المصريون يفتتحون عام 2014 بـ«معركة أبلة فاهيتا»

جدل حول إعلان تجاري يستخدم الشخصية الوهمية الرائجة على مواقع التواصل

دميتا الشخصيتين الخياليتين «أبلة فاهيتا» وابنتها كما ظهرتا في أحد البرامج التلفزيونية («الشرق الأوسط»)
TT

تسبب بلاغ مقدم إلى النائب العام المصري ضد إعلان تجاري لإحدى شركات الاتصالات في إثارة بلبلة في الشارع المصري، تراوحت بين السخرية الشديدة من فحوى البلاغ وتوجس البعض من القلاقل الأمنية؛ خاصة في ظل ما يعانيه الشارع من مخاوف إثر زيادة العمليات التي تستهدف إثارة الهلع، والتي تزامنت مع إعلان الدولة لجماعة الإخوان منظمة إرهابية.

وقامت إحدى شركات الاتصالات الشهيرة في مصر، ببث إعلان تجاري دعائي على مواقع الإنترنت منذ أسبوع بمناسبة أعياد رأس العام. واستخدمت الشركة في إعلانها دمية لشخصية اعتبارية ساخرة شهيرة في مواقع التواصل الاجتماعي في مصر والعالم العربي تدعى «أبلة فاهيتا»، ظهرت بالتزامن مع أحداث الربيع العربي، ويقوم صاحب الحساب على موقع «تويتر» بتوجيه نقد اجتماعي ساخر للأوضاع الاجتماعية والسياسية.

ويرفض صاحب الشخصية الكشف عن نفسه علانية، مبررا ذلك بأن «الغموض المصاحب لهوية صاحب الحساب جزء من نجاح رواجها، وأنه إذا كشف عن الشخص فربما يضعه المتابعون في إطار تصنيف اجتماعي وسياسي يفقده كثيرا من بريقه». لكن عددا من المواقع تستغل الشخصية الشهيرة بالتوافق مع صاحبها، في إطار حقوق الملكية الفكرية، في المجال الإعلاني منذ فترة.

وقبيل ساعات من انتهاء عام 2013، فوجئ المصريون بالإعلان عن قرار من النائب المصري العام يحيل فيه بلاغا مقدما ضد الشركة صاحبة الإعلان التجاري والشخصية الخيالية إلى نيابة أمن الدولة العليا، للتحقيق فيما نسب إليهم من مقدم البلاغ، باحتواء الإعلان على «شفرات ومعلومات» للإخلال بالأمن العام.

وصاحب البلاغ يدعى أحمد سبايدر، وهو شاب ظهر عقب ثورة 25 يناير في مصر كمؤيد للرئيس الأسبق حسني مبارك، وأحد الوجوه التي ظهرت بكثرة على الإعلام متبنيا لوجود «نظريات مؤامرة» خلف أحداث الثورة المصرية، ومروجا لوجود قوى خارجية قامت بتحريك الشعب في اتجاه أهداف خاصة لإثارة الفوضى. ويدعي صاحب البلاغ أن الإعلان هو عبارة عن رسالة عبر استخدام الشفرة لـ«عناصر ما» بالقيام بتفجير في أحد المراكز التجارية بالعاصمة.

وعقب الإعلان عن تحويل البلاغ إلى نيابة أمن الدولة واستدعاء مسؤولين بشركة الاتصالات للتحقيق، اشتعل الشارع المصري ومواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات، وانشغل الجميع بشخصية «أبلة فاهيتا»، حتى أنها طغت نسبيا على الأحداث الأبرز في الشارع المصري، مثل الاستحقاقات الانتخابية والاستفتاء على الدستور بعد أيام.

ووصل الاهتمام في مصر بالقصة لدرجة أن عددا من البرامج الحوارية المسائية (توك شوز) خصص فقرات مطولة للموضوع، بل إن إحداها خصص «مناظرة» على الهواء الليلة قبل الماضية بين سبايدر عبر الهاتف، والدمية «أبلة فاهيتا» عبر موقع «سكايب».

ورغم أن البعض طالب بأخذ الموضوع مأخذا جادا، في ظل ما يعانيه الشارع من قلق نظرا للإضرابات الأمنية عقب إعلان الإخوان منظمة إرهابية، فإن الغالبية العظمى من الآراء سخرت من أساس القضية، أو جدية التعامل معها. وفي إطار التعليقات الساخرة، قال عدد من النشطاء إنهم سيتضامنون مع «أبلة فاهيتا»، بينما طالب آخرون باستدعاء أي من «المحقق كونان» أو «المفتش كرومبو» (وهما شخصيتان كرتونيتان) للتحقيق مع «فاهيتا».

لكن مصدرا قضائيا أوضح لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «النيابة العامة لا تملك أن ترفض بلاغا من مواطن، فهو حق دستوري وقانوني»، مشيرا إلى أن ما قام به النائب العام المستشار هشام بركات من إحالة البلاغ إلى نيابة أمن الدولة العليا «هو أمر إجرائي طبيعي، حيث يقوم النائب العام بإحالة أي بلاغ يصله إلى الجهة المختصة، وهي هنا نيابة أمن الدولة نظرا لفحوى البلاغ. والتي تقوم بدورها بالتحقيق مع مختلف الأطراف الواردة في البلاغ، ثم تقوم عقب ذلك إما بحفظه إذا ثبت انتفاء جديته، أو إحالته إلى القضاء». وأوضح المصدر، الذي طلب عدم تعريفه، أن التحقيق في أي بلاغ لا يعني وجود أي إدانة للطرف المشكو في حقه.