إردوغان يحذر مواطنيه من تبعات فضيحة الفساد: المؤامرة تستهدفكم جميعا

الرئيس غل يدعو الأتراك إلى الوحدة واحترام دولة القانون

الرئيس التركي عبد الله غل في المؤتمر الصحافي الذي عقد بالقصر الرئاسي في أنقرة أمس (رويترز)
TT

حث رجب طيب إردوغان، رئيس الوزراء التركي، الأتراك على الاحتشاد حوله لمحاربة ما وصفه بمؤامرة قذرة تنفذها عناصر مدعومة من الخارج تستهدف «الخبز على موائدكم والأموال في جيوبكم وعرق جبينكم»، في إشارة إلى فضيحة الفساد التي أطاحت حتى الآن بثلاثة وزراء في حكومته ودفعت خمسة من نواب حزبه «العدالة والتنمية» إلى الاستقالة.

وقال إردوغان في كلمة أذاعها التلفزيون بمناسبة العام الجديد «التاريخ لن يغفر لمن تورطوا في هذه اللعبة». ونقلت وكالة رويترز عن إردوغان قوله في كلمته «أدعو أبناء شعبنا الستة والسبعين مليونا فردا فردا إلى الدفاع عن أنفسهم والدفاع عن الديمقراطية وأن يكونوا صفا واحدا في مواجهة هذه الهجمات القبيحة على بلدنا». وأضاف إردوغان «هذه المؤامرة تستهدفكم جميعا بلا استثناء أيا كان الحزب الذي تؤيدونه».

ويصور إردوغان الذي فاز في ثلاثة انتخابات متعاقبة الفضيحة على أنها حملة من جانب قوى ظلامية في الداخل ومنظمات مالية أجنبية ووسائل إعلام وحكومات يسيئها أن تتبع تركيا سياسة خارجية أكثر استقلالية عن حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة. وقال إردوغان «الدوائر التي لا ترتاح لنجاح تركيا ونموها الاقتصادي وسياستها الخارجية النشطة ومشاريعها ذات النطاق العالمي نفذت مؤامرة جديدة ضد تركيا». وأضاف قائلا: إن التحقيق يستهدف تقويض «صورة الإخاء» في عملية السلام الهشة مع المقاتلين الأكراد التي بدأت في عام 2012 وتهدف إلى إنهاء الصراع الذي سقط فيه 40 ألف قتيل. وعد الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اجتاحت تركيا في يونيو (حزيران) وفجرها قمع الشرطة لمظاهرة احتجاج على خطط تطوير متنزه جيزي في وسط إسطنبول جزءا من المؤامرة ذاتها. وأضاف: «مثلما كانت أحداث جيزي تتستر وراء الأشجار والمتنزهات والبيئة تخفت مؤامرة 17 ديسمبر (كانون الأول) وراء ستار الفساد». وقال: إنه ليس من قبيل المصادفة أنها تزامنت مع ما وصفه بأنجح سنة في تاريخ تركيا الحديثة الممتد 90 عاما. بدوره، وجه الرئيس التركي عبد الله غل نداء يحض فيه على احترام دولة القانون في تركيا، حيث تتواجه الحكومة التي تهزها فضيحة مالية، مع السلطة القضائية. وشدد غول أثناء كلمته بمناسبة رأس السنة الجديدة على الوحدة والأخوة.

وقال الرئيس التركي في رسالة نشرت في وقت متأخر أول من أمس: «ينبغي أن نمتنع عن كل المواقف والتصرفات التي يمكن أن تضر بدولة القانون الديمقراطية لدينا وبوحدتنا وازدهارنا إضافة إلى الاستقرار السياسي وأجواء الثقة الاقتصادية». وشدد غل، من جهة أخرى، على أن السنة المنصرمة كانت «صعبة على بلدنا والعالم».

وقامت الحكومة بحملة تطهير في أعلى صفوف الشرطة وأقالت بعضا من أكبر موظفيها واستبدلتهم بموظفين مضموني الولاء لها، كما عينت مدعين جددا للإشراف على الذين يقومون بالتحقيق الحالي.

وحاولت الحكومة تعديل سلطات الشرطة بما يمنع إجراء تحقيقات جديدة لكن القضاء أوقف سعيها.

وحذر غل قائلا إن «الديمقراطية هي نظام القوانين مع مؤسسات تستند إلى فصل السلطات».

وتبنى غل موقفا أكثر اعتدالا من إردوغان رفيق دربه، أثناء الحملة المناهضة للحكومة في يونيو (حزيران) الماضي.

من جهته، قال نائب رئيس الوزراء التركي، علي باباجان، إن الحكومة تتصدى «لمحاولة انقلاب مصغرة» تقوم بها عناصر في الشرطة والقضاء لخدمة مصالح قوى خارجية وداخلية تسعى للإضرار بالبلاد. وأضاف أن حزب العدالة والتنمية الحاكم سبق أن أفلت من مؤامرات انقلاب عسكري ومحاولات لحظره من خلال دعاوى قضائية وأنه لن يستسلم الآن أمام تحقيق في مزاعم فساد قال إنه يستهدف الحكومة لكنه يضر بالاقتصاد الوطني بالفعل. وأضاف لقناة «سي إن بي سي» الاقتصادية، مكررا إشارة رئيس الوزراء طيب إردوغان إلى وجود مصالح خارجية في الأزمة، أن «هذه المناورات الأخيرة في القضاء والشرطة لا نستطيع أن نصفها بأنها انقلاب وإنما هي محاولة انقلاب مصغرة». وأضاف باباجان المكلف بالشؤون الاقتصادية: «ربما كان أوضح مؤشر لهذا هبوط أسعار الأسهم». وقال إن القيمة السوقية للشركات التركية المدرجة في البورصة خسرت 49 مليار دولار مع إغلاق التداول من أمس الاثنين. وتراجع المؤشر الرئيسي للأسهم بنسبة واحد في المائة أول من أمس.

وكان إردوغان اتهم حركة «خدمة» التي يتزعمها رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن بإقامة «دولة داخل الدولة» واستغلال نفوذها في الشرطة والقضاء في حملة لتشويه سمعة الحكومة. وتدير حركة «خدمة» شبكة عالمية واسعة من المدارس والشركات. وتزايد التوتر بين الحليفين السابقين بسبب الخلاف على بعض بنود السياسة الداخلية والخارجية وتحركات لإغلاق مدارس غولن الخاصة في تركيا.

وأصبح التحقيق في مزاعم الفساد علنيا في 17 ديسمبر (كانون الأول) عندما قامت الشرطة بسلسلة من المداهمات واعتقال رجال أعمال كبار مقربين من إردوغان وأبناء ثلاثة وزراء. وحفلت وسائل الإعلام المعادية لإردوغان منذئذ بقصص عن مداهمة الشرطة للمكاتب أو البيوت ومصادرة مبالغ كبيرة بالدولار. ويقول أنصار إردوغان إن اتهامات الفساد تفتقر إلى أي شيء ملموس إلى الآن وأنها مدفوعة بطموحات سياسية. وقال باباجان: «نحن كحكومة نؤدي عملنا. نحن حققنا هذا الاستقرار السياسي والاقتصادي بقوتنا. ولن نسمح بسهولة لأحد بأن يأتي لينتزعه منا. كم من جهود بذلت حتى الآن لزعزعة الاستقرار السياسي وتغلبنا عليها كلها».