وفد بريطاني برلماني بقيادة وزير خارجية أسبق يلتقي ظريف

استئناف المفاوضات الدولية حول الملف النووي الإيراني غدا.. وروحاني لا يخشى الانتقادات حولها

مرافق لوزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك سترو يلتقط له صورة قبل بدء اجتماع مع نواب إيرانيين
TT

التقى وفد برلماني بريطاني يرأسه وزير الخارجية الأسبق جاك سترو، محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني أمس، مستهلا أول زيارة من نوعها لإيران منذ سنوات.

وتحسنت العلاقات، المتوترة منذ فترة طويلة، بين البلدين منذ انتخاب حسن روحاني، المعتدل نسبيا، رئيسا لإيران في يونيو (حزيران) الماضي. ورغم أن سفارتي البلدين في طهران ولندن ما زالتا مغلقتين، فإن هناك تحسنا تدريجيا بينهما، خاصة بعد تعيين قائمين بالأعمال غير مقيمين بين البلدين. وفي ديسمبر (كانون الأول)، قام القائم بالأعمال البريطاني غير المقيم بأول زيارة دبلوماسية لإيران منذ أن خفضت لندن مستوى العلاقات بعد أن اقتحم متشددون سفارتها في عام 2011.

وذكر الإعلام الإيراني أن الوفد سيجتمع مع رئيس البرلمان علي لاريجاني ورئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان علاء الدين بوروجردي. وكان سترو، العضو في حزب العمال المعارض حاليا، وزيرا للخارجية في حكومة توني بلير بين عامي 2001 و2006 عندما شاركت بريطانيا في الحرب على العراق. وقد دعا مرات عدة إلى إجراء حوار مع إيران لوضع حد للأزمة بشأن برنامجها النووي الذي يشتبه الغربيون وإسرائيل في أنه يخفي شقا عسكريا رغم النفي الإيراني المتكرر.

وأوضح مكتب سترو، في بيان نشر أول من أمس، أن البرلمانيين البريطانيين يأملون أيضا تنظيم زيارة لبرلمانيين إيرانيين إلى لندن. ويضم الوفد البريطاني أيضا وزير المالية الأسبق نورمان لامونت، والنائب المحافظ بن واليس، والنائب العمالي جيريمي كوربين.

وفتح انتخاب روحاني الباب أيضا لإمكانية حدوث انفراج في القضية الشائكة المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، فوافقت ست قوى عالمية، من بينها بريطانيا، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على اتفاق يقضي بالحد من البرنامج الإيراني مقابل تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية.

وأكد الرئيس الإيراني، أمس، أنه «لا يخاف» من الانتقادات الداخلية حول الاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى العظمى، قائلا في كلمة ألقاها أمام حكام المحافظات: «يجب ألا نخاف من الضجيج الذي يحدثه عدد صغير من الأشخاص أو نسبة مئوية (من الانتقادات)، ولسنا خائفين». وقد انتقد الجناح المتشدد في النظام الاتفاق حول الملف النووي الإيراني الذي يجمد طوال ستة أشهر بعض الأنشطة الحساسة لطهران في مقابل رفع جزئي للعقوبات الغربية. وطلب عدد من النواب تشكيل لجنة تقضي، مهمتها الإشراف على عمل المفاوضين الإيرانيين، إلا أن وزارة الخارجية رفضت هذا الطلب.

وتجري أيضا مناقشة مشروع قانون يرغم الحكومة على رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة إذا ما فرضت عقوبات جديدة على إيران. وأشار الرئيس الإيراني إلى أن إبرام هذا الاتفاق مع بلدان «5+1» (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا بالإضافة إلى ألمانيا)، «لم يكن أمرا سهلا، وكان قرارا شجاعا».

وقال روحاني إن «جميع أصدقائنا في المنطقة وكبار المسؤولين السياسيين في العالم أجمع، أشادوا بهذا الاتفاق. لكن يبدو أن بعض الأشخاص ليسوا مسرورين. لا علاقة لنا بهم، وما يهمنا هو إرضاء الله وأكثرية» الشعب الإيراني. وأضاف الرئيس الإيراني أن الحكومة ستقوم «بكل ما هو ضروري للحفاظ على مصالح الأمة»، مذكرا بدعم المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، للتفاوض مع القوى العظمى. وأكد روحاني: «لدينا مرشد واحد وحكومة واحدة. وفي الوضع الراهن، يفترض أن نكون موحدين وألا نترك البعض يتسببون في حصول انقسامات وخلافات في المجتمع».

ويحاول الخبراء الإيرانيون والقوى العظمى منذ شهرين الاتفاق على «خطة عمل» لتطبيق اتفاق جنيف. وقد وافقت طهران على أن تعلق طوال ستة أشهر تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة لحصره بأقل من خمسة في المائة، وعلى ألا تركب معدات مفاعل أراك الذي يعمل بالمياه الثقيلة ويجري بناؤه في الوقت الراهن. وفي المقابل، وافقت البلدان الغربية على رفع جزئي للعقوبات وتعهدت بألا تفرض عقوبات جديدة.

يجتمع بجنيف صباح الغد الخميس ممثلين عن إيران ومجموعة «5 +1» لمناقشة بعض نقاط ما تزال عالقة ولبحث موعد لبدء تنفيذ اتفاق جنيف النووي الذي وقعته إيران والمجموعة الدولية التي تتكون من الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن زائد ألمانيا وتتولى رئاستها كاثرين أشتون مفوضة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي.

هذا وبينما أكدت ماجا كوسيجانسيك، المتحدثة باسم مكتب أشتون، أن الوفدين برئاسة عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني، وهيلغا شميت نائبة أشتون، سوف يجتمعان الخميس والجمعة بحثا عن تفاهم مشترك بشأن مواضيع متبقية - نقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن عراقجي قوله إن الاجتماعات على مستوى الخبراء قد انتهت بإحراز تقدم (وكان آخرها قد انعقد بتاريخ 31 ديسمبر الماضي)، مضيفا أن الخبراء أنجزوا ما عليهم ورفعوا تقاريرهم للمديرين السياسيين بالعواصم، لكن ما تزال هناك بعض مسائل عالقة تنتظر حلا على المستوى السياسي. لتبيين التفاصيل حول تطبيق الاتفاق وتنفيذه، غير مستبعد أن يبدأ التنفيذ في العشرين من يناير (كانون الثاني) الحالي.

من جانبه، أكد مصدر من داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لـ«الشرق الأوسط» استعداد الوكالة للعمل كآلية رقابة وتفتيش لمدى التزام إيران وتطبيقها الاتفاق حال أخطرها الوفدان بالموعد، مما يتطلب دعوة مدير الوكالة لجلسة استثنائية عاجلة لمجلس أمناء الوكالة (35 دولة) وإخطاره بالمهمة التي اتفق طرفا اتفاق جنيف على أن تتولاها الوكالة.

في تطور لافت، كانت وسائل الإعلام الإيرانية قد نقلت عن أعضاء بلجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي (البرلمان الإيراني) تكوين «فريق مراقب» يضم كبار المسؤولين بالبلاد مهمته تحديد «القضايا» بصورة تفصيلية للفريق النووي المفاوض، مشيرة إلى أن الفريق النووي المفاوض الذي يتولى رئاسته محمد جواد ظريف سوف يزاول نشاطه بالتنسيق مع الفريق المذكور.

من جانبها، استبقت مرضية أفخم، المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، اجتماع عراقجي وشميت بتكرار التحذير الإيراني من أن أي حظر جديد ضد طهران سينهي المفاوضات ويفشلها، وذلك في إشارة إلى مشروع قرار كان 26 نائبا بمجلس الشيوخ الأميركي قد تقدموا به مطالبين الكونغرس بفرض عقوبات أكثر على إيران.