المؤتمر الوطني الليبي يستعد لإقالة رئيس الحكومة من دون مرشحين أقوياء لخلافته

محتجون يهددون بثورة مسلحة واعتقال مسؤولين يوم الأحد المقبل

TT

يواجه الدكتور علي زيدان، رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا، ساعات حاسمة قبل تقرير مصير حكومته، خلال اجتماع سيعقده المؤتمر الوطني العام (البرلمان) يوم الأحد المقبل. وقال أعضاء في المؤتمر، أعلى سلطة تشريعية ودستورية في البلاد، لـ«الشرق الأوسط» إن ثمة اتفاقا بين مختلف الأحزاب والكتل لسياسية داخل المؤتمر على الإطاحة بزيدان من منصبه، الذي تولاه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2012.

وأوضح عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني، أن «التوجه العام داخل أعضاء المؤتمر هو سحب الثقة من حكومة زيدان وتعيين رئيس جديد للحكومة». وأضاف أن «المشكلة الأساسية هي البحث عن مرشح لخلافة زيدان في المرحلة المقبلة. فلم يعلن بعد عن أسماء لمرشحين أقوياء». وتابع «مجموعة كبيرة من الأعضاء طلبت مناقشة حجب الثقة عن حكومة زيدان في جلسة الأحد المقبل. الأمر يحتاج إلى توافر النصاب القانوني وهو 120 صوتا». ويتكون المؤتمر الوطني أساسا من 200 عضو، لكن جرى طرد نحو 15 عضوا على مدى الشهور الماضية بسبب اكتشاف علاقتهم مع نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وهو ما جعلهم عرضة لقانون العزل السياسي. ونجا زيدان من عدة محاولات للإطاحة به بسبب غياب التوافق بين خصومه السياسيين داخل تحالف القوى الوطنية، الذي يتزعمه الدكتور محمود جبريل، أو حزب العدالة والبناء الذارع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، على من سيخلفه في رئاسة الحكومة.

في غضون ذلك، قال مصدر أمني محلي ومصادر عسكرية لوكالة «رويترز» أمس إن الجيش الليبي احتجز أميركيين اثنين في مقر قيادته بمدينة بنغازي. ولم تعرف على الفور هوية المواطنين الأميركيين، ولا سبب القبض عليهما.

ولم يتسن ايضا الحصول على تعليق من السفارة الأميركية في ليبيا. وكان مسؤولون أميركيون قالوا إن الحكومة الليبية اعتقلت أربعة عسكريين أميركيين يوم الجمعة الماضي واحتجزتهم لعدة ساعات قبل اطلاق سراحهم.

وفي تطور خطير، هددت مجموعة من الشباب الذين اعتصموا أمام مقر المؤتمر الوطني وعدة وزارات ومؤسسات حكومية في العاصمة طرابلس، باعتقال أعضاء المؤتمر الوطني بحلول مساء الأحد المقبل إذا لم يقل زيدان. وقال عضو في هذه المجموعة لـ«الشرق الأوسط» إن المعتصمين في مقرات الحكومة، التي تعد الأكثر تأثيرا في ليبيا وخارجها، سينسحبون من المقرات التي يعتصمون بها ويمهلون أعضاء المؤتمر حتى الساعة التاسعة من مساء يوم الأحد، كآخر مهلة للاستجابة إلى مطالبهم، وأهمها إسقاط حكومة زيدان ومحاسبتهم على كل ما فعلوه ضد الشعب الليبي. وأضاف «سنخلي المقرات ونحمل الجميع المسؤولية، ونطلب من جميع الثوار التجهيز معنا ليوم الأحد المقبل. ففي الوقت الذي ستصل فيه الساعة إلى التاسعة ودقيقة مساء، يعد كل مسؤول تحت الإقامة الجبرية، وتبدأ المواجهة عسكريا مع كل من لم يرد مصلحة الشعب الليبي. وسيجري اعتقال كل أعضاء المؤتمر الوطني ووزراء حكومة زيدان».

وأوضح العضو، الذي طلب حجب اسمه، أن هذه المجموعة سلمت بيانا بهذا المعنى إلى أعضاء في المؤتمر الوطني، ورد في نصه «لذلك نمهلكم ونتمنى ألا تجرونا إلى ما قد لا تحمد عقباه. وثقوا وتأكدوا أن دم شهدائنا الأبرار لا يزال في رقابنا ولن ننساه، وأننا نخاف على ليبيا أكثر ما تخافون أنتم على مناصبكم».

وكشف النقاب عن أن أعضاء المؤتمر الذين تلقوا نسخة من هذا البيان أكدوا «أنه سيجري عرضه» وأنهم «سيصوتون على إقالة حكومة زيدان يوم الأحد، وطلبوا من الشباب إعطاءهم الفرصة وضبط النفس». ونقل عن أحد قادة هذا الحراك السياسي قوله «لا تراجع عن إسقاط حكومة زيدان»، مؤكدا أن «أغلب قادة الثوار سيشاركون في ثورة أخرى قد تكون مسلحة لإيقاف نزيف الفساد»، على حد قوله.

في غضون ذلك، حذر محمد سوالم، وزير العمل الليبي، من أن استمرار أزمة إغلاق الحقول والموانئ النفطية سيؤدي إلى إيقاف مرتبات شرائح كبيرة من المجتمع مثل كبار السن والباحثين عن العمل. وأوضح سوالم، في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس بطرابلس، أن توقف الإنتاج النفطي ستكون له آثار سلبية على الاقتصاد الليبي وتأخر عودة الشركات الأجنبية إلى ليبيا وانخفاض معدلات النمو، وكذلك تعطيل سياسات التشغيل والتدريب التي اعتمدها الوزارة، داعيا الليبيين إلى العمل معا من أجل الخروج من هذه الأزمة بأسرع وقت ممكن.

وقالت وزارة الدفاع الليبية أمس إن المحتجين الذين يغلقون حقل الشرارة النفطي منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وافقوا على تعليق إضرابهم والانسحاب من الموقع للسماح باستئناف الإنتاج، فيما أضاف متحدث باسم الوزارة أن «الحكومة وافقت على النظر في مطالبهم».

من جهتها، أكدت لجنة شؤون الخارجية بالمؤتمر الوطني، في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية، أن إغلاق وزارة الخارجية الليبية ووقف عملها أدى إلى إخلال جوهري بمهامها، وعرقل تنفيذ الوفاء بالتزامات دولية سابقة، إضافة إلى إساءته إلى سمعة ليبيا الدولية. وأشارت اللجنة إلى أنه من حق المواطنين التظاهر السلمي والاعتصام، ولكن هذا الحق لا يشمل بأي حال من الأحوال إغلاق أو تعطيل المؤسسات، سواء العامة أو الخاصة.

في غضون ذلك، أصدر وزير العدل الليبي صلاح الميرغني قرارا رسميا بتسمية لجنة مراجعة التشريعات المعمول بها، واقتراح تعديلها بما لا يتناقص مع الأحكام القطعية والقواعد الأساسية للشريعة الإسلامية، بناء على ترشيحات الجهات المعنية. وسمى القرار الدكتور حميد القماطي، المستشار بالمحكمة العليا، رئيسا لهذه اللجنة التي تضم في عضويتها عددا من أساتذة الجامعات وممثلين عن دار الإفتاء ووزارة الأوقاف ومجلس الحريات العامة وحقوق الإنسان والنقابة العامة للمحامين، بالإضافة إلى أربعة أعضاء من المختصين عن مؤسسات المجتمع المدني.

يشار إلى أن المؤتمر الوطني أصدر في الرابع من الشهر الماضي بيانا أكد فيه أن الشريعة الإسلامية هي أساس لكل التشريعات ولعمل كل مؤسسات الدولة التي تشهد نقاشا محتدما حول مصادر التشريع.