تضارب حول ظروف اعتقال أمير «كتائب عبد الله عزام» في لبنان

ترجيحات بالقبض على الماجد في مستشفى ببيروت.. والداعية عمر فستق قال إنه اختفى عن الرادار منذ أيام

ماجد الماجد (في الاطار) لبناني يسير قرب السفارة الايرانية في بيروت لدى استهدافها بانفجارين اعلنت كتائب عبد الله عزام مسؤوليتها عنهما (رويترز)
TT

ينتظر الجهاديون بيانا رسميا تصدره «كتائب عبد الله عزام» المرتبطة بتنظيم القاعدة، تعلن فيه ظروف توقيف استخبارات الجيش اللبناني لزعيمها ماجد الماجد في بيروت قبل أيام، بعدما بات مؤكدا بالنسبة لهم أن الماجد «فُقِد الاتصال به منذ أسبوع»، بحسب الداعية الإسلامي عمر بكري فستق الذي أشار إلى أن «منتديات جهادية على الإنترنت، ذكرت أن جهاديا اعتقل على باب مستشفى (المقاصد) في بيروت، من غير تحديد هويته أو توضيح نوع العلاج الذي كان يخضع له»، علما بأن تقارير أمنية لبنانية أكدت أنه اعتقل أثناء توجهه إلى سوريا.

وأكد فستق لـ«الشرق الأوسط»، وهو خبير في الجماعات الجهادية، أن الماجد «اختفى عن الرادار، وفُقِدَ الاتصال معه منذ أيام»، مشيرا إلى أن القسم الإعلامي في «كتائب عبد الله عزام» سوف «يصدر بيانا رسميا قريبا، يؤكد فيه النبأ»، لافتا إلى أن الجماعات الجهادية «لم تصدر نفيا لخبر اعتقاله على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، بعد إعلان خبر توقيفه». وأوضح فستق أن إسلاميين آخرين «التبس الأمر عندهم، خصوصا بعد الحديث عن أن الموقوف سيخضع في لبنان لفحص الحمض النووي DNA للتأكد من هويته»، مشيرا إلى أن «جهاديين فقدوا الاتصال به، رجحوا فرضية اعتقاله على فرضيتي مقتله أو تواريه عن الأنظار».

وتراجع وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية فايز غصن، أمس، عن تأكيده نبأ اعتقال الماجد في بيروت، حيث أصدر مكتبه الإعلامي بيانا قال فيه إن غصن «لم يدل بأي تصريحات لأي وسيلة إعلامية». وجاء هذا النفي فور نقل وكالة الصحافة الفرنسية عن غصن قوله إن «مخابرات الجيش اللبناني ألقت القبض على ماجد الماجد» أمير «كتائب عبد الله عزام»، في بيروت، رافضا إعطاء تفاصيل عن ظروف التوقيف وتوقيته. وأشار إلى أن «التحقيق معه يجري بسرية تامة».

وأرجع فستق «التعتيم» على اعتقاله إلى «خشية من تحرك الشباب المسلم»، نظرا لأن الشارع السني «سيعتبر اعتقاله جاء على خلفية مناصرة الماجد للثورة السورية ضد نظام حكم (الرئيس السوري) بشار الأسد». وقال فستق إن اعتقاله «سيتسبب بالإحراج لمشايخ أهل السنة وهيئة العلماء المسلمين وأنصار الثورة السورية في لبنان، مما يدفعهم للتحرك دفاعا عن اعتقاله، حتى لو كانت التهم المنسوبة إليه لا تشير إلى أن اعتقاله يجري على خلفية مناصرته الثورة السورية».

وذكرت قناة «إل بي سي» اللبنانية، أن السلطات اللبنانية أبلغت المملكة العربية السعودية بتوقيف الماجد الموجود حاليا في المستشفى العسكري لمتابعة وضعه الصحي، كون الماجد، بحسب مدونة «لونغ وور جورنال» وهي مدونة بارزة مناهضة للإرهاب، «هو واحد من بين 85 فردا تضمهم قائمة للحكومة السعودية صدرت عام 2009 لأبرز المطلوبين لضلوعهم في أنشطة مع تنظيم القاعدة».

وكانت وسائل إعلام لبنانية، أكدت أول من أمس أن الجيش اللبناني أوقف ماجد محمد الماجد، الذي يعد زعيم «كتائب عبد الله عزام» المرتبطة بتنظيم القاعدة، التي تبنت التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا السفارة الإيرانية في بيروت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وكانت مصادر بالأمن القومي الأميركي أفادت بأن الماجد اعتقل فعلا. وأكد مصدران أميركيان صحة تقارير إعلامية من لبنان تفيد بأن القوات المسلحة اللبنانية ألقت أخيرا القبض عليه. ولم يذكر المصدران مزيدا من التفاصيل عن ملابسات اعتقال الرجل.

وتضاربت الأنباء حول موقع اعتقال الماجد. وذكرت محطة «إن بي إن» التلفزيونية اللبنانية أن الماجد اعتقل في منطقة الفياضية على الطريق الدولي إلى سوريا، على مقربة من وزارة الدفاع اللبنانية، بعد رصده وملاحقته، مشيرة إلى أنه كان متوجها إلى سوريا، وينتقل بعدها إلى العراق. وأوضح مصدر أن الماجد كان محل رصد ومتابعة وملاحقة من قبل مخابرات الجيش اللبناني لأنه مطلوب في قضايا إرهابية عدة في لبنان وخارجه، وآخرها الهجومان الانتحاريان على حاجزي الجيش اللبناني في صيدا بجنوب لبنان، الشهر الماضي. ونقلت «إل بي سي» معلومات أمنية تفيد بأن مسؤولي تنظيم القاعدة «طلبوا من الماجد لقاء أبو بكر البغدادي في العراق والإعداد معه لعمليات كبيرة ونوعية كان سيطلب منه تنفيذها، وتهدف إلى قلب المعادلات في لبنان والمنطقة».

وكان تنظيم «كتائب عبد الله عزام»، تبنى التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا السفارة الإيرانية في بيروت، في نوفمبر الماضي، تحت عنوان «غزوة السفارة الإيرانية»، وأسفرا عن مقتل 23 شخصا بينهم الملحق الثقافي بالسفارة.

والماجد، هو الأمير الثالث لتنظيم «كتائب عبد الله عزام» المرتبط بتنظيم القاعدة، وعُيّن قبل عامين في هذا الموقع خلفا لصالح القرعاوي الأمير السابق للكتائب الذي أصيب في حرب العراق، مما أدى إلى بتر قدميه، وعزل من موقعه قبل عامين ليُعيّن الماجد مكانه.

ويحمل الماجد الآن لقب أمير التنظيم في بلاد الشام وأرض الكنانة. وذكر موقع «مجموعة سايت للمعلومات» الأميركي، أن «كتائب عبد الله عزام» التي تعمل في أرجاء الشرق الأوسط، أعلنت للمرة الأولى اسم زعيمها في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ إذ أطلقت شريطا مرئيا ذكرت فيه أن أميرها هو السعودي ماجد بن محمد الماجد، المطلوب أمنيا في قائمة الـ85 التي أعلنت سنة 2009. وقالت «المجموعة» إنها المرة الأولى التي تسمي فيها «كتائب عبد الله عزام» قائدها. وأشارت إلى أن «مركز الفجر الإعلامي» الذي يتولى توزيع الدعاية الخاصة بـ«القاعدة» سبق أن وزع شريطين مرئيين تضمنا خطبتين للماجد من دون أن يحدد دوره في أي جماعة جهادية.

وقال فستق لـ«الشرق الأوسط» إن آخر ظهور للماجد كان في أغسطس (آب) الماضي، حين قال كلمته الشهيرة «نصرتي يا شام»، وهو خطاب مسجل، صدر على مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع إلكترونية جهادية، وهو «آخر ما غرد به».

وأكد فستق أن الماجد «شارك في الثورة السورية»، فيما «لم يكن موقع إقامته معلوما»، مشيرا إلى أن «بيعته لأمير (جبهة النصرة) في سوريا، لم تثبت على نطاق واسع في أوسط الجهاديين، وبقيت محصورة عند بعض الأشخاص الذين تداولوا هذه البيعة نقلا عن وسائل الإعلام». وأضاف: «المعلومات عن الماجد في الأوساط الجهادية، أنه قائد فذّ، كان صديقا للأمير السابق القرعاوي»، مشيرا إلى أن «(مركز الفجر) قال إنه تولى القيادة وينسق العمل الجهادي بين لبنان وسوريا، علما بأنه مطلوب للقضاء السعودي».

وذكرت تقارير إعلامية أن الماجد عاش عدة سنوات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا (جنوب لبنان)، قبل أن يغادره قبل شهر متوجها إلى سوريا «حيث أفادت أنباء بأنه أعلن ولاءه لزعيم (جبهة النصرة) وهي إحدى الجماعات المتشددة، أبو محمد الجولاني».

و«كتائب عبد الله عزام»، التي تحمل اسم أستاذ زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، تأسست في عام 2004 بوصفها جماعة منبثقة عن «القاعدة في العراق»، وتتولى مهمات مهاجمة أهداف في لبنان وفي بقاع أخرى في منطقة الشرق الأوسط، ووضعتها الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الإرهابية في 24 مايو (أيار) 2012.

ويقول فستق إن الكتائب «جهادية تنتمي إلى المدرسة السلفية الجهادية، وتعمل في لبنان وسوريا والعراق، حيث كان لها موطئ قدم قبل انتشارها على نطاق واسع في سوريا بعد بدء الأزمة السورية».

وتولى سليمان حمد منصب أمير التنظيم، ثم تلاه صالح القرعاوي، قبل أن يصبح ماجد الماجد أميرها. وأوضحت مجلة «لونغ وور جونال» أن القرعاوي كان في البداية قائدا عسكريا لـ«الكتائب». كما عمل سليمان حمد خبير متفجرات لـ«الكتائب»، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة عدَّتهما «إرهابيين عالميين»، لكنها لم تطلق تلك الصفة على الماجد حتى الآن.

و«كتائب عبد الله عزام» متهمة بتبني أكثر من عملية لإطلاق صواريخ «كاتيوشا» من جنوب لبنان باتجاه شمال إسرائيل، فضلا عن تبني عملية تفجير السفارة الإيرانية في بيروت. وكانت «الكتائب» تبنت في بداياتها عام 2004 ثلاثة تفجيرات بمنتجعات في طابا ونويبع وشرم الشيخ في مصر، كما أعلنت مسؤوليتها عن قصف بارجتين أميركيتين في ميناء العقبة في 2005، واستهداف سياح أجانب قرب المتحف المصري، وعن قصف مدينتي إيلات والعقبة بخمسة صواريخ «غراد» في أغسطس 2010.