عشائر الأنبار تصطدم مع «داعش» في الرمادي والفلوجة.. وتستعيد عددا من مراكز الشرطة

مقتل شاكر وهيب القيادي البارز في «القاعدة».. واعتقال واثق البطاط في بغداد

مسلحون ورجال شرطة عراقيون يحرسون الشوارع في الأنبار أمس (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي بدأ فيه الجيش العراقي قصف مناطق متفرقة من مدينة الفلوجة بقذائف الهاون، تمهيدا لدخولها، تمكنت عشائر الأنبار بالتعاون مع الشرطة المحلية من استعادة السيطرة على عدد من مراكز الشرطة التي سقطت بيد تنظيم دولة العراق الإسلامية في العراق والشام «داعش» خلال معارك ضارية جرت في اليومين الماضيين.

وطبقا لمصدر أمني فإن «قذائف الهاون سقطت على مبنى قائم مقامية الفلوجة وأحياء العسكري (شرق المدينة) ونزال (وسط الفلوجة) ومحيط الطريق الدولي السريع»، مما أسفر عن إلحاق أضرار مادية بالمنازل، من دون معرفة حجم الخسائر البشرية». وأضاف المصدر ذاته أن «القذائف انطلقت من مقر المزرعة الذي تتمركز فيه قوات من الجيش، شرق الفلوجة»، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل. ويأتي هذا القصف بعد اشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والثقيلة اندلعت، بين عناصر مسلحة وقوات من الجيش حاولت دخول مدينة الفلوجة من ثلاثة محاور هي الطريق الدولي السريع (شرق الفلوجة) ومن المنطقة السكنية شمال المدينة، وحي الشهداء (جنوب الفلوجة)، مما أسفر عن إلحاق أضرار مادية بعدد من دوريات الجيش، من دون معرفة حجم الخسائر البشرية. وبين المصدر أن «الاشتباكات استمرت لمدة ثلاث ساعات». وكانت قوات الشرطة وأبناء العشائر قد أجبروا عناصر تنظيم «داعش» على مغادرة جميع مدن المحافظة ومركزها مدينة الرمادي بعد استعادة مراكز الشرطة التي كانت تحت سيطرتهم.

من جهته، أكد فارس إبراهيم، عضو المجلس التأسيسي لأبناء العراق في الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «انهيار الوضع الأمني السريع جاء ليس على أثر انسحاب الجيش فقط لأن هناك عددا كبيرا من رجال الشرطة في الأنبار يزيد عددهم على 30 ألف شرطي ولكن بسبب ما أشاعه السياسيون من جو سلبي لا سيما الاستقالات التي قدمها نواب كتلة (متحدون) والدور الذي لعبوه في هذا المجال، وتصريحات رئيس البرلمان أسامة النجيفي ضد الجيش حيث أدى ذلك إلى انكسار نفسية رجال الشرطة». وأضاف أن «وقفة رجال العشائر وأبناء العراق الحازمة حيال ما حصل أعادت خلال اليومين الماضين التوازن بعد أن بدا أنه انقلب أول الأمر لصالح الإرهابيين الذين سيطروا على العديد من مراكز الشرطة في الرمادي والفلوجة في محاولة منهم لقلب الأوضاع لصالحهم».

وأشار إبراهيم إلى أن «استعادة الوضع في مدن الأنبار وبالذات الرمادي والفلوجة إنما حصلت بسبب وقفة رجال العشائر والشرطة الذين استعادوا زمام المبادرة بينما الجيش لم يدخل بعد، وهو ما نطالب به، حيث إن استقرار المدن بالنسبة لنا الآن هو أهم من الحرب في الصحراء».

من جانبه، توعد قائد الفرقة الخاصة لجهاز مكافحة الإرهاب اللواء فاضل برواري بدخول محافظة الأنبار بصواريخ «حرارية تدخل العراق لأول مرة» وليس بسلاح خفيف. وأشار إلى أن تلك الصواريخ ستحمل اسمه. وقال اللواء برواري على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) «سأدخل الأنبار بصواريخ جديدة وليس بسلاح خفيف»، متوعدا بـ«إبادة كل عنصر من عناصر داعش، ولن أساوم على قطرة دم عراقي مهما كان». وأضاف برواري «انتظروا مني الصاروخ الجديد الذي أطلقت عليه اسم البرواري، ولن أستعمل هذه المرة سلاحا خفيفا ولا حتى متوسطا، فقط الصاروخ الذي كتبت عليه اسمي»، مؤكدا أن «هذا الصاروخ الموجه حراريا يدخل العراق لأول مرة». وهدد برواري بـ«إسكات كل أنفاس (القاعدة)»، مشيرا إلى أن روحه «فداء للعراق»، لافتا في الوقت ذاته إلى أن قواته «دخلت الآن إلى الفلوجة باشتباكات عنيفة». وفي وقت تأكد فيه مقتل القيادي البارز بتنظيم القاعدة في العراق شاكر وهيب في منطقة الصوفية في الرمادي، أعلنت وزارة الداخلية العراقية أنها ألقت القبض على قائد ميليشيا «جيش المختار» واثق البطاط الأمين العام لحزب الله (النهضة الإسلامية).

وقالت وزارة الداخلية العراقية في بيان لها أمس (الخميس) إن «اعتقال البطاط جاء بناء على أوامر اعتقال صدرت بحقه»، مشيرة إلى أن «العملية جرت أثناء تجواله في شارع فلسطين وسط بغداد، وهو يخضع للتحقيق في أحد المراكز الأمنية». وكانت قوة من وزارة الداخلية اعتقلت قبل يومين اثنين من أشقائه في مدينة العمارة جنوب العراق. وفي هذا السياق، حمل القيادي في «دولة القانون» عدنان السراج السياسيين العراقيين مسؤولية تأزيم الأوضاع التي تمر بها البلاد حاليا. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «السياسيين في بلادنا تعودوا على افتعال الأزمات لا حل المشاكل، وهي مسألة باتت تترك تأثيرها على الشارع العراقي بشكل عام». وأضاف أن «السياسيين عندنا، وهنا أشير بصراحة إلى كتلة (متحدون)، يحاولون استغلال الأزمات لصالحهم من دون حساب النتائج التي يمكن أن تترتب على ذلك». وأشار إلى أنهم «كانوا يتحدثون عن التوازن في المؤسسة العسكرية ولكن بمجرد أن تحرك جنود من الجنوب إلى المناطق الغربية، باعتبار أن الجيش لكل العراقيين، فإنهم حاولوا تأليب الناس ضده، وهو ما أتاح الفرصة للعصابات بأن تجوب الشوارع وتسيطر على مراكز شرطة وغيرها لكي يقولوا إن الحكومة فشلت بينما هم أصروا على سحب الجيش، واستجاب المالكي لهم، واليوم يريدون عودة الجيش وهو ما يعني ممارستهم لنوع من الخداع المكشوف».

لكن كتلة «متحدون» التي يتزعمها رئيس البرلمان النجيفي عدت أن القوات العسكرية دخلت مدن الأنبار «بشكل استفزازي من دون ضرورة» عندما كانت آمنة وغادرتها بعد أن اضطربت أمنيا. وقالت «متحدون» في بيان لها «إنه لأمر مؤسف أن يتبنى رئيس الوزراء نوري المالكي قناعات لا تتناسب مع الواقع»، مؤكدا على ضرورة «معالجات جدية وعاجلة للتدهور الأمني في الأنبار بدلا من تحويل الموضوع إلى استهداف للشركاء السياسيين والتصريح بعدم الرغبة في التعامل معهم، وكأنه لا يريد أن يتعامل إلا مع دمى مصنعة حكوميا». وأضاف أن «القوات العسكرية والحكومية دخلت مدن الأنبار بشكل واسع واستفزازي ومن دون ضرورة، عندما كانت الأنبار آمنة يعمها السلام، لكنها غادرتها بعد أن اضطربت أمنيا واستباحها المتطرفون الذين استدرجوا إليها من خارجها».