا إلى ما كتبه الله سبحانه وتعالى ولا يتخذوا التنظيم دينا»، مطالبا الشباب بالرجوع إلى الكتاب والسنة حتى يتبين لهم خطأ موقفهم.