كيري يواصل مفاوضاته مع القادة الفلسطينيين والإسرائيليين وسط شكوك

مظاهرات احتجاجية في رام الله.. وعبد ربه يصف الاتفاق الإطار بالمنحاز لإسرائيل

الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال لقائه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في رام الله أمس (إ.ب.أ)
TT

ناقش وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس جهوده الرامية إلى إحراز تقدم في محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين مع نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، وهو قومي متشدد يشكك في إمكانية التوصل إلى اتفاق ينهي الصراع الدائر منذ عقود. كما يفترض أن يكون اجتمع للمرة الثانية ظهر أمس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وجاء ذلك قبل أن يتوجه كيري إلى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس في وقت لاحق.

وألقت الخلافات الشديدة بين الجانبين بشأن قضايا أساسية مثل الحدود ووضع القدس والاعتراف المتبادل ومصير اللاجئين الفلسطينيين، بظلالها على المباحثات.

وسبق أن عبر مسؤولون أميركيون في مجالسهم الخاصة عن اعتقادهم أن المفاوضات المباشرة التي استؤنفت في يوليو (تموز) بعد توقف استمر ثلاث سنوات، وصلت إلى مرحلة جديدة مع اقتراب استحقاق أبريل (نيسان) الذي حدد للتوصل إلى اتفاق، لكنهم يحاولون تقريب مواقف الطرفين المعارضين لأي تنازل. ووصل كيري إلى إسرائيل الخميس في جولته العاشرة إلى المنطقة، وتوجه مباشرة لعقد لقاء استمر خمس ساعات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ولم تتسرب أي تفاصيل عن مضمون المحادثات التي جرت في فندق في القدس الغربية، حيث ينزل كيري بحضور عشرة مسؤولين إسرائيليين وأميركيين.

لكن نتنياهو كان متشائما الخميس إزاء تقدم المفاوضات وشن هجوما عنيفا على عباس وشكك في رغبته في التوصل إلى السلام.

وقال نتنياهو أمام كيري: «أعلم أنك ملتزم بالسلام، وأعلم أنني ملتزم بالسلام، لكن للأسف نظرا إلى أعمال وأقوال القادة الفلسطينيين هناك شكوك متزايدة في إسرائيل حيال التزام الفلسطينيين بالسلام».

وأضاف نتنياهو منتقدا استقبال الرئيس الفلسطيني عددا من الأسرى الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم إسرائيل في إطار المفاوضات بين الطرفين: «بعدما اتخذنا قرارا مؤلما جدا لمحاولة التوصل إلى نهاية للنزاع، رأيت جيراننا وكبار قادتهم يحتفلون بالقتلة»، مضيفا أن «السلام لا يصنع بهذه الطريقة». وأضاف أن عباس «عانق الإرهابيين كأبطال»، قائلا: «لا يمكنه الوقوف في وجه الإرهابيين وهو يقف إلى جانب الإرهابيين».

لكن كيري أكد أن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع الطرفين من «أجل تضييق الخلافات حول إطار سيؤمن الخطوط العريضة المتفق عليها لمفاوضات حول الوضع النهائي». وأضاف: «هذا سيستغرق وقتا وسيتطلب تسويات من الطرفين. لكن التوصل إلى اتفاق - إطار متفق عليه سيشكل اختراقا مهما». وقال كيري إن الاتفاق - الإطار سيحدد نقاط الخلاف والاتفاق حول المواضيع الشائكة التي هي موضع خلاف بين الطرفين بما يشمل حدود الدولة الفلسطينية المقبلة ووضع اللاجئين ومصير القدس والأمن «والاعتراف المتبادل وإنهاء النزاع».

وتابع كيري: «سيتطرق إلى كل المواضيع الأساسية، وسيحدد الأطر ما يخول الطرفين معرفة إلى أين يتجهون وما ستكون عليه النتيجة النهائية».

وكان كيري صرح لدى وصوله الخميس: «أعتزم العمل مع الطرفين بشكل مكثف أكثر خلال الأيام المقبلة من أجل تقليص الخلافات حول إطار يحدد الخطوط الرئيسية التي جرى الاتفاق عليها لمفاوضات الوضع النهائي». وقبل ساعات من لقاء كيري المقرر بالرئيس الفلسطيني محمود عباس تظاهر عدة مئات في شوارع رام الله مرددين هتافات ضد كيري، بينما وصف مسؤول مقرب من عباس مسعى كيري للتوصل إلى اتفاق إطار بأنه منحاز لإسرائيل.

وقال ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن اتفاق الإطار المقترح يقيد السيادة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية. وأضاف في بيان نشرته صحيفة «الأيام» أمس أن الجانب الفلسطيني لن يلتفت إلى ورقة عديمة القيمة اسمها اتفاق إطار تحمل مبادئ عامة من أجل التفاوض حولها لاحقا رغم أن الجانبين كانا في الأصل يجريان مفاوضات طوال الأشهر والسنوات الماضية.

واختلفت مواقف المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين حول وضع حدود الضفة الغربية مع الأردن في المستقبل. ويطالب الفلسطينيون بانسحاب كامل للجنود والمستوطنين الإسرائيليين من الضفة الغربية بينما تريد إسرائيل وجودا أمنيا دائما لها فيها. وقالت إسرائيل الأسبوع الماضي إنها تعتزم بناء 1400 وحدة سكنية في مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة.

وحال العشرات من أفراد شرطة مكافحة الشغب وقوات الأمن في ملابس مدنية دون وصول المظاهرة إلى مقر الرئاسة في رام الله حيث ينتظر أن يلتقي كيري بعباس.

وقال السيناتور الأميركي الجمهوري جون ماكين الموجود أيضا في إسرائيل والذي التقى نتنياهو في مؤتمر صحافي أمس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي تساوره شكوك إزاء الاقتراحات. وأضاف: «تساور نتنياهو مخاوف جدية بشأن الخطة بعد تقديمها إليه، سواء كانت بشأن قدرة إسرائيل على الدفاع عن حدودها أو إمكانية الاعتماد على دولة فلسطينية، خاصة فيما يتعلق بالأمن بشكل عام». وقال ماكين بينما وقف إلى جواره السيناتور لينزي غراهام: «نحن أيضا قلقون للغاية».

وتزامنت زيارة كيري مع تصعيد أمني، حيث شنت مقاتلات إسرائيلية ليل الخميس - الجمعة غارات على مواقع في غزة لم تسفر عن وقوع إصابات، ردا على إطلاق صاروخ من القطاع الفلسطيني، وفق ما أعلنه الجيش الإسرائيلي ومصادر فلسطينية. وأكد الجيش الإسرائيلي في بيان أن «الطيران استهدف موقعا إرهابيا في وسط قطاع غزة وثلاثة مواقع أخرى تضم منصات لإطلاق الصواريخ في شمال» القطاع، وذلك «ردا على إطلاق (صاروخ) على إسرائيل». وأضاف البيان أنه «تم تأكيد إصابات مباشرة» للمواقع المستهدفة.

من جانبها أكدت مصادر أمنية وطبية فلسطينية أن طائرات حربية إسرائيلية شنت عدة غارات على القطاع، إلا أنها لم تسفر عن وقوع إصابات. وأفادت متحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية في وقت سابق ردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «تم إطلاق صاروخ من غزة مساء الخميس من دون أن يتسبب بأضرار».

وصباح الجمعة أعلن مصدر طبي فلسطيني مقتل الفتى عدنان أبو خاطر متأثرا بجروح أصيب بها الخميس شرق مخيم جباليا (شمال قطاع غزة).