مواجهات مسلحة في الرمادي والفلوجة بعد اقتحام «ساحة العزة والكرامة»

رئيس مجلس إنقاذ الأنبار لـ «الشرق الأوسط»: العملية جرت بالاتفاق مع العشائر

مسلحون يشتبكون مع قوات الأمن في مدينة الرمادي بعد اقتحام ساحة الاعتصام في المدينة (أ.ف.ب)
TT

اقتحمت القوات العراقية، في وقت مبكر من صباح أمس، ساحة الاعتصام بالرمادي، مركز محافظة الأنبار الغربية، التي يطلق عليها المعتصمون «ساحة العزة والكرامة» بينما أطلق عليها نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، في المهلة الأخيرة التي منحها لهم لرفعها، «ساحة الفتنة».

عملية الاقتحام بدأت في ظل تعتيم إعلامي شامل، إذ قطعت كل أنواع الاتصالات الهاتفية هناك. وطبقا للرواية الرسمية، فإن عملية رفع الخيم جرت باتفاق بين ممثلين لعشائر الأنبار وقوات الشرطة المحلية، بينما نفى الجيش العراقي اشتراكه في العملية. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع، الفريق الركن محمد العسكري، خلال لقاء تلفزيوني مع فضائية «العراقية» شبه الرسمية، إن «قوات الجيش لم تتدخل في رفع الخيم»، مشيرا إلى أن الخيم رفعت «بالاتفاق مع عشائر الأنبار وبالتعاون مع شرطة المحافظة». وحذر العسكري من «الترويج والتصعيد الإعلامي، من خلال سعي بعض الأطراف إلى إثارة الفتنة»، مشددا على أن «عملية رفع الخيم لم تسفر عن سقوط خسائر في الأرواح».

من جهته، أعلن رئيس مجلس إنقاذ الأنبار الموالي للحكومة، حميد الهايس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية رفع الخيم جرت بالتوافق والاتفاق بين العشائر وقوات الشرطة دون تدخل الجيش العراقي، رغم أنه تعرض لعمليات إطلاق نار من قبل المسلحين». وأضاف الهايس أن «المسلحين من تنظيم القاعدة ممن كانوا داخل الساحة انسحبوا باتجاه منطقة البوفراج القريبة من ساحة الاعتصام التي تعد تلك المنطقة أحد أبرز ملاذاتهم، وبدأت الاشتباكات بينهم وبين القوات العسكرية شمال الرمادي». وقلل الهايس من أهمية ما يجري الحديث عنه من «تهويل إعلامي»، وقال إن «المسلحين يحاولون خلق أجواء مناسبة لهم كنوع من التحشيد وهو ما لم ينجحوا فيه لأن معظم أحياء مدينة الرمادي هادئة، بالإضافة إلى المناطق الأخرى من الأنبار مثل عانة وراوة وهيت وحديثة، حيث يسعون إلى تأجيج الموقف، لكنهم لم ينجحوا». وأكد الهايس أن «أهالي الأنبار الذين كانوا قد حاربوا (القاعدة) خلال أعوام 2007 و2008 عادوا ووقعوا خلال السنتين الماضيتين أسرى لتنظيم القاعدة من جديد. وها هو التنظيم يشهد اليوم نهايته، لكن هذه المرة بالاتفاق بين العشائر والحكومة». وردا على سؤال بشأن المطالب التي انتفض من أجلها المواطنون هناك وموقف الحكومة منها، قال الهايس إن «موقفنا اليوم هو أن نجبر الحكومة على تنفيذ كل ما وعدتنا به من مطالب مشروعة، لأننا في واقع الأمر لا نستطيع القضاء على جذور الإرهاب ما لم تتحقق المطالب المشروعة التي تحظى بتأييد الجميع».

من جهته، أعلن مدير شرطة الأنبار، اللواء هادي إرزيج، في خبر بثته قناة «العراقية» شبه الرسمية، أنه عثر على سيارتين مفخختين داخل ساحة الاعتصام وجرت معالجتهما من بعد، كما عثر على أعتدة وأسلحة مختلفة.

واندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش ومسلحين عند المدخل الشرقي لمدينة الفلوجة. وطبقا لمصادر أمنية، فإن الاشتباكات التي أوقعت أعدادا من القتلى والجرحى استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة، من قبل الجيش والمسلحين على حد سواء. وفي الوقت نفسه، استمرت جوامع الفلوجة بالتكبير، داعية المواطنين للتوجه إلى المستشفيات لغرض التبرع بالدم. وفي وقت لاحق أمس، أعلن علي الموسوي، المستشار الإعلامي للمالكي، الانتهاء من إزالة خيم الاعتصام وفتحت الطريق التي بقيت مغلقة لسنة. وأضاف قائلا لوكالة الصحافة الفرنسية: «أكدت مصادر العمليات العسكرية في الأنبار أن الشرطة المحلية والعشائر، وبالتنسيق مع الحكومة المحلية في الأنبار، انتهت من إزالة الخيم التي في الساحة وفتحت الشارع الذي كان مغلقا». وتابع: «يجري الآن جمع الأعمدة والهياكل الخاصة بالخيم»، مضيفا أن العملية جرت «من دون أي خسائر بعد فرار (القاعدة) وعناصرها من الخيم إلى المدينة، وتجري ملاحقتهم حاليا».

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، دارت اشتباكات بين قوات الأمن ومسلحين قرب موقع الاعتصام في الرمادي، وأن هذه الاشتباكات تخللها تحليق مروحيات عسكرية فوق مكان الاعتصام. ونقلت عن شاهد عيان قوله إن «مسلحا قتل في الاشتباكات»، وأنه شاهد إضافة إلى جثة القتيل، سيارتين محترقتين تابعتين لقوات الأمن، وسط دعوات تطلق من بعض مساجد المدينة، تدعو للجهاد هاتفة «حي على الجهاد، حي على الجهاد». من جهتها، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولي مستشفى ومشرحة أن عشر جثث وصلت إلى المشرحة في الرمادي. وكان المالكي، حذر قبل أسبوع من أن ساحة الاعتصام في الأنبار تحولت إلى مقر لتنظيم القاعدة، مانحا المعتصمين فيها «فترة قليلة جدا» للانسحاب منها قبل أن تتحرك القوات المسلحة لإنهائها. وجاءت تحذيرات المالكي غداة مقتل قائد الفرقة السابعة في الجيش مع أربعة ضباط آخرين وعشرة جنود خلال اقتحامهم معسكرا لتنظيم القاعدة في غرب محافظة الأنبار. وفي مقابل ذلك، يتهم المعتصمون في الأنبار الذين بدأوا تحركهم قبل عام، المالكي باتباع سياسة طائفية تدفع نحو تهميش السنة واستهداف رموزهم. وكانت قوة أمنية اعتقلت صباح السبت الماضي النائب السني أحمد العلواني الذي يتمتع بنفوذ كبير في الأنبار والمؤيد للاعتصام بعد اشتباكات كثيفة قتل فيها خمسة من حراسه الشخصيين وشقيقه، في عملية زادت من حدة التوتر الأمني بالمحافظة. وهذه ثالث عملية اعتقال تستهدف مسؤولا سنيا بارزا أو لأحد معاونيه في العراق منذ الانسحاب الأميركي نهاية 2011 حين جرى توقيف حراس لنائب الرئيس طارق الهاشمي قبل أن يحكم عليه هو غيابيا بالإعدام بتهم الإرهاب، ولتليه بعد عام عملية اعتقال لحراس وزير المالية المستقيل رافع العيساوي في قضية أثارت أزمة سياسية كبرى وأطلقت الاعتصامات ضد السلطات التي يسيطر عليها الشيعة.