«8 آذار» تخفف شروطها لتشكيل الحكومة اللبنانية.. وتكهنات بإعلانها قبل نهاية الشهر

اتصالات واسعة يتولاها بري وجنبلاط.. وموافقة «14 آذار» تطلق البحث في التفاصيل

رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي لدى اجتماعه بوزير خارجيته عدنان منصور في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

فتحت حركة الاتصالات المتسارعة في لبنان لتذليل العقبات التي تحول دون تشكيل الحكومة، ثغرة في جدار التأليف الحكومي، في اليومين الأخيرين بعد تنازل قوى 8 آذار عن الصيغة الحكومية التي تمسكت بها طوال الشهرين الماضيين، معلنة موافقتها على صيغة «المثالثة» معدلة، في حين أكدت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ«الشرق الأوسط» أن إعلان الحكومة «سيكون قبل نهاية يناير (كانون الثاني) الحالي».

وفيما تتمحور حركة الاتصالات حول «تركيز» صيغة توزيع الحقائب بشكل متساو بين قوى 8 و14 آذار، والوسطيين، بمعدل 8 وزراء لكل فريق، ينتظر المعنيون بمساعي التأليف موافقة قوى 14 آذار على هذه الصيغة للدخول في المرحلة الثانية، وهي الاتفاق على الحصص والتعديلات وتوزيع الحقائب والأسماء.

وفي مؤشر على عودة الاتصالات الفاعلة للتأليف، بحث الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس مع المعاون السياسي لرئيس البرلمان نبيه بري الوزير علي حسن خليل، والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل، التطورات السياسية والحكومية الراهنة. وقالت مصادر سليمان لـ«الشرق الأوسط» إن موفدي بري ونصر الله «وضعا الرئيس اللبناني بصورة اقتراح رئيس البرلمان بشأن الموافقة على صيغة (8+8+8) مع تدوير الزوايا، نظرا لأن ظروف البلد الراهنة تفرض تشكيل حكومة جامعة»، مشيرة إلى أن البحث في التفاصيل «يبدأ بعد موافقة قوى 14 آذار على هذه الصيغة».

وكان بري أكد قبل يومين أن عرضه المقترح بشأن تأليف الحكومة «يعتمد على تدوير زوايا صيغة المثالثة (8+8+8) وهو قيد البحث مع المعنيين». وإذ أشارت مصادر سليمان إلى وجود «إرادة لتشكيل الحكومة»، أكدت أن اجتماع موفدي بري ونصر الله مع سليمان «فتح ثغرة في جدار التأليف الحكومي»، مؤكدة أن «العمل بدأ على تركيز هذه الصيغة، وعرضها على مختلف القوى السياسية اللبنانية لنيل موافقتها عليها»، من غير الكشف عن التعديلات التي اقترحها بري، بعبارته «تدوير الزوايا». وقالت المصادر إن التعديلات على الصيغة «لم تبحث خلال الاجتماع»، على أن يبدأ البحث بها، إلى جانب التفاصيل المتعلقة بالحصص والحقائب، «بعد تركيز تلك الصيغة، بالحصول على موافقة قوى 14 آذار».

ولفتت المصادر الرئاسية إلى أن بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط «توليا تسويق هذا المخرج لتأليف الحكومة اللبنانية العتيدة»، مشيرة إلى أن تفاصيل التأليف الحكومي «تبدأ بعد استكمال جنبلاط وبري إنضاج المخرج».

وأنهى الرئيس المكلف أمس الشهر التاسع على تكليفه تشكيل الحكومة اللبنانية، بعد استقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وكان سلام وافق على صيغة الـ8+8+8 لتأليف الحكومة المقترحة من جنبلاط، فيما تمسكت قوى 8 آذار بصيغة تسعة وزراء لها، وتسعة وزراء لقوى 14 آذار، وستة وزراء للوسطيين الذين يمثلهم الرئيس سليمان وسلام وجنبلاط.

وقالت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ«الشرق الأوسط» إن البحث في التشكيلة الحكومية «دخل مراحله الجدية»، مشيرة إلى «حركة اتصالات واسعة تجري على مستوى رفيع، للتوافق والاتفاق على صيغة حكومية ترضي جميع الأفرقاء السياسيين». وإذ نفت المصادر ما يقال عن أن الحكومة ستبصر النور خلال أيام، أكدت أن الحكومة الموعودة «ستعلن قبل نهاية هذا الشهر»، مشيرة إلى أن سلام «منفتح على جميع الاقتراحات». ولفتت إلى أن «البحث يجري في صيغة بري المقترحة، من غير التوصل إلى (قرار نهائي) بين الأفرقاء حول الموافقة عليها أم عدمها». وكان بري أكد في تصريحات سابقة أن التعديلات التي اقترحها على الصيغة لا تعني اقتراح «وزير ملك»، أي تعيين وزير في الكتلة الوسطية مقرب من أحد الفريقين، ويرجح صوته اتخاذ القرار أو تعطيله على طاولة مجلس الوزراء، إضافة إلى استقالة الحكومة، على غرار ما قام به الوزير السابق عدنان السيد حسين في يناير 2011 لدى إعلان استقالته مع وزراء «8 آذار» ما أدى إلى إسقاط حكومة الرئيس الأسبق سعد الحريري.

ولم تعلن قوى 14 آذار، حتى مساء أمس، صراحة، موقفها من تلك الصيغة، وسط وجود شكوك في أن الصيغة المقترحة تشبه الصيغة التي تمسكت بها قوى 8 آذار، وتوافق عليها الآن بطريقة «مواربة».

وأجمعت كتلة المستقبل النيابية أمس على أن قضية الحكومة «ليست قضية أرقام، بل هو موضوع مبدئي». وشدد النائب في المستقبل عاطف مجدلاني على أنه «لدينا كقوى 14 آذار مبدأان اثنان على من يشارك في الحكومة الالتزام بهما، خروج حزب الله من سوريا والالتزام بإعلان بعبدا»، معتبرا أن «صيغة المثالثة مع وزيرين ملك هي طرح لصيغة (9-9-6) بطريقة مواربة».

وقال مجدلاني في حديث إذاعي: «إذا كان موضوع خروج حزب الله من سوريا غير ممكن، ونحن نعرف أن الأمر ليس بإمرته، فلنذهب إلى حكومة مستقلين تستطيع مواجهة الصعوبات المعيشية اليومية ولنأخذ الخلافات السياسية الكبيرة إلى طاولة الحوار».

بدوره، رأى نائب «المستقبل» أحمد فتفت أن «صيغة (8-8-8) المعدلة، أي صيغة ما يسمى الوزير الملك هي صيغة جربت في السابق وهي عبارة عن 9-9-6 مزورة». وأضاف: «هناك مشكلة كبيرة في مصداقية التعامل مع حزب الله، في السياسة والوقائع والالتزامات، إذ اتفقنا على المحكمة الدولية وتراجع عنها، كذلك الأمر بالنسبة لتحديد الحدود مع سوريا، إضافة إلى سحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخل المخيمات».