رفض البريطانيين للأجانب يبلغ مستوى قياسيا

77 في المائة يريدون وضع حد لأعداد الوافدين الجدد.. وانقسام حول «فائدتهم الاقتصادية والثقافية» للبلاد

روماني ينهي إجراءات السفر باتجاه لندن في «مطار أوتوبيني» قرب بوخارست في 1 يناير الحالي (رويترز)
TT

كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه أمس أن أكثر من ثلاثة أرباع البريطانيين باتوا يرغبون في وضع حد لأعداد المهاجرين إلى بلادهم، مما يسلط الضوء على مخاوف عامة من قضية أصبحت مثار جدل محتدم بين الأحزاب السياسية الرئيسة في البلاد.

وعرضت نتائج هذا الاستطلاع خلال فيلم وثائقي بث على شاشة هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية (بي بي سي 2) وحمل عنوان «الحقيقة حول الهجرة»، بعد نحو أسبوع من رفع قيود العمل والتنقل بشكل كامل على مواطني بلغاريا ورومانيا في كل دول الاتحاد الأوروبي، وهي الخطوة التي أثارت جدلا كبيرا في بريطانيا.

ويرى محللون أن الهجرة باتت ملفا مهما يتصدر كل قضايا الشأن العام الأخرى، بما فيها الاقتصاد، قبل الانتخابات العامة المقررة في عام 2015، مشيرين إلى أن تزايد شعبية «حزب الاستقلال البريطاني» (يوكيب) المناهض للهجرة قد يعرقل خطى الأحزاب التقليدية مثل حزب المحافظين الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وحزب العمال المعارض.

وأظهرت نتائج الاستطلاع الذي نظم لمعرفة «التوجهات الاجتماعية في بريطانيا»، أن 77 في المائة من المشاركين أبدوا رغبتهم في وضح حد لموضوع الهجرة. وفي علامة دالة على تنامي الشعور المناهض للهجرة في بريطانيا، عبر 56 في المائة من المشاركين، وهي أعلى نسبة في تاريخ هذا الاستطلاع، عن رغبتهم في رؤية أعداد الوافدين على بريطانيا تتناقص بصورة كبيرة وليس بشكل محدود. وكانت استطلاعات رأي تشير إلى أن ناخبي حزب المحافظين يتحولون بصورة متزايدة إلى «حزب الاستقلال البريطاني» لأنهم يرحبون بخطة الحزب الرامية إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والحد من الهجرة. ولا يمثل «حزب الاستقلال البريطاني» بزعامة نايجل فاراج، أي نائب في البرلمان البريطاني، لكن استطلاعات رأي توضح أنه يحظى بتأييد نحو 17 في المائة من الناخبين.

وعلقت بيني يونغ، الرئيسة التنفيذية لـ«مركز ناتسن للأبحاث الاجتماعية»، على نتائج الاستطلاع بقولها إن «الطباع الاجتماعية البريطانية تظهر أن رغبة الناس في وضع حد للهجرة بدأت ترتفع حتى قبل رفع القيود عن العمال الآتين من رومانيا وبلغاريا مطلع العام الحالي». وحتى أولئك الذين يرون أن الهجرة مفيدة من الناحية الاقتصادية والثقافية لبريطانيا، باتوا يرغبون في وضع حد للقادمين الجدد، حسبما أفادت يونغ. وتابعت قائلة: «هذه الأرقام تلقي الضوء على تعقيد هذا الملف للسياسيين الذين سيخوضون عمليتين انتخابيين خلال الأشهر الـ18 المقبلة، ولديهم خيارات محدودة للتعاطي مع الملف». ولاحظت أن «الرأي العام في عمومه مجمع على أن أعداد المهاجرين كبيرة، لكن هناك انقسامات كبيرة بين الناس حول الفوائد الاقتصادية والاجتماعية» التي يقدمها المهاجرون للبلد.

وأظهرت النتائج أن 54 في المائة ممن شملهم الاستطلاع يرون أن الهجرة مفيدة لاقتصاد البلاد، وهي نسبة تقترب من نسبة الذين يرون أن الهجرة أمر جيد للتعدد الثقافي في بريطانيا (55 في المائة).

وتزامنا مع نشر هذه الأرقام الصادمة، دعا فاراج زعيم «حزب الاستقلال البريطاني» المناهض للهجرة ولبقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، أمس، إلى منع المهاجرين من تلقي الإعانات الاجتماعية التي تقدمها الحكومة للعاطلين أو محدودي الدخل، وتمكّنهم من الإقامة خمس سنوات في البلاد.

ودعا فاراج الحكومة إلى اتخاذ خطوات إضافية للحد من قبول المهاجرين القادمين إلى بريطانيا، مشيرا إلى أن المهاجرين الذين يأتوا للبلاد ثم يستفيدون من إعانات السكن والبطالة والأولاد، يكلفون دافعي الضرائب مبالغ تتجاهلها الحكومة. وقال فاراج: «إننا بلهاء بمنحنا الأشخاص القادمين من أوروبا الشرقية إعانات البطالة عن العمل». ودخل عمدة لندن بوريس جونسون على خط هذا النقاش، واقترح منع الأوروبيين الآتين للمملكة المتحدة من الاستفادة من الإعانات الحكومية لمدة سنتين فقط.