تقدم في مساعي تأليف الحكومة اللبنانية.. و«14 آذار» تتمسك بانسحاب حزب الله من سوريا

أنباء عن وضع اللمسات الأخيرة.. وبري يعلن متابعته وجنبلاط محاولتهما حتى النهاية

TT

لم يعق تمسك قوى «14 آذار» بشروطها حيال تشكيل الحكومة الجديدة، وأبرزها «الالتزام بتحييد لبنان»، أمس من «التقدم» في المساعي الآيلة لتأليفها، وسط إشارات إيجابية تفيد بأن الاتفاق على تشكيل الحكومة «توضع عليه اللمسات الأخيرة».

وفي حين شهدت العاصمة اللبنانية حركة اتصالات كثيفة للخروج من «المأزق الحكومي»، قطعت المشاورات أمس «شوطا»، بحسب مصادر مواكبة لعملية التأليف، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أيضا أن الاتصالات «مستمرة لتذليل العقبات الأخرى»، مشيرة إلى أن التشكيل «دخل مراحل وضع اللمسات الأخيرة».

وتتمحور حركة الاتصالات حول الاتفاق على صيغة توزيع الحقائب بشكل متساوٍ بين قوى «8» و«14 آذار» والوسطيين، بمعدل ثمانية وزراء لكل فريق، مع تعديل على الصيغة التي طرحها رئيس البرلمان نبيه بري، من غير الكشف عنها، قائلا إنها «تدوير للزوايا».

وبينما تحفظت الأطراف عن كشف العقبات التي تحول دون الاتفاق على تشكيل الحكومة، تقاطعت المعلومات مع ما أكده رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمس، أن «الاتصالات مستمرة في شأن تشكيل الحكومة، وأنه يتابع تدوير الزوايا».

ونقل نواب عن بري قوله: «إن نفسنا إيجابي وطويل في وجه العقبات وسنتابع محاولاتنا حتى النهاية»، مكررا أن «حكومة الأمر الواقع هي عزل للجميع، وستوجد مناخا سلبيا يترك أثره ونتائجه على كل الاستحقاقات».

وأنهى الرئيس المكلف أمس الشهر التاسع على تكليفه تشكيل الحكومة اللبنانية، بعد استقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وكان سلام وافق على صيغة «8+8+8» لتأليف الحكومة المقترحة من جنبلاط، بينما تمسكت قوى «8 آذار» بصيغة تسعة وزراء لها، وتسعة وزراء لقوى «14 آذار»، وستة وزراء للوسطيين الذين يمثلهم الرئيس سليمان وسلام وجنبلاط.

ويتولى بري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، المساعي الهادفة إلى الوصول إلى صيغة حكومية ترضي جميع الأطراف، وفق الصيغة الجديدة التي طرحها بري. وقال مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس لـ«الشرق الأوسط» إن «خطوط الاتصالات مفتوحة مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان والرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام، والرئيس بري وحزب الله وتيار المستقبل، وسائر الفرقاء»، مؤكدا أن «حركة المشاورات مستمرة لاستنفاد كل الاحتمالات بهدف الوصول إلى اتفاق على تشكيل الحكومة، نظرا لخطورة المرحلة، والخروج من المأزق الحكومي، خصوصا أننا على أبواب الانتخابات الرئاسية».

وبينما ينظر إلى تمسك قوى «14 آذار» بشروطها حيال الموافقة على المشاركة في الحكومة على أنها قد تضاعف العراقيل أمام عملية التأليف، أكد الريس: «إننا مصرون على استنفاد كل الخطوط للوصول إلى صيغة ترضي الجميع».

وشددت الأمانة العامة لقوى «14 آذار»، أمس، على أن أي حكومة جديدة «لا يمكن إلا أن تستند إلى المبادئ المنصوص عنها في إعلان بعبدا المرتكز على تحييد لبنان وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية».

و«إعلان بعبدا» هو الصادر عن هيئة الحوار الوطني في يونيو (حزيران) 2012 التي انعقدت في القصر الرئاسي في بعبدا، ويقضي البند الأبرز فيه على تحييد لبنان عن صراع المحاور وتحديدا الأزمة السورية.

وكرر تيار المستقبل، أمس، تأكيده التمسك بتوزير غير الحزبيين وتحييد لبنان، شروطا للمشاركة في الحكومة العتيدة.

وجددت كتلة المستقبل النيابية مطالبة الرئيسين سليمان وسلام بتشكيل الحكومة الجديدة من غير الحزبيين «لكي تفتح الطرق أمام الانفراجات المطلوبة وتفسح في المجال أمامها للانصراف إلى معالجة مشكلات لبنان الأمنية والاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة والملحة»، على أن «تحال بقية الملفات المتنازع عليها إلى طاولة الحوار الوطني».

وأكد عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت أن «القضية ليست موضوع أرقام وصيغة فقط، بل الموضوع سياسي بامتياز»، مؤكدا أن «موقف قوى (14 آذار) لا يزال نفسه، أي أن المشاركة في الحكومة تستدعي التزام الجميع بإعلان بعبدا وتحييد لبنان عما يجري على الساحة الإقليمية»، موضحا أن ذلك «يعني انسحاب حزب الله من سوريا عاجلا أم آجلا، بالتالي إذا كان الموضوع قابلا للحل في السياسة تصبح الصيغ أسهل بكثير للمداولة». وقال فتفت: «إذا قبل حزب الله بإعلان بعبدا، أي تحييد البلد، فنحن بالتأكيد لا نريد إلغاء أحد من الحياة السياسية اللبنانية، إذ نريد شراكة وطنية حقيقية وليست شراكة أرقام، بل شراكة في القرار السياسي، وشراكة في الالتزام بما يجري الاتفاق عليه، وليس التراجع في كل مرة».

ورأى فتفت أن «الثلث المعطل يؤدي إلى نسف الشراكة الحقيقية لأنه يعطي حق الفيتو لطرف سياسي»، مؤكدا: «إننا لسنا على استعداد لإعادة تجربة الوزير الملك لأن من يجرب المجرب يكون عقله مخربا»، بينما أكد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لوكالة «المركزية» إن «مسألة الثلث المعطل غير واردة في الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها»، مشددا على أنه «إذا تضمنت التشكيلة الوزارية الجديدة «وزيرا مقنعا» (في إشارته إلى ما يسمى بالوزير الملك) لن أمنحها الثقة». وجدد مكاري تأكيده أن «مبدأ (الوزير الملك) مرفوض»، متسائلا: «من رفض صيغة (9-9-6) لماذا يسير بصيغة (8-8-8) مع وزير مقنع؟». ويقصد بـ«الوزير الملك» تعيين وزير في الكتلة الوسطية مقرب من أحد الفريقين، ويرجح صوته اتخاذ القرار أو تعطيله على طاولة مجلس الوزراء، إضافة إلى استقالة الحكومة، على غرار ما قام به الوزير السابق عدنان السيد حسين في يناير (كانون الثاني) 2011 لدى إعلان استقالته مع وزراء «8 آذار»، ما أدى إلى إسقاط حكومة الرئيس الأسبق سعد الحريري. وإذ أكد مكاري أن «إعلان بعبدا يجب أن يكون أساس أي حكومة جديدة»، أشار إلى «الرفض التام» من قوى «14 آذار» لتضمين البيان الوزاري صيغة «الشعب والجيش والمقاومة».

وفي المقابل، ناشد مجلس المطارنة الموارنة، في بيان بعد اجتماعهم الشهري في مقر البطريركية المارونية في بكركي: «القادة والنواب الإسراع بتشكيل حكومة تكون على مستوى التحديات، والاستعداد لانتخاب رئيس جديد للبلاد يعيد الحياة الدستورية».