البرلمان الليبي يتجه لإمهال الحكومة شهرا لحل الأزمات قبل إقالتها

العبار يحدد منتصف فبراير المقبل لانتخاب أعضاء لجنة صياغة الدستور الجديد

TT

كشف عمر حميدان الناطق باسم المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا، النقاب عن وجود نقاش بين أعضاء المؤتمر حول إعطاء الحكومة الانتقالية التي يترأسها علي زيدان مهلة شهر لحسم ملفي الأمن والنفط، وسط مساع من خصوم زيدان للإطاحة به من منصبه.

وأوضح حميدان في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس بالعاصمة الليبية طرابلس، أن النقاش يتضمن التزام المؤتمر بدعم حكومة زيدان بالتشريعات، فإذا نجحت استمرت، وإن فشلت اتفق المؤتمر على سحب الثقة منها. وتأتي هذه التصريحات، فيما قال أعضاء في المؤتمر الوطني لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تقرر تأجيل مناقشة إمكانية إقالة رئيس الحكومة علي زيدان إلى جلسة سيعقدها المؤتمر يوم الأحد المقبل».

وتعد هذه أحدث محاولة للإطاحة بزيدان الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، علما بأن النصاب القانوني الذي تنص عليه لائحة المؤتمر لتغيير رئيس الحكومة أو إقالته هو 120 صوتا.

وخلال الشهور الماضية جرت محاولات كثيرة لإقالة زيدان سواء من تحالف القوى الوطنية الليبرالي أو غريمه السياسي حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.

لكن الناطق باسم المؤتمر الوطني قال أمس، إن «نقاش حجب الثقة عن الحكومة لا يعني حجبها»، مشيرا إلى أن إجراءات حجب الثقة تمر باستجواب الحكومة، كما أنه يلزم أن تكون لدى المؤتمر تقارير رقابية تبين نقاط الضعف في أدائها.

ويقول مراقبون محليون، إن «الاتصالات المباشرة التي نجح زيدان في إقامتها خلال الشهور الماضية مع معظم أعضاء المؤتمر الذي يعد أعلى سلطة تشريعية في البلاد، نجحت في الحد من سيطرة الكيانات السياسية والأحزاب التي ينتمون إليها على الأعضاء».

وعلى صعيد ذي صلة، أعلن الناطق باسم المؤتمر الوطني أن التصويت الذي جرى على خارطة الطريق يمثل القبول المبدئي للفكرة والجدول الزمني، مشيرا إلى أن تفعيلها سيكون بقرارات وقوانين يصدرها المؤتمر وربما بتعديل دستوري. ولفت إلى أن المؤتمر كلف لجنة خارطة الطريق بإعداد حزمة التشريعات الضرورية لتفعيل الخارطة، معتبرا أن حل المؤتمر ليس غاية بل الغاية هي التوازن والاستقرار، وأن المصطلح الصحيح هو «استمرار المؤتمر وليس التمديد».

وشدد أنه لا مصلحة لأي طرف أو أي مواطن في انتهاء المؤتمر، مشيرا إلى أنه بعد انتخاب الهيئة التأسيسية ستشرع لجنة الانتخابات في شهر مايو (أيار) القادم، إن طبق الجدول الزمني، في انتخاب هيئة أو مجلس وطني يستلم صلاحيات المؤتمر الوطني.

وأدان حميدان ظاهرة اقتحام وتعطيل المنشآت العامة والوزارات، وعدها اعتداء على الشعب وسيادته ولها تداعيات خطيرة على صورة البلد وعلى علاقاتها الدولية. وأشار إلى أن المؤتمر الوطني سيصوت على التعديل الدستوري بما يضمن تفعيل تمثيل المكونات اللغوية بالهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، وأن هناك أربعة مقترحات وجرى الاتفاق على أن المقترح الذي يتحصل على النصاب الأعلى هو الذي سيصوت عليه ثانية بحيث يجمع له التوافق حتى يتحصل على النصاب القانوني.

من جهتها، حددت المفوضية الليبية العليا للانتخابات الثلاثاء النصف الثاني من شهر فبراير (شباط) المقبل موعدا لانتخاب أعضاء اللجنة المكلفة صياغة الدستور في ليبيا، على وقع مقاطعة من الأمازيغ ونقص في الحماسة لدى الناخبين.

وقال رئيس المفوضية العليا للانتخابات نوري العبار، إن «انتخابات لجنة الـ60 المكلفة صياغة دستور جديد لليبيا حددت في النصف الثاني الشهر المقبل». وأشار إلى أن 649 مرشحا سجلوا للمشاركة في هذه الانتخابات، بينهم 54 امرأة ترشحت للمقاعد المخصصة للنساء، مقابل ترشح 14 شخصا من قبائل التبو، وستة من الطوارق، وغياب أي مرشح عن الأمازيغ.

ولفت العبار إلى أن 943 ألفا و763 ناخبا سجلوا على القوائم الانتخابية، في وقت انتهت فيه مهلة التسجيل للانتخابات عند منتصف أول من أمس باستثناء المواطنين المقيمين في الخارج. وأوضح أن كل المراكز الانتخابية ستفتح أبوابها في الفترة من 11 إلى 16 من الشهر الحالي للسماح للمتأخرين بالتسجيل أو تغيير دوائرهم الانتخابية.

وتضم اللجنة 60 عضوا يمثلون بالتساوي أقاليم برقة (شرق) وفزان (جنوب) وطرابلس (غرب)، ومن أصل المقاعد الـ60، ستة مخصصة للأقليات (التبو، الأمازيغ والطوارق)، وستة مقاعد أخرى تخصص للنساء. وقرر الأمازيغ مقاطعة هذه الانتخابات مطالبين بآليات تسمح لهم بتثبيت خصوصيتهم الثقافية في الدستور المستقبلي على قاعدة التوافق.

وعلى الرغم من إرجاء المفوضية العليا للانتخابات مرارا المهلة النهائية للتسجيل، لم يظهر الليبيون حماسة لهذه الانتخابات على الرغم من أنها ترمي إلى اختيار أعضاء اللجنة المكلفة بالبت في مسائل جوهرية تتراوح من نظام الحكومة إلى وضع الأقليات، مرورا بموقع الشريعة الإسلامية في الدستور.

ومع ذلك، فقد بدأ المرشحون والمرشحات بالدوائر الانتخابية في العاصمة طرابلس، في الدعاية الإعلامية والإعلانية لانتخابهم ضمن لجنة الـ60 لصياغة مشروع الدستور الدائم والجديد لليبيا. وظهرت صور وملصقات للمرشحين في الكثير من الميادين والساحات العامة والشوارع الرئيسة بمدينة طرابلس.