وفد متمردي جنوب السودان يهدد بالانسحاب من التفاوض إذا أصر كير على موقفه

إدوارد لينو ينفي لـ «الشرق الأوسط» اتفاقا مع البشير على نشر قوات مشتركة لحماية النفط

TT

ساد الغموض، أمس، موقف المباحثات التي تجري في أديس أبابا بين وفدي حكومة جنوب السودان والمتمردين، عقب أنباء عن رفض الحكومة لإطلاق سراح المعتقلين. وبينما كان التفاؤل الحذر يسود الأجواء صباحا بإمكان التوصل إلى حل للأزمة، أوضح المتحدث الرسمي باسم وفد المتمردين مساء، أنه «في حال إصرار (الرئيس) سلفا كير ميارديت على موقفه باعتقالهم، فإن عملية التفاوض ستتوقف».

ووسط تفاؤل مبشر بحل الأزمة صباح أمس، أعلن عن تعليق مؤقت للمباحثات المباشرة بين وفد الحكومة ووفد المتمردين، نظرا لسفر أعضاء من وفد الحكومة مع وسطاء إلى جوبا لحث الرئيس سلفا كير على القبول بإطلاق سراح المعتقلين، لكن أنباء لاحقة من جوبا أشارت إلى أن الحكومة رفضت شرط المتمردين بـ«إطلاق سراح المعتقلين فورا»، وهو ما علق عليه المتمردون بالقول، إن «حكومة جوبا تنسف عملية المفاوضات برمتها».

وقال المتحدث باسم وفد التمرد في أديس أبابا، يوهانس موسى فوك، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المفاوضات مستمرة بين الطرفين. وجلسة أمس ألغيت نظرا لسفر الوسطاء إلى جوبا لحث كير على إطلاق سراح المعتقلين. وسنستأنف جلسات التفاوض (اليوم) بعد عودة الوسطاء من جوبا». لكنه أضاف: «نحن ننتظر إطلاق سراح المعتقلين من الطرف الآخر، ولكن في حال إصرار كير على موقفه بألا يطلق سراحهم، فإن عملية التفاوض ستتوقف». وتابع أنه «في حال جرى إطلاق سراحهم (أمس)، كما هو متوقع، سنوقع اتفاق وقف العدائيات خلال اليومين المقبلين».

ونقلت تقارير عن رئيس وفد الحكومة التفاوضي، نيال دينق نيال، قوله أمس في جوبا، إن «كير أوضح للوسطاء أنه لا يمكن إطلاق المعتقلين على الفور»، مشيرا إلى أن هناك إجراءات وخطوطا قانونية يجب أن تتبع معهم، وأن من تدينه التحقيقات سيخضع للمحاكمة.

وفي كلمة سابقة له، أشار نيال إلى أن حكومته متفاءلة بما جرى إحرازه من نتائج في الحوار مع مجموعة ريك مشار تحت رعاية دول الإيقاد، داعيا مجموعة مشار لقبول الاتفاق على وقف العدائيات لتهيئة المناخ للحوار.

واستبعد نيال أن تجري مناقشة موضوع قسمة السلطة والثروة مع المتمردين، وقال إن «هذه مجموعة متمردة تطالب بالسلطة داخل الحركة الشعبية»، مؤكدا أن الطرفين سيتفاوضان حول بقية القضايا للوصول إلى حل نهائي عقب الاتفاق على وقف العدائيات، مشيرا إلى أن المباحثات بين الطرفين مستمرة ولن تتأثر بغياب وسطاء الإيقاد الذين وصلوا إلى جوبا لإجراء لقاء مع كير بخصوص قضايا التفاوض والمتعلقة بإطلاق سراح المعتقلين.

من ناحيته، كان رئيس وفد التمرد تعبان دينق أعرب عن ثقته صباح أمس في التوصل إلى مصالحة شاملة مع حكومة جنوب السودان، وقال: «نحن ننتمي إلى عائلة واحدة، وهي الحركة الشعبية لتحرير السودان.. لقد اختلفنا ولكن يمكن تحقيق مصالحة كاملة تؤدي إلى سلام جاد لكلا الطرفين ولكل شعب جنوب السودان».

وعلى صعيد ذي صلة، قال رئيس الاستخبارات السابق في الجيش الشعبي في جنوب السودان إدوارد لينو لـ«الشرق الأوسط»، إن قضيتي وقف العدائيات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين تمثلان مفتاحا لتوصل أطراف النزاع إلى اتفاق وإنهاء الصراع الدموي، نافيا وجود اتفاق بين الخرطوم وجوبا بنشر قوات مشتركة لحماية مناطق النفط في بلاده.

وقال لينو: «ليس هناك اتفاق أصلا بنشر قوات مشتركة من القوات السودانية والجيش الشعبي في مناطق إنتاج النفط، وهذه أمنيات الخرطوم للعودة مرة أخرى إلى داخل جنوب السودان بعد أن رحل جنودها إلى دولة الشمال قبل ثمانية أعوام.. هي أحلام وإرهاصات البشير للسيطرة على النفط، لتمكينه من مواصلة الحرب في جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق. والبشير لا يهمه مواطني الجنوب، وإنما ثروتهم النفطية».

من جهة أخرى، أعلنت دولة الجنوب أنها وقعت اتفاقا لوقف إطلاق النار مع ديفيد ياو ياو، الذي يقود تمردا مسلحا ضد قوات الحكومة في ولاية جونقلي شرق البلاد لأكثر من عامين، وذات الولاية تشهد معارك عنيفة بسبب التمرد الحديث الذي دخل أسبوعه الثالث بين القوات الحكومية والمجموعة التي يقودها نائب رئيس جنوب السودان رياك مشار.

وكانت جوبا تتهم الحكومة السودانية باستمرار بأنها تقف وراء المتمرد ياو ياو وأنها كانت ترسل له الإمدادات والعتاد العسكري عبر الطيران في المناطق النائية من البلاد.

وأوضحت وزارة الدفاع في بيان بثته الإذاعة الرسمية، أن الحوارات التي قادتها «لجنة المصالحة الوطنية»، التي شكلها سلفا كير في يوليو (تموز) الماضي، برئاسة المطران دانيال دينق، كللت بالنجاح، وأضاف البيان أن ياو ياو وافق على وقف إطلاق النار، تمهيدا لإجراء مباحثات سلام مع الحكومة في الفترة المقبلة، من دون الكشف عن تفاصيل الاتفاق.