«النواب» المغربي يناقش قريبا مقترح قانون لترسيم الأمازيغية

تزامن مع اتهام قيادي في «العدالة والتنمية» بتحقير الأمازيغ

TT

يشرع مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) منتصف الأسبوع المقبل في مناقشة مقترح قانون تنظيمي تقدم به برلمانيان من مجموعة تضم نوابا مستقلين، حول ترسيم الأمازيغية كما نص على ذلك الفصل الخامس من الدستور.

وقالت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط» إن لجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب ستبدأ في مناقشة مقترح قانون تنظيمي خاص بمراحل تفعيل القانون التنظيمي للأمازيغية، والذي ارتفعت الكثير من الأصوات مطالبة بالتعجيل به، بعد إقرار الأمازيغية كلغة رسمية في الدستور.

ويتزامن عرض القانون المنظم للأمازيغية مع الجدل الإعلامي والسياسي المثار حول الأمازيغية بعد الضجة القوية التي أحدثها شريط فيديو، اتهم فيه النائب المقرئ أبو زيد الإدريسي، المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف الحكومي، بالإساءة للأمازيغ بسبب ترديده، خلال ندوة فكرية نظمت في الكويت قبل أكثر من ثلاث سنوات وجرى تسريبها نهاية الأسبوع الماضي، نكتة عن أمازيغ منطقة سوس تتهمهم بالبخل، وهو ما عدته الحركات المدافعة عن الأمازيغية «قذفا وممارسة عنصرية»، مقررة مقاضاة النائب الإسلامي، بينما عد هذا الأخير أن الأمر «جرى تضخيمه وإخراجه من سياقه» ليخلص إلى القول إن الأمر «مجرد زلة لسان لم يقصد بها الإساءة».

وخصص مشروع مقترح القانون عقوبات صارمة للمتحاملين على اللغة الأمازيغية، معدا أن أي شكل من أشكال التطاول عليها يعد تنقيصا واحتقارا لها، وشكلا من أشكال التمييز العنصري والعرقي المعاقب عليه جنائيا.

وتلزم المبادرة البرلمانية الحكومة بإنجاز المطبوعات الإدارية والتقارير الصادرة عن المؤسسات الرسمية باللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، وأكد المقترح على ضرورة اعتراف المسؤولين الحكوميين بالمراسلات والوثائق الرسمية المحررة باللغة الأمازيغية وإصدار القوانين والمراسيم الحكومية في نسخة من الجريدة الرسمية مكتوبة بالأمازيغية.

وحسم المقترح النقاش المعتمد لكتابة الأمازيغية، داعيا إلى اعتماد حرف تيفيناغ (رسوم أمازيغية) كحرف رسمي لصياغتها، وهو ما عد إخفاقا لحزب العدالة والتنمية، الذي يطالب باعتماد الحرف العربي لكتابة الأمازيغية.

وفي ما يتعلق بعلاقة مقترح قانون الأمازيغية بالمناهج التعليمية نص القانون على ضرورة إدماج اللغة الأمازيغية في التعليم الأولي والابتدائي، وفي جميع المستويات الدراسية في القطاعين العمومي والخصوصي. ويعد مقترح تعليم اللغة الأمازيغية «إجباريا في جميع أسلاك النظام التربوي بالمملكة المغربية»، ويجري تدريسها على أساس الوحدة اللغوية واللسانية المنمطة والموحدة مع العمل على احترام الخصوصيات اللغوية لكل جهة على حدة.

وشدد مشروع القانون، الذي يتوقع أن يثير ضجة كبيرة بين الحكومة التي يقودها الإسلاميون والحركات الأمازيغية المتشددة على ضرورة إلزام المؤسسات التعليمية التابعة للبعثات الأجنبية باستيعاب اللغة الأمازيغية ضمن مقرراتها.

ورمى القانون ذاته على عاتق الدولة مسؤولية تعلم المغاربة في الخارج للغة الأمازيغية. ويحدد المقترح المراحل والخطوات التي يتعين القيام بها من أجل الإدماج التام لتعليم الأمازيغية في النظام التربوي المغربي، على أن لا تتجاوز بداية الإدماج هذه خمس سنوات على الأكثر انطلاقا من تاريخ دخوله حيز التنفيذ.

وينص المقترح أيضا على إحداث أكاديمية للغة الأمازيغية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلالية المالية بهدف تطوير وتنمية اللغة الأمازيغية وتحديد استعمالها السليم.

وكان الفريق النيابي لحزب التجمع الوطني للأحرار، المشارك في الائتلاف الحكومي، قد بادر مباشرة بعد تشكيل حكومة عبد الإله ابن كيران الثانية في أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي إلى سحب مقترح القانون التنظيمي المتعلق بالأمازيغية.

وبرر الفريق النيابي بكون قراره جاء تنفيذا للتوجيهات الملكية المتعلقة باعتماد التوافق والانفتاح والروح التشاركية في إعداد وإخراج القوانين التنظيمية باعتبارها نصوصا مكملة للدستور. وشدد الحزب ذاته في بيان سابق له على أنه رغم قراره يبقى «مؤمنا باللغة الأمازيغية وثقافتها باعتبارها مكونا أساسيا، ودعامة لا محيد عنها في الهوية الوطنية المتعددة والغنية»، مؤكدا انحيازه الدائم إلى جانب كل الكفاءات والتنظيمات والمؤسسات المؤمنة بجعل هذا التنوع حقيقة ومعيشا يوميا «بما يصون الهوية الثقافية لبلادنا في إطار التنوع الثقافي واللغوي، ويعزز من اللحمة الوطنية».