إقليم برقة يواصل تحدي حكومة طرابلس ومعلومات عن استعانته بخدمات أجنبية

زيدان يحذر من الفوضى في ليبيا إذا أسقطت حكومته من دون بديل

البغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد معمر القذافي أثناء محاكمته بتهمتي القتل والفساد في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

في وقت صعد فيه إقليم برقة، الذي يسعى لحكم ذاتي في شرق ليبيا، أمس، من تحديه للحكومة المركزية، متعهدا بحماية «الناقلات التي تستخدم ميناء السدرة لتصدير النفط، ومسؤولية تأمين هذه الناقلات ستبدأ فور دخولها المياه الإقليمية الليبية وحتى خروجها منها من خلال قوات دفاع برقة ووحدات البحرية فيها»، هدد وزير النفط الليبي أمس بمقاضاة أي شركة أجنبية تحاول شراء النفط من الموانئ الشرقية ووقف التعامل معها، فيما لوح رئيس الوزراء علي زيدان بتدخل البحرية لإغراق تلك الناقلات.

وحذر زيدان ناقلات النفط التي تحاول الوصول إلى موانئ يسيطر عليها محتجون مسلحون قائلا إن البحرية الليبية قد تغرقها. وقال إن أي «دولة أو شركة أو عصابة» تحاول إرسال ناقلات لتحميل النفط من موانئ يسيطر عليها محتجون من دون التنسيق مع المؤسسة الوطنية للنفط «سنتعامل معها حتى إذا اضطررنا لتدميرها أو إغراقها. نحذر جميع الدول من أنه لن يكون هناك أي تساهل».

وأعلنت السلطات الليبية إحباط محاولة سفينة ترفع علم دولة توغو في ميناء طبرق، فيما نجحت في عملية ضبط ناقلة نفطية مالطية دخلت المياه الإقليمية الليبية بطريقة غير شرعية.

وقال وزير الدفاع الليبي عبد الله الثني في كلمة ألقاها خلال الاحتفالية التي أقيمت بالقاعدة البحرية بطرابلس بحضور وزراء النفط والعمل والعدل ورئيس الأركان العامة للجيش الليبي ورئيس أركان القوات البحرية، إن ذلك «رسالة قوية بأن قواتنا البحرية جاهزة للتصدي لأي محاولات للتعدي على مياهنا الإقليمية التي نعدها خطا أحمر لا ينبغي المساس به».

وحذر من أن دخول أي ناقلة للموانئ الليبية من دون إذن من القناة الشرعية الوحيدة وهي المؤسسة الوطنية للنفط لن يجري التهاون معه، وسيجري التصدي لكل من يحاول اختراق مياهنا الإقليمية. وكشف النقاب عن أنه جرى استدعاء السفير المالطي لدى ليبيا وإبلاغه انزعاج السلطات الليبية من قيام ناقلة تابعة لبلاده بدخول المياه الإقليمية ومحاولتها شحن النفط الليبي بصورة غير شرعية.. الأمر الذي دعاه إلى إعلان أسفه عن الحادثة.

في المقابل، تعهد المكتب التنفيذي لما يسمى بإقليم برقة الذي يسعى لحكم ذاتي لمنطقة برقة (شرق) في خطاب وزعه على تجار النفط أول من أمس، بحماية الناقلات التي تستخدم مرفأ السدرة الرئيسي لتصدير النفط. وأوضح الخطاب أن «مسؤولية تأمين الناقلات ستبدأ فور دخولها المياه الإقليمية الليبية حتى خروجها منها»، وأضاف أن «أي تحذير أو بيان من المؤسسة الوطنية للنفط أو الحكومة المركزية لن يعتد به في برقة».

كما أصدر المكتب بيانا أمس قال فيه إن جهاز حرس المنشآت النفطية سيقوم بحماية أي ناقلة بالموانىْ النفطية بالتعاون مع قوة دفاع برقة والقوات البحرية داخل الإقليم، نافيا علاقته بالناقلة المالطية.

وأعلن عبد ربه البرعصي رئيس المكتب التنفيذي لإقليم برقة، في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، في مدينة إجدابيا، أن حركته الاحتجاجية تعلن «نيتها البدء في تصدير النفط بعد تجاهل مطالبها من طرف الحكومة».

وزعمت تقارير صحافية غربية أن إبراهيم الجضران رئيس المكتب السياسي لإقليم برقة استعان بخدمات شركة غربية بمبلغ مليوني دولار لدعم قضيته للاعتراف ببرقة إقليما مستقلا ذاتيا في الولايات المتحدة وروسيا. وطبقا لوثائق لم يثبت مدى صحتها، فإن الجضران اتصل بشركة يملكها ضابط استخبارات إسرائيلي سابق يدعى «أري بن ميناشي» لمساعدته على جذب مشترين للنفط وكذلك سفن لنقله.

ولم يرد الجضران على عدة محاولات من «الشرق الأوسط» للاتصال به عبر هاتفه الجوال للحصول على تعقيب فوري، فيما قال أحد مساعديه إنه بصدد إصدار بيان رسمي حول هذه المزاعم في وقت لاحق.

من جهة أخرى، خرج زيدان عن صمته ودافع عن حكومته في مواجهة محاولات خصومه السياسيين إسقاطها عبر تصويت بحجب الثقة عنها داخل المؤتمر الوطني العام (البرلمان). وكشف زيدان النقاب في مؤتمر صحافي مفاجئ عقده أمس في طرابلس برفقة بعض وزرائه، عن اعتزامه إجراء تعديل وزاري جديد خلال أيام على تشكيلة الحكومة التي يتولى رئاستها منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2012.

وأضاف أن «هذه الحكومة جاءت لاستحقاق وطني، وهي وطنية بجدارة. وإذا استمرت في أداء دورها فسيكون هناك تعديل وزاري مهم لأن عددا كبيرا من الوزراء لا يريدون الاستمرار بحكم المعاناة، وهناك وزارات تحتاج لتغيير». وتابع زيدان الذي يواجه احتمال اقتراع بسحب الثقة في البرلمان يحركه معارضوه أن «هذا الأمر سيجري خلال الأسبوع المقبل أو الأسبوع الذي يليه، وسينال وزارات مهمة من ضمنها وزارة الداخلية».

وأشار زيدان إلى أن «حكومته ليست حريصة على البقاء أو على الاستمرار، بل حريصة على خدمة الوطن وعلى ألا تترك البلاد في فراغ»، لافتا إلى أن «هناك من يريد أن يلهي المؤتمر الوطني العام ويلهي الحكومة ومن دون مقدمات بأن تكون البلاد من دون سلطة وتؤول لمن يريد أن يعبث فيها، وتصبح بارود نار، نتيجة لانتشار السلاح في كل مكان، ولكي تذهب البلاد في هذه الدوامة».

وقال زيدان إنه لن يسمح لأحد بأن يترك البلاد في هذه المرحلة الخطيرة في فراغ تنفيذي أو أن تشكل حكومة تكون غير قادرة على اتخاذ أي قرار ولا التصرف ولا ممارسة صلاحياتها. وشدد على أن الحكومة لا تستطيع أن تخذل من انتخبها خضوعا لأقلية تريد أن تسقطها لأهداف خاصة، موضحا أن الحكومة غير راغبة في المناصب ولا في مزاياها، بل جاءت لتقدم خدمة لهذا الوطن في ظرف صعب والجميع يعي هذا.

وأوضح أن «مسألة إقالة الحكومة ينبغي أن تكون واضحة وبالقانون وبما يجري من إجراءات في المؤتمر الوطني، فهذه الحكومة أعطيت لها الثقة ومتى سحبت منها ستسلم هذا الأمر، وعلى المؤتمر الوطني بذلك الوقت أن يتحمل مسؤولياته في استحداث حكومة بديلة على الفور دون إبطاء؛ لأن البلاد لا تحتمل أن تبقى بحكومة تصريف أعمال».

في غضون ذلك، قررت محكمة استئناف طرابلس الخاصة بمحاكمة رموز وكبار مسؤولي النظام السابق، تأجيل القضايا المتهم فيها بعض أهم مساعدي العقيد الراحل معمر القذافي إلى الشهر المقبل. وطلب محامي البغدادي المحمودي، رئيس آخر حكومة في عهد القذافي، من القاضي التأجيل للاستعداد للمرافعة عن موكله، قبل أن يوافق القاضي على التأجيل إلى الخامس من شهر فبراير (شباط) المقبل.

كما قررت المحكمة في جلسة أخرى تأجيل محاكمة عدد من مسؤولي النظام السابق من بينهم عبد المجيد قعود وسعد شويشين ومحمود كلوب إلى التاسع عشر من الشهر المقبل.

ويواجه المتهمون عددا من التهم الجنائية، من بينها التحريض والقيام بأفعال من شأنها الضرر بالمصلحة الوطنية وبهدف إجهاض ثورة السابع عشر من فبراير، وتهما أخرى تتعلق بالفساد الإداري والمالي وإساءة استخدام السلطات.