الحارس الشخصي لشطح كتب قبل مقتله عن كابوس مزعج

طارق بدر.. أضناه حزنه على رحيل والده

طارق بدر
TT

«ونمت على أمل أن كفنك كان مجرد كابوس.. ونمت معتقدا أني سأنسى طقوس العزاء.. لكن كل شيء كان حيا ما عداك أنت يا أبي..». هذه هي الجملة الأخيرة التي نشرها طارق بدر، الحارس الشخصي للسياسي اللبناني محمد شطح عبر صفحته الشخصية على «فيس بوك»، قبل أن يلقيا حتفهما في تفجير سيارة مفخخة وسط بيروت الجمعة.

كتب تلك الكلمات عند الساعة الثالثة والنصف من فجر الخميس الماضي، ولم يكن قد أغمض عينيه بعد. أو ربما فتحهما ذعرا من الكابوس المزعج ذاته.

الصورة النمطية عن شخصية «الحارس الشخصي» أو «رجل الظل» القاسي ذي المشاعر الحديدية الذي يرافق السياسيين والمسؤولين، ويقوم بمهمة الحفاظ على أمنهم، يبددها التدقيق في صفحة طارق على «فيس بوك»، التي لم يتردد في الإعلان من خلالها عن عمله سائقا مرافقا ومساعدا شخصيا عند الرئيس سعد الحريري (رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق) منذ عام 2006.

لا يظن الباحث في صفحته أن نظره قد يقع على صورة الشخصية الكرتونية (Tintin) مرفقة بعبارات بالإنكليزية، جاء فيها: «ثمة لحظات في الحياة، عندما تشتاق كثيرا إلى أحدهم، لا تود إلا انتشالهم من أحلامك ومعانقتهم حقيقة».

ويبدو واضحا من صفحته، كما من شهادات أصدقائه، الحزن الذي أضناه برحيل والده، والذي عبر عنه في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بتعليق كتب فيه: «أبي رحيلك ينزع الحياة من أحشاء روحي.. أفتقدك مع كل حدث في حياتي. أفتقدك مع كل دمعة أتمنى أن تمسحها. افتقدك حينما أرى أبا يتكلم ويضحك مع أبنائه». لم يكبر قلبه الطفل على الرغم من سنواته الـ27. قبل أسبوعين من رحيله، خاطب شقيقيه بتعليق أشبه بوصية: أخبروا إخوتي بأنهم أبي الثاني، وأنهم سندي في هذه الدنيا، وأنهم عوني بعد الله، وأني أحبهم جدا..». ولا تغيب طيبة قلبه وعصاميته وشغفه بوظيفته عن شهادات أصدقائه؛ يقول محمود، صديقه منذ الصف المدرسي الأول لـ«الشرق الأوسط»: «كان مغرما بمرافقة الشخصيات وقيادة السيارات الجديدة وبالسرعة»، لافتا إلى أنه «لم يكن عنصرا حزبيا لكنه لم يجد أمامه خيارا إلا هذا العمل، بعد أن توقف عن دراسته الجامعية». يسخط محمود كثيرا على الحقد، الذي أودى بصديقه. يقول إنه «لم يحمل سلاحا ولم يقاتل أحدا»، معربا عن اعتقاده بأن «المحكمة الدولية وحدها قادرة على تحقيق العدالة ومعاقبة المرتكبين».

في المرة الأخيرة، التي رآه فيها قبل نحو عام، أخبر طارق صديقه عماد أنه يعمل مرافقا مع أحد الوزراء من دون أن يسميه، ويقول عماد لـ«الشرق الأوسط» إنه «على الرغم من التباين الكبير في وجهات نظرهما السياسية، لكنه كان دائما منفتحا على النقاش ولم يصل بهما الأمر إلى حد التنافر في أكثر اللحظات السياسية حرجا». في الـ11 من الشهر الحالي، نشر طارق بدر صورة على صفحته في موقع «فيس بوك» مذيلة بعبارة: «إني أتجول في بيروت، إني أغرق.. أغرق.. أغرق»، تزامنا مع عاصفة جوية قوية ضربت لبنان. وبالأمس تجول جثمانه فعليا في بيروت، وغرق كل من عرفه أو تعرف إلى هويته في الأيام الأخيرة في حزن كبير.