شهود عيان يروون الدقائق الأولى بعد التفجير

لحظات حولت الشارع المكتظ بقاصديه إلى ما يشبه ساحة حرب

TT

طفل صغير يحمل حقيبته المدرسية ويمشي متمايلا على رصيف الشارع متوجها إلى منزله القريب. رجل عجوز يجهز عدة عمله للبدء بمهامه كعامل صيانة. نساء ورجال يتنقلون من محل إلى آخر بهدف شراء حاجاتهم.. هذا ما كان المشهد عليه قبل وقوع انفجار حارة حريك بدقائق. لحظات ودوى انفجار، ارتفعت منه سحب دخان كثيفة غطت المكان برائحتها وحول رعبه المكان إلى ما يشبه ساحة قتال. أبنية متصدعة وسيارات محترقة تأكلها النيران. شظايا متطايرة تمكنت من إصابة عدد من المارة الذين كانوا يمارسون أعمالا روتينية اعتادوا ممارستها بشكل يومي وجعلت آخرين في عداد «المفقودين».

لم يكن أبو محمد، مالك محل ثياب بالجملة في الشارع العريض بحارة حريك، يستعد للإقفال بعد، فالشارع يكتظ برواده وقاصديه، ورائحة الطعام الشهي تفوح من مطاعمه القريبة. لكن التفجير المباغت دمر واجهات محله الزجاجية وأصابه بجروح خفيفة في رأسه. لم يجد أمامه بعد دوي الانفجار إلا الخروج للبحث عن الصبي علي، ذي الـ13 سنة والعامل في محله. يقول إنه «خرج من المحل ليشتري الطعام من المطعم المجاور وبعد دوي الانفجار لم يجد من يطمئنه عن هذا الولد المسكين».

لكل شخص قصته مع اللحظات الأولى للتفجير. كانت رنا متجهة إلى منزلها القريب من مكان وقوع الانفجار. لم تظن للحظة أنها ستنجو من انفجار سيارة مفخخة على بعد أمتار منها. تقول: «كدت أن أصبح في خبر كان، الدمار والخراب يعمان الشارع العريض، لم يلفتني شيء سوى صوت ذلك الطفل الصغير البالغ من العمر تسع سنوات ووجهه مغطى بالدماء، يحمل حقيبة مدرسية لم تسلم من عصف الانفجار». وتستعيد برعب مشهد جثتين شاهدتهما في موقع التفجير. وتروي فرح كيف سمعت دوي الانفجار لحظة وصولها إلى المنطقة هي وصديقتها، وكيف تصاعدت سحب الدخان من موقعه وتحول الشارع إلى ما يشبه ساحة حرب.. أبنية وسيارات متضررة، قتلى وجرحى يستغيثون. وتقول: «بعد دقائق من وقوع الانفجار، بدأت سيارات الإسعاف تهرع لنجدة المصابين، في حين أن مدنيين آخرين فقدوا أعصابهم على الرغم من أنهم نجوا بأعجوبة إلهية».

أما خالد، المصور الصحافي، الذي اعتاد أن يحمل كاميرته ليصور الأخبار والأحداث، فعند سماعه خبر الانفجار توجه مشيا على الأقدام من مكان وجوده في طريق المطار إلى حارة حريك حيث وقع الانفجار، ليجد الخراب والدمار والقتل والدماء تغطي الأرض، ويقول: «مشهد اعتدنا رؤيته وتصويره مع كل انفجار جديد يطال مناطق مختلفة من لبنان، آخرها منطقة ستاركو في وسط بيروت، قبل أسبوع»، راجيا أن «يرأف الله بهذا البلد».