القضاة التونسيون يشنون إضرابا عاما لمدة ثلاثة أيام

احتجاجات في الجهات ضد فرض ضرائب جديدة في موازنة 2014

TT

دخل القضاة في تونس أمس إضرابا عاما لمدة ثلاثة أيام على خلفية اتهام وزارة العدل ومن ورائها الحكومة الحالية بالسعي إلى الهيمنة على السلطة القضائية. ويمس هذا الإضراب الذي دعت له جمعية القضاة، كل المحاكم والمؤسسات القضائية في البلاد.

وساندت نقابة القضاة هذا الإضراب، وأعلنت روضة العبيدي، رئيسة النقابة في مؤتمر صحافي عقدته أول من أمس عن دعمها لمطالب القضاة وسحب ثقتها من وزير العدل ومن رئاسة الحكومة.

ومن جهتها، قالت روضة القرافي، رئيسة جمعية القضاة لـ«الشرق الأوسط» إن قرار الإضراب اتخذ احتجاجا على «الوضع المتردي الذي أصبح عليه القضاء ومرفق العدالة في تونس». وأشارت إلى أن رئاسة الحكومة التونسية لا تعترف بوجود الهيئة المؤقتة للقضاء العدلي المنتخبة، وهي التي صادق عليها المجلس التأسيسي (البرلمان). وذكرت أن الحكومة امتنعت عن توقيع الحركة الانتقالية الجزئية للقضاة التي أقرتها الهيئة المؤقتة للقضاء العدلي وعدت أن في ذلك «تعديا على الهيئة وإلغاء لوجودها وإيقاف مباشر لإجمالي أعمالها». وحول الأسباب التي أدت إلى شن الإضراب بدل السعي إلى التفاوض، قالت العبيدي إن الهيئة المؤقتة للقضاء العدلي رفضت طريقة تشكيل السلطة القضائية المتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء. كما عبرت عن خيبة أملها من حصيلة التوافقات التي حصلت بالمجلس التأسيسي. وأشارت إلى الفصل 112 من مشروع الدستور الحالي، وقالت إنه يشير إلى أن «النيابة العمومية ملزمة بتطبيق واتباع السياسة الجزائية للحكومة وهذا يعني على حد قولها «خضوع النيابة العامة للحكومة».

وبشأن مطالب القضاة، قالت القرافي إنهم ينادون باستقلالية النيابة العامة وقوتها القانونية وذلك لحماية الحريات والحد من الجريمة داخل المجتمع.

وتزامن إضراب القضاة مع موجة من التحركات الاجتماعية التي شهدتها مجموعة من المدن التونسية على خلفية رفضها للضرائب الجديدة المضمنة في موازنة سنة 2014. وتمركزت الاحتجاجات في ولايات (محافظات) سيدي بوزيد والقصرين والكاف وصفاقس وقفصة.

وأغلقت معظم المؤسسات العمومية (بريد، ومدارس، ومؤسسات صحية) أبوابها في مدينة الرقاب من ولاية سيدي بوزيد (وسط)، وطالب المحتجون الحكومة بالتراجع عن الزيادة في الجبايات المفروضة على السيارات وعلى صغار الفلاحين الذين باتوا ملزمين بالحصول على «شهادة مزاولة المهنة لمواصلة النشاط الفلاحي».

وعبرت أطراف نقابية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن خشيتها من تحول تلك الاحتجاجات إلى ما يشبه «العصيان الجنائي».

ومن جانبهم، نظم يوم أمس، أطباء الاختصاص مسيرة احتجاجية انطلقت من كلية الطب بتونس في اتجاه مقر المجلس التأسيسي، وطالبوا وزارة الصحة بالتراجع عن مشروع قانون العمل الإجباري بالمناطق الداخلية لمدة ثلاث سنوات. ورافقت تعزيزات أمنية كثيفة تلك المسيرة تحسبا لإمكانية تعرض الأطباء للاعتداء من جديد، بعد مهاجمة محتجين قبل يومين طبيبا مختصا في الإنعاش يعمل بمستشفى الرابطة بالعاصمة وإصابته بجروح وكدمات. وكانت وزارة الصحة العمومية قد أقفلت أبواب التفاوض مع الأطباء، وقالت إن الملف برمته قد حول إلى المجلس التأسيسي (البرلمان) لتقرير مصير مشروع قانون العمل الإجباري في المناطق الداخلية الفقيرة.

وقبل يوم من إنهاء المدة التي من المفترض أن يقدم خلالها علي العريض استقالة حكومته إلى الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ومن ثم تكليف المهدي جمعة بتشكيل حكومة جديدة، قال العريض في تصريح إنه لا يرى مانعا من تقديم استقالته غدا أو بعد غد، ولكنه في المقابل اشترط تطبيق محتوى وثيقة الطريق التي تتحدث عن تلازم المسارات الثلاثة (الحكومي والتأسيسي والانتخابي). وقال العريض إن تشكيل الهيئة المستقلة العليا للانتخابات هو الأمر الوحيد الذي قد يعيق تقديم استقالة الحكومة.

وكان رباعي الوساطة في الحوار الوطني قد تحول إلى قصر الحكومة مساء الاثنين لإقناع العريض بتنفيذ تعهده بالاستقالة. كما استقبل العريض في نفس اليوم السفير الأميركي الذي صرح أن بلاده ستواصل دعم مسار الانتقال الديمقراطي في تونس. وتنتهي مهلة الأسبوعين اللذين منحتهما خارطة الطريق لحكومة العريض لتقديم الاستقالة يوم الثامن من يناير (كانون الثاني) الحالي. وانطلق العد التنازلي المتعلق بموعد الاستقالة يوم 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي وفق قيادات رباعي الحوار الوطني.

في غضون ذلك، أكد مصدر أمني تونسي أن قصر الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي بمدينة أوتيك (30كلم شمال العاصمة) تعرض للسرقة وذلك بعد عثور قوات الأمن على شاحنة محملة بالتحف الثمينة مسروقة من القصر. من ناحية أخرى، قال نبيل بلعم مدير معهد «أمرود» لاستطلاع الرأي إن 44 في المائة من التونسيين أبدوا تشاؤمهم من سنة 2014، وقالوا إنها ستكون سيئة. وأشار من خلال النتائج التي قدمها يوم أمس إلى أن 52 في المائة يعدون تعيين جمعة رئيسا جديدا للحكومة «جيدا».كما أشار الاستطلاع إلى تراجع ثقة التونسيين في الرؤساء الثلاثة، وقال إن 30.9 في المائة فقط من التونسيين راضون عن أداء العريض (61.4 في المائة في 2012) و23.6 في المائة راضون عن المرزوقي (كانت النسبة في حدود 59.8 في المائة عام 2012) كما تراجع مؤشر الثقة إلى 22.7 في المائة بالنسبة لمصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي بعد أن كانت 50.2 في المائة في يونيو (حزيران) 2012.