تفجير انتحاري يطال متطوعي عمليات الأنبار.. ومعارك حول الرمادي

11 ألف أسرة نزحت من المحافظة العراقية المضطربة

لاجئ عراقي من أهالي الفلوجة مع عائلته إلى كربلاء يتسلم مساعدات غذائية من عصائب أهل الحق أمس (أ.ف.ب)
TT

في وقت عاد فيه الهدوء الحذر إلى مدينة الفلوجة (60 كيلومترا غرب بغداد) ثاني كبرى مدن محافظة الأنبار، دارت معارك في مناطق مختلفة من مدينة الرمادي بمساهمة مباشرة من الجيش. وفي العاصمة بغداد التي قلت فيها في الآونة الأخيرة التفجيرات بواسطة السيارات المفخخة أو العبوات الناسفة، فقد كان متطوعو الجيش العراقي في مطار المثنى هدفا لسيارة مفخخة يقودها انتحاري أدت إلى مقتل 23 متطوعا وجرح عدد آخر. وفي وقت قالت قيادة عمليات بغداد في بيان لها أمس بأن «ثلاثة أشخاص قتلوا فيما أصيب عشرة آخرون كحصيلة أولية لاعتداء إرهابي استهدف المتطوعين للجيش العراقي بالقرب من مطار المثنى وسط بغداد» فإن مصادر أمنية وأخرى صحية أعلنت أن 23 قتلوا وأصيب 16 آخرون على الأقل بالتفجير الذي استهدف المتطوعين بواسطة سيارة يقودها انتحاري.

وفي الرمادي (100 كيلومترا غرب بغداد) لا يزال الموقف يشوبه الغموض في وقت كثرت فيه المبادرات السياسية الهادفة إلى تطويق الأزمة التي تمر بها البلاد. واستنادا لمصادر أمنية فإن قوة كبيرة من قطعات الجيش العراقي هاجمت مساء أول من أمس أوكارا لمسلحين ينتمون لـ«القاعدة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» داعش في منطقة البوبالي وهي المعقل الأخير لمقاتلي القاعدة بحسب ما يقوله الشيخ روكان الدليمي أحد شيوخ محافظة الأنبار. وقال الدليمي لـ«الشرق الأوسط» بأن «الاشتباكات الدائرة في هذه المنطقة وفي مناطق أخرى من الرمادي تهدف إلى تطهيرها من المجاميع المسلحة التي كانت قد استغلت الفراغ والإرباك الذي حصل نتيجة لنقل المعركة من وادي حوران إلى مناطق قريبة من المدن وبخاصة مدينتي الرمادي والفلوجة»، مشيرا إلى أن «هؤلاء المسلحين حاولوا فك الطوق الذي وجدوا أنفسهم فيه نتيجة لتلك المعارك في محاولة لفتح جبهة جديدة يمكن أن تؤدي إلى خلط الأوراق لكونها قريبة من المدن ويمكن أن تحصل أزمات إنسانية يمكن أن يستفيدوا منها لبعض الوقت».

وتقع منطقة البوبالي التي تدور فيها المناوشات العسكرية وبمساعدة رجال العشائر بين الفلوجة والرمادي وهي منطقة وعرة تحيط بها البساتين. وفي داخل الرمادي فإن الأحياء السكنية تشهد هدوءا حذرا مع عودة الحياة الطبيعية بعد اشتباكات متفرقة في وقت اتخذت فيه السلطات الأمنية في المدينة قرارا بإعادة الشرطة المحلية وبمساندة قوات العشائر في المناطق التجارية وتقاطعات الطرق المهمة.

سياسيا فقد طالبت القائمة «العراقية» بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي جميع الأطراف لتقديم التنازلات لحل الأزمة والعودة إلى لغة التفاهم من أجل بناء المحافظة وفق الأسس المشتركة. ودعا عضو البرلمان العراقي والقيادي بالعراقية والحزب الإسلامي سليم الجبوري في مؤتمر صحافي بمشاركة بعض نواب القائمة العراقية أمس القوى السياسية لبذل «المزيد من الجهود لمنع التصادم بين الشعب والجيش». وأضاف الجبوري أن «شعبنا في الأنبار يمر بأيام سوداء نتيجة عبث العابثين والمتصيدين بالماء العكر والتي سببت نزوحا لعوائل كثيرة بسبب نقص الطعام والمواد الأساسية الطبية وبسبب أعمال التخريب المتعمدة والتي شملت المنشآت الأهلية والحكومية». وطالب الجبوري بـ«الوقف الفوري لحالة تصنيف الشعب بين مجاهد وخائن وفق مصالح خاصة وعلينا السعي لمنع التصادم بين الجيش والشعب، داعيا العشائر إلى تنظيف المدينة من المندسين والغرباء». وأوضح أن «العراقية لن تسمح المساس بالجيش»، معتبرا أنه «حان الوقت للعودة إلى المشتركات وفق عراق واحد بجيش قوي وعشائر قوية وعاصمة هي دار السلام مدينة الصحابة الكرام». من جهته أكد عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية حمزة الكرطاني أن «هناك جهات تريد إشعال نار الفتنة الطائفية في البلاد وهذه الجهات هي من داخل الحكومة والبرلمان وهو أمر بات مكشوفا» معتبرا أن «عمليات التطوع في مطار المثنى والتي لا يقبل فيها إلا من محافظات معينة مع منح المتطوعين مبلغا من المال لغرض إغرائهم إنما هو دليل على ذلك حيث يراد القتال في الرمادي والمحافظات الغربية تحت ستار مقاتلة القاعدة وداعش وهو ما يعني أن هناك من يدفع بهذا الاتجاه». ودعا الكرطاني الحكومة إلى «التمييز بين الإرهاب أو داعش من جهة وبين ثوار الأنبار وعشائرها ومقاوميها ممن لم ينالوا حقوقهم واستحقاقاتهم بعد برغم ما يجري الحديث عنه بشأن المصالحة الوطنية وغيرها من مسميات».

ومن جهة أخرى، أوضحت الأمم المتحدة أن ما يربو على 11 ألف أسرة فرت من منازلها في محافظة الأنبار. وأرسلت وكالات الأمم المتحدة أول إمدادات الإغاثة إلى النازحين منذ يومين وواصلت عملياتها أمس.

وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق نيكولاي ملادينوف في بيان أمس: «من الضروري تلبية الحاجات الإنسانية العاجلة لسكان محافظة الأنبار خصوصا الموجودين في الفلوجة والمناطق المحيطة بها».

ومن جهة أخرى، قال رئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر بأن بلاده يجب أن تدعم العراق في دحر «الإرهاب»، موضحا أن وجود قوات أميركية جديدة «ليس مطلوبا في هذا الوقت». ولكن بينر وهو جمهوري قال: إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما يمكن أن تساعد الجيش العراقي بمعدات إضافية. وفي وقت سابق هذا الأسبوع قالت الإدارة بأنها ستعجل بتسليم معدات عسكرية للعراق.