اشتباكات عنيفة بين النظام السوري ومعارضيه على الحدود مع لبنان

الجيش اللبناني ينتشر في مناطق قريبة لمنع دخول المسلحين

طفل يلهو على دراجة صغيرة في أحد الأحياء المتضررة من المعارك في مدينة حمص (رويترز)
TT

عادت الحدود اللبنانية السورية، من شمال لبنان إلى شرقه، إلى واجهة التطورات الميدانية السورية، مع تصعيد القوات النظامية قصفها للحدود اللبنانية، ودفع تعزيزات من قواتها إلى المنطقة، بالتزامن مع شن المعارضة هجوما مباغتا على مواقعها في بلدة جوسيه بريف حمص، الحدودية مع لبنان.

وأكدت مصادر معارضة في القلمون لـ«الشرق الأوسط» أن «مقاتلين معارضين، بينهم إسلاميون، شنوا هجوما مفاجئا على بلدة جوسيه الحدودية مع لبنان في منتصف ليل 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في محاولة لتكبيد القوات النظامية خسائر كبيرة». وقالت المصادر بأن المنطقة «شهدت معارك كر وفر لنحو أربع ساعات، شارك فيها مقاتلون معارضون يقاتلون في القلمون».

وهدأ القتال في منطقة جوسيه منذ أواخر يوليو (تموز) الفائت، إثر سيطرة القوات النظامية على منطقة القصير بعد معارك عنيفة مع الكتائب المعارضة شارك فيها بشكل رئيس مقاتلون من حزب الله اللبناني. وبعد استعادة السيطرة على القصير وريفها أطلقت القوات النظامية مدعومة بمقاتلين من حزب الله تدريجيا معركة واسعة لاستعادة مدن وبلدات القلمون بدأت من بلدة قارة المحاذية لجوسيه المتاخمة لشمال شرقي الحدود اللبنانية.

وتقاطعت تلك المعلومات مع ما أكدته تقارير إعلامية أن «الجيش السوري تمكن من صدّ هجوم للمسلحين كان يهدف إلى العودة إلى القصير عبر معبري جوسية والعبودية». وذكرت قناة «الميادين» الفضائية أن «عمليات قصف بعيد المدى نفذها الجيش السوري في اليومين الماضيين طالت أماكن تجمعات المسلحين في جرود قارة بالإضافة إلى بعض الخطوط التي حاولوا التسلل منها في السلسلة الشرقية وتحديدا في النعيمات وبعيون والحوارة ما أفشل تقدم المجموعات المهاجمة».

في غضون ذلك، ذكرت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن حزب الله عزز تواجده في المنطقة بعد انسحابه منها، حيث «دفع بتعزيزات إلى شمال القلمون من الجهة الجنوبية للقصير، وتحديدا إلى المزارع المحيطة ببلدة قارة، وإلى بلدة جوسيه الفاصلة بين ريف القصير والقلمون شمال ريف دمشق»، مشيرة إلى تعزيزات إضافية دفع بها الحزب من المواقع الخلفية في مدينة القصير باتجاه القرى الحدودية مع لبنان، بما يشبه إحاطة من المناطق السورية الداخلية للسفح الشرقي من سلسلة جبال لبنان.

وصعدت القوات النظامية خلال اليومين الماضيين بشكل غير مسبوق من استهداف الحدود اللبنانية، من الحدود الشمالية الساحلية، باتجاه حدود القلمون. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» أمس أن «الجيش اللبناني نفذ انتشارا على الحدود اللبنانية - السورية، مستحدثا نقاطا ومراكز جديدة في أراضي القاع والمشاريع ورأس بعلبك»، المتاخمة للحدود السورية، شرق لبنان.

وترافق هذا الانتشار مع غارات شنتها طائرات سورية على منطقة النعيمات عند الحدود بين البلدين، فيما سجل تحليق للطيران الحربي السوري فوق سلسلة الجبال الشرقية المحاذية لبلدة القاع.

ويأتي ذلك غداة استهداف القوات النظامية السورية مناطق حدودية لبنانية، شمالا بقذائف سقطت على الضفة اللبنانية من مجرى النهر الكبير بموازاة تجدد الاشتباكات في ريف تلكلخ في حمص. كما سجل سقوط عدد من القذائف مصدرها الجانب السوري، على خربة داود في جرود عرسال في مرتفعات السلسلة الشرقية للبنان.

وفي سياق متصل، جددت القوات النظامية السورية قصفها على مناطق المعارضة في حلب، حيث ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «خمسة أشخاص لقوا مصرعهم جراء قصف من الطيران الحربي النظامي على حي السكري في حلب، كما طال القصف الجوي حيي قاضي عسكر والصاخور». في حين أفاد «المركز الإعلامي السوري» أن «الكتائب الإسلامية المعارضة في حلب أوقعت 15 قتيلا في صفوف القوات النظامية أثناء تصديها لمحاولة تقدمه على جبهة الشيخ سعيد».

وعلى الصعيد الإنساني، قتل 12 شخصا نتيجة نقص المواد الغذائية والطبية في مناطق مختلفة من سوريا، بحسب ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، ثمانية منهم كانوا معتقلين في سجن حلب، شمال سوريا.

ويعاني سجن حلب، وهو من الأكبر في سوريا ويضم أكثر من ثلاثة آلاف سجين، من أوضاع إنسانية صعبة نتيجة الحصار المفروض عليه منذ أبريل (نيسان) الفائت.

وأوضح المرصد السوري أن «أربعة مواطنين، ثلاثة منهم في مخيم اليرموك بينهم سيدة حامل، ورجل في مدينة حمص المحاصرة، فارقوا الحياة جراء سوء الأوضاع الصحية والمعيشية نتيجة الحصار المفروض من القوات النظامية» على المخيم الواقع في جنوب دمشق وعلى أحياء في حمص.