باريس تستضيف اجتماعين مهمين حول سوريا الأسبوع المقبل

مصادر دبلوماسية: واشنطن تسعى لتسهيل مشاركة طهران في «جنيف 2»

TT

ستنتقل مشكلات الشرق الأوسط الملتهبة بداية الأسبوع المقبل إلى العاصمة الفرنسية باريس التي ستشهد حركة اتصالات دبلوماسية عالية المستوى يشارك فيها طيف واسع من وزراء خارجية الدول الكبرى والدول الإقليمية والعربية.

وتستضيف باريس يومي الأحد والاثنين، 12 و13 يناير (كانون الثاني) الحالي، ثلاثة اجتماعات رئيسة: اثنان مخصصان للأزمة السورية، فيما سيتناول الثالث ملف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية وما أفضت إليه الوساطة الأميركية بعد 10 زيارات للمنطقة أجراها وزير الخارجية الأميركي جون كيري.

واختيرت باريس لأسباب لوجستية وعملية بدل لندن لاستضافة «مجموعة لندن» المكونة من 11 بلدا يشكلون النواة الصلبة لما يعرف باسم «مجموعة أصدقاء الشعب السوري». وهي تضم البلدان الغربية الرئيسة: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، ومجموعة من البلدان العربية تضم المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر والأردن وقطر، علاوة على تركيا. أما الاجتماع الثاني والأهم فسيعقد الاثنين ويضم الوزير كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، ويرجح أن يشارك فيه المبعوث الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي. بيد أن هذه المشاركة لم تكن تأكدت حتى بعد ظهر أمس.

وتعد مصادر دبلوماسية غربية في باريس أن غرض اجتماع «مجموعة لندن» هو «الاتفاق على مواقف واضحة» بشأن مجريات مؤتمر «جنيف 2» للسلام في سوريا، خصوصا أن اللقاء يأتي قبل تسعة أيام فقط من انعقاده المقرر في 22 يناير الحالي في مدينة مونترو السويسرية. لكن استمرار انقسامات المعارضة السورية، سياسيا، كما برزت في اجتماعات إسطنبول في الأيام الثلاثة الماضية، وعسكريا، كما هو جار ميدانيا «يربك مجموعة لندن ويضاعف من الصعوبات» التي تواجهها لتوفير دعم قوي وفعال للمعارضة.

وترى المصادر المشار إليها أن فشل الائتلاف الوطني السوري الذي راهنت عليه المجموعة سياسيا منذ البداية في بلورة رد واضح ومتماسك بشأن المشاركة في «جنيف 2» أو الامتناع عنها، سيطيح بالمؤتمر أو على الأقل سيدفع باتجاه تأجيله على اعتبار أن الغرض منه، كما هو وارد في خطة الطريق الصادرة عن مؤتمر «جنيف 1»، هو «جمع ممثلي النظام والمعارضة على طاولة واحدة» لتنفيذ هذه الخطة.

والحال أن انهيار صفوف الائتلاف الوطني السوري سيعني غياب ممثل ذي صدقية للمعارضة أقله في الوقت الحاضر. وتذكر المصادر الغربية أن «مجموعة لندن» تعد أن الائتلاف يجب أن تكون له الريادة لتمثيل المعارضة وقيادتها. وليس سرا أن الغربيين وبعض لدول العربية تمارس ضغوطا قوية على الائتلاف لقبول الذهاب إلى «جنيف 2» رغم غياب الضمانات التي طلبها والشروط التي وضعها لقبول المشاركة. وأظهرت نقاشات إسطنبول وجود شروخ عميقة بين من يدعو للمشاركة وعدم تفويت الفرصة رغم المخاطر، ومن يرفضها في الظروف الحالية مهما يكن الثمن.

وستكون جميع هذه المسائل مطروحة على الطاولة في اجتماع باريس الذي ينتظر، وفق ما تؤكده مصادر المعارضة السورية، أن يستعيد ما كان صدر عن المجموعة نفسها في اجتماع لندن الأخير. وتتناول النقاط الرئيسة التأكيد على قيام سلطة انتقالية تعود إليها كل الصلاحيات التنفيذية بما فيها العسكرية، ورفض أن يكون للرئيس السوري بشار الأسد دور فيها.

أما اجتماع كيري – لافروف، فينتظر منه أن يحسم مجموعة من المسائل العالقة، أولها التفاهم على موقف موحد من دعوة إيران إلى المؤتمر. وقالت المصادر الغربية إن هناك «تحولا» في المواقف من حضور ممثلي طهران؛ إذ إن إيران تحولت من «جزء من المشكلة» السورية بسبب الدور الذي تلعبه في مساندة نظام الأسد بالمال والسلاح والمشورة والرجال، إلى الاعتراف بـ«قدرتها في التأثير» على الحرب الدائرة في سوريا.

وتقدر هذه المصادر أن واشنطن لم تعد بعيدة عن القبول بالمشاركة الإيرانية «بشكل أو بآخر»؛ لا بل إنها تريد أن تسهل استجابة طهران للشرط الأساسي الذي وضعه الغربيون وهو أن تقبل طهران خلاصات «جنيف 1»، وتحديدا قيام السلطة الانتقالية، وإعفاؤها من إشهار ذلك علانية.

ويعمل الدبلوماسيون على إيجاد المخارج المناسبة. وثمة حلان جاهزان: الأول، رؤية أن قبول الدعوة يعني الاعتراف بما صدر عن «جنيف 1». والثاني اكتفاء إيران بتأييد القرار الوحيد الصادر عن مجلس الأمن رقم 2118 الصادر بتاريخ 27 سبتمبر (أيلول) الماضي الذي يستعيد حرفيا خلاصات «جنيف 1». غير أن لقاء كيري - لافروف سيتناول مسائل أخرى ترتبط بالمواضيع الخلافية وفهم كل طرف لما يفترض أن يخرج به «جنيف 2» من نتائج، والشخصيات التي يمكن أن تتشكل منها السلطة الانتقالية، ومصير الرئيس الأسد.