وزير التعليم المصري لـ «الشرق الأوسط»: لن نغلق مدارس «الإخوان» حفاظا على مستقبل الطلاب

شدد على بعد الوزارة عن الميول السياسية

د. محمود أبو النصر(يمين) و طلاب في إحدى المدارس الإعدادية (المتوسطة) بشرق القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

أعلنت وزارة التربية والتعليم في مصر عن جاهزية 11 ألفا و180 مدرسة للعمل كلجان اقتراع في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، المقرر له يوما 14 و15 من الشهر الحالي، في حين قالت الوزارة إن «عدد مدارس قيادات جماعة الإخوان المسلمين التي خضعت لإشرافها بلغ 174 مدرسة حتى الآن»، وقال الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم المصري، إن «الاستعدادات ليومي الاستفتاء على الدستور تبدأ بتجهيز المدارس ومراجعة كشوف المدارس التي ستكون مقار للجان الاستفتاء، بتأمين المدارس والأسوار والبوابات والأبواب الداخلية، وتوفير مقاعد للناخبين من كبار السن بفناء المدارس». وتتجه الأنظار المصرية والدولية لأولى استحقاقات «خارطة المستقبل» التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية والأزهر والكنيسة في يوليو (تموز) من العام الماضي، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وتعزز نتائج الاستفتاء إلى حد بعيد شرعية ثورة 30 يونيو (حزيران) الماضي، بحسب مراقبين.

وطالب وزير التربية والتعليم، جموع الشعب المصري بالمشاركة في الاستفتاء على دستور البلاد، مؤكدا أن الخروج يومي الاستفتاء «واجب وطني»، مشددا على ضرورة تكاتف جموع الشعب للخروج من الأزمات الراهنة التي تشهدها البلاد.

من جانبها، أعلنت وزارة العدل المصرية قائمة المدارس الخاصة المملوكة لقيادات جماعة الإخوان، والتي سيجري التحفظ عليها ووضعها تحت الإشراف المالي والإداري لوزارة التعليم، وذلك عقب إعلان الحكومة جماعة الإخوان «منظمة إرهابية». وأكد وزير التربية والتعليم، أن «اللجنة المشكلة من الحكومة برئاسة وزير العدل، قاربت على إعداد قائمة ثانية بمدارس قيادات (الإخوان) وتضم 87 مدرسة، ليصل عدد المدارس الموضوعة تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة إلى 174 مدرسة»، موضحا لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوزارة ستهتم بتحسين العملية التعليمية بتلك المدارس، وسوف يشارك لأول مرة أولياء الأمور في إدارة المدرسة، للاطمئنان على سير العملية التعليمية».

ويقول مراقبون إنه «عقب صدور حكم بحل جماعة الإخوان ومصادرة ممتلكاتها، أصبح مصير مدارس جماعة الإخوان مهددا بانتقال ملكياتها للدولة، وإنهاء الحلم الإخواني في تأسيس أجيال تتربى في كنف الجماعة»، التي يحاكم أغلب قياداتها بتهم العنف وقتل المتظاهرين بعد عام واحد من وصولهم لحكم مصر.

ويقدر المراقبون عدد مدارس «الإخوان» في مصر بنحو 400 مدرسة، ومنذ زمن بعيد أوكلت الجماعة ملف مدارس «الإخوان» إلى جمعة أمين، نائب المرشد العام للجماعة، لتحويل الأطفال إلى «إخوان صالحين» في المستقبل، وفقا لأدبيات الجماعة. وتقول مصادر مسؤولة في وزارة التربية والتعليم، إن «مدارس (الإخوان)، بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، باتت خارج النطاق الجغرافي لمراقبة وزارة التربية والتعليم، وشاركت في دعم الرئيس السابق في انتخابات الرئاسة، وفي دعم دستور عام 2012. وبعد صعود الرئيس المعزول للحكم، لم يعد للوزارة التي سيطر عليها (الإخوان) أي رقابة عليها وعلى نشاطها أو مناهجها».

وتضيف المصادر التي تحدثت مع «الشرق الأوسط»، أن «جماعة (الإخوان) كانت تضع أهمية كبري على التعليم ما قبل الجامعي، لما تمثله المرحلة من سهولة في السيطرة على العقول، وتشكيل الفكر، وتكوين كوادر تكون قادرة على تنفيذ ما يطلب منها دون سؤال. ويعد الإمام حسن البنا، مؤسس الجماعة المكتشف الأول لتلك النقطة، الأمر الذي دفعه إلى تأسيس تنظيم خاص بالطلبة». ويقول مراقبون إن إدارات مدارس «الإخوان» حاولت عقب ثورة «30 يونيو» الماضي، ألا تخالف تعليمات وزارة التربية والتعليم في الأمور الإدارية وفي المناهج الدراسية الموضوعة، لكنها قدمت ما تحتاجه الجماعة من جرعات فكرية للتلاميذ الصغار عبر الأنشطة الطلابية، التي تتحكم فيها إدارة المدرسة، فتدخل في هذا الإطار الأناشيد الجهادية. وقال الوزير أبو النصر: «وجدنا مخالفات جسيمة في مدارس الإخوان، منها تغيير النشيد الوطني المصري وترديد أناشيد جهادية، إضافة إلى مخالفات في المباني وزيادة كثافة الفصول عن المتفق عليه، إضافة إلى تعيين معلمين غير مؤهلين من أبناء الجماعة، لا يحملون مؤهلات تربوية».

ويتهم أنصار الرئيس المعزول، وزارة التعليم باضطهاد مدارس قيادات «الإخوان» بعد سقوط حكمهم، لكن الوزير أبو النصر قال، إن «هذا الكلام عار من الصحة، لأن مدارس (الإخوان) تعامل معاملة المدارس الخاصة. فهناك تفتيش دوري على المدارس الخاصة، ولو ثبت خروج أي من هذه المدارس عن الأطر التعليمية تنذر لمدة أسبوعين، ثم تجري مراجعة هذه المدرسة مرة ثانية. وفي حالة ثبوت مخالفات أخرى، فللوزارة وضع المدرسة تحت الإشراف المالي والإداري لها».

وفيما يختص بالمعلمين الموجودين بمدارس «الإخوان» التي جرى التحفظ عليها، قال الوزير إن «قرار التحفظ على مدارس (الإخوان)، لا يعني أننا سنتعامل مع المدرسين بسوء نية، بل على العكس فنحن سنعاملهم مثل زملائهم في المدارس الحكومية، وسيحصلون على عدة مميزات منها تطبيق الحد الأدنى للأجور عليهم وتأهيلهم تربويا وتثبيتهم»، نافيا وجود أي نية لدى الحكومة المصرية لغلق مدارس «الإخوان» التي خضعت لإشراف الوزارة، حفاظا على مستقبل الطلاب والمدرسين.

ومنذ سقوط نظم حكم «الإخوان»، تجري على قدم وساق خطة قصيرة الأمد لتعديل مناهج الدراسة لكي تتناسب مع المرحلة الجديدة، سواء بحذف الموضوعات المبالغ فيها، أو إضافة أجزاء أخرى. وقامت تلك المدارس، خلال فترة حكم مرسي، بحذف أجزاء من المقررات والأحداث التي خصت نظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.

وهناك خطة أخرى طويلة الأجل تهدف إلى تطويع المنظومة التعليمية لتواكب متطلبات المجمع ومتطلبات العصر. ويقول أبو النصر: «قمنا باستبعاد جميع الكتب المثار حولها الجدل، وخصوصا التاريخ. وقررنا وقف تدريس أي مناهج أو مقررات دراسية في المدارس غير المناهج المعتمدة من الوزارة»، مضيفا: «سنقوم بكتابة التاريخ خلال حكم الرئيس الأسبق مبارك والرئيس السابق مرسي، بمنتهى الحياد وكما حدث، ولن نعلق في كتب التاريخ على ما حدث، فقط نرصد كل الأحداث التي مرت بها مصر في هذه الفترة المهمة في تاريخها دون التحيز لأحد على الآخر»، لافتا إلى أن «وزارة التربية والتعليم ليس لها دور سياسي أو انتماءات سياسية، كي نوجه الطلاب إلى أي شيء.. بعدما أصبح الشعب المصري لديه من الوعي السياسي ما يفند به الغث من السمين».

وفي مجمل رده على استراتيجية تطوير التعليم التي أعدتها الوزارة وجرى عرضها على الرئيس المستشار عدلي منصور تمهيدا لإقرارها واعتمادها رسميا من قبل مؤسسة الرئاسة، أكد الدكتور النصر أن «اللجنة المكلفة بصياغة مواد الخطة انتهت من التعديلات تمهيدا لعرضها على الرئيس والحصول على موافقته عليها، ليجري طرحها للنقاش المجتمعي»، لافتا إلى أن مشروع تطوير التعليم أصبح تحت إشراف الرئيس، وهو من سيتولى بنفسه الإشراف عليه. ومن أجل ذلك، الوزارة سمحت لكثير من الأحزاب السياسية والهيئات والشركات والمعلمين والطلاب والمعنيين بالعملية التعليمية، وكل أطياف الشعب من علماء متخصصين وأساتذة، بالاشتراك في وضع الخطة الاستراتيجية التي ستستمر حتى عام 2022، «وهذا المشروع الضخم لكل مصر وليس لفصيل واحد بعينه، وهذا ما سيضمن استمراريته حتى لو تغير القائمون عليه». وحول رأيه فيما يقوله خبراء التعليم، بأن التعليم في مصر لم يكن قضية وطنية في المقام الأول خلال عهدي مبارك ومرسي، أكد وزير التعليم أنه «سادت حالة من الحنق المجتمعي على التعليم - والتي لا يمكن إنكارها - خلال العقود الأخيرة، ومعلوم أن للتعليم دورا أساسيا ومحوريا سواء في إصلاح الأوضاع المعيشية أو السياسية أو الاقتصادية، أو في محاربة الفساد بكل أنواعه. وتنبع أهمية التعليم من أنه يعد استثمارا لرأس المال البشري، كما يعد أداة فاعلة لضبط السلوكيات والاتجاهات الحالية للتنمية، ومن أجل ذلك أكدت الرئاسة المصرية أن التعليم هو المشروع القومي الأول في مصر».