سوريا تفتتح عامها الجديد بمزيد من الدماء.. ومقتل 73 ألفا في 2013

تواصل حملات القصف الجوي لليوم الـ18 على حلب

طفلان سوريان وسط الخراب بعد قصف النظام حي السكري في حلب أمس (رويترز)
TT

للعام الثالث على التوالي لا يحتفل السوريون بعيد رأس السنة الميلادية، إلا أن هذا العام بدا الأكثر حزنا، حيث غابت بشكل شبه تام أنوار العيد عن دمشق والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام في ريف دمشق، التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي معظم ساعات اليوم، كما خيم الحزن على معظم الشوارع المثقلة بالحواجز والأعداد المتزايدة للعسكر المدججين وبدوا يوم أمس أن أعدادهم أكبر من المدنيين. وغلب الحزن على السوريين الذين قتل منهم أكثر من 73 ألف شخص خلال سنة 2013 في أعمال العنف، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى أنه العام الأكثر دموية منذ بدء النزاع في 2011.

وفي قداس أقيم في الكاتدرائية المريمية للروم الأرثوذكس في دمشق، بمناسبة عيد رأس السنة، دعا بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي الذي ترأس القداس إلى «الحل السلمي السياسي والحوار غير المشروط وقبول الآخر كسبيل لخلاص سوريا من أزمتها». وقال: «نريد أن تكون سوريا كما كانت دائما بلدا للتلاقي.. ومصنعا للوطنية وللحس بالانتماء للأرض لا مصانع تستباح وتسرق.. كفانا حروبا، كفانا إرهابا وتشريدا». وخص البطريرك يازجي لبنان بصلاته وقال إن «لبنان لم يخلق لتديره السفارات بل ليكون سفير الغد في دنيا الحاضر، ولم يخلق ليكون إنسانه لقمة للاغتيالات والتفجيرات المدانة بل ليفجر بعطاء مفكريه ينابيع الثقافة والعلوم». وأعرب عن قلقه من فراغ السلطات فيه «لأن هذا الفراغ يقود إلى سلطة الفراغ والمجهول».

وكانت السنة الجديدة افتتحت بدمشق في حي القصاع المسيحي بمقتل شخص وإصابة أربعة آخرين جراء سقوط ثلاث قذائف هاون قرب مدرسة يوحنا الدمشقي وفي محيط كنيسة الصليب بمنطقة القصاع. ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر أمني سوري قوله إن «الاعتداء الإرهابي ألحق أضرارا مادية كبيرة في عدد من المنازل والسيارات المركونة في المكان». كما «أصيب ثلاثة مواطنين جراء اعتداء بقذائف هاون أطلقها مسلحون على المنازل والمشفى الفرنسي بمنطقة القصاع».

وفي غضون ذلك، أعلن المرصد السوري مقتل أكثر من 73 ألف شخص خلال سنة 2013 في أعمال عنف في سوريا، وأشار إلى أنه العام الأكثر دموية منذ بدء النزاع في 2011.

واعتبر المرصد أن «المجتمع الدولي شريك في سفك دماء الشعب السوري» بسبب عدم قيامه بأي «تحرك جدي» لوقف القتل في سوريا.

وأشار إلى أنه وثق مقتل «73455 شخصا بين الأول من يناير (كانون الثاني) 2013 حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2013» في سوريا بينهم 22436 مدنيا.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن عام 2013 «كان العام الأكثر دموية منذ بدء الثورة» في منتصف مارس (آذار) 2011.

وكان المرصد ذكر أمس أن حصيلة القتلى في النزاع السوري بلغت منذ منتصف مارس 2011 أكثر من 130 ألفا، غالبيتهم من المقاتلين في الجانبين المتحاربين.

وطالب المرصد السوري «الهيئات والمنظمات الدولية التي نصبت نفسها مدافعة عن حقوق الإنسان في العالم بالتحرك الفوري والعاجل والجدي من أجل إحالة ملف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والجرائم التي ترتكب في سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية والمحاكم الدولية المختصة».

وعدَّ المرصد «المجتمع الدولي شريكا أساسيا بإراقة دماء أبناء الشعب السوري، لأنه لم يتحرك بشكل جدي من أجل وقف المجازر التي ارتكبت ولا تزال ترتكب في سوريا، وإنما اقتصر دوره على التنديد والاستنكار».

وأشار إلى أن هذا المجتمع «ركز بشكل أساسي في الأشهر الأخيرة من العام الفائت على قضية نزع الأسلحة الكيماوية عقب مجزرة الغازات السامة التي ارتكبت في ريف دمشق في 21 أغسطس (آب) وأهمل عشرات المجازر التي استشهد فيها آلاف السوريين بينهم الكثير من الأطفال والنساء والفـتيات».

وتواصلت أمس لليوم الثامن عشر على التوالي حملات القصف الجوي على مدينة حلب وريفها في شمال البلاد. وأفاد المرصد بمقتل خمسة أشخاص «جراء قصف من الطيران الحربي على حي السكري» في حلب. وطال القصف الجوي حيي قاضي عسكر والصاخور.

وتسيطر مجموعات المعارضة المسلحة على هذه الأحياء الواقعة في شرق حلب.

وكان قصف مدفعي من قوات النظام على حي طريق الباب في حلب أسفر أول من أمس عن مقتل 17 شخصا، بحسب حصيلة جديدة للمرصد، بينهم الكثير من الأطفال.

وفي حين استمرت المعارك والقصف على عدد من المناطق السورية، أعلن مركز حماه الإعلامي، أمس، أن تنظيم دولة العراق والشام أطلق سراح العميد أحمد بري قائد المجلس العسكري بحماه بعد 14 يوما من الاعتقال، مشيرا في بيان له إلى أن قوات المعارضة سيطرت على قريتي الثور وقليب ومحطة البترول في قرية صلبا بريف حماه الشرقي بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام. وشهدت مدن كفرزيتا ومورك وعقرب في ريف حماه قصفا مدفعيا خلف أضرارا مادية.

كذلك، قالت «الهيئة العامة للثورة السورية» إن الطيران الحربي النظامي استهدفت مدينة جاسم في ريف درعا بالبراميل المتفجرة وهو ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، وتدمير عدد من المباني بأكملها، فيما قصفت كتائب تابعة للجيش السوري الحر ليلا تجمعات عدة لقوات النظام في ريف اللاذقية.

من جهة أخرى، قال ناشطون إن كتائب الجيش الحر اقتحمت حاجز اللواء 68 التابع لقوات النظام في الغوطة الغربية لدمشق، وذكرت شبكة «سوريا مباشر» أن عملية اقتحام حاجز اللواء 68 جاءت بعد اشتباكات عنيفة وقعت بين الطرفين تمكن خلالها الجيش الحر من السيطرة على دبابة وعربتين عسكريتين. كما امتدت الاشتباكات لتشمل مناطق عدرا والمرج وداريا، في حين استهدفت كتائب المعارضة بقذائف الهاون قوات للنظام داخل مبنى إدارة الدفاع الجوي في بلدة المليحة بريف دمشق.

وقال ناشطون إن كتائب للجيش الحر هاجمت أحد المباني التي تتمركز فيها قوات النظام في القطاع من جهة ساحة الريجة بمخيم اليرموك، وقتلت وأسرت عددا من هذه القوات واستولت على أسلحة وذخائر.

كما أفاد الناشطون بوقوع اشتباكات متقطعة بين الجيش الحر وقوات النظام جنوب شرقي بلدة داريا، وبتقدم للجيش الحر فيها.