روحاني يعلن سعيه لتخفيف الرقابة على الفنانين.. ويطالب بـ«مصالحة»

الرئيس الإيراني الإصلاحي حذر من «النظرة الأمنية» للثقافة

الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث خلال افتتاح مؤتمر وزاري في طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

صرح الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس أن «حكومته لا تسعى لفرض الرقابة التي كانت تفرض على الفنانين، وإنتاجاتهم في السابق». وقال: «إن أصحاب الفن يحق لهم الإدلاء بوجهات نظرهم في هذا المجال».

والتقى روحاني ولأول مرة بعد انتخابه رئيسا للبلاد أول من أمس بالوسط الفني الإيراني في قاعة «وحدت» في طهران حاملا معه الأمل لهم ومستمعا لأحاديثهم. ولقيت تصريحات روحاني ترحيبا ملحوظا وتصفيقا من الحاضرين.

وأشار الرئيس الإيراني إلى أن «الفن ليس خطرا» مؤكدا «لا يثير الفنان الخطر للبلاد». وفيما واجهت تصريحاته تشجيع الحاضرين، أضاف: «النظرة الأمنية للفن، أكبر خطأ أمني».

وأوضح روحاني «يتعرض المجتمع في القضايا الاجتماعية والاقتصادية لتهديدات عدة منها تفشي الفحشاء، والفساد الاقتصادي. وإذا لم نجد حلولا لمعالجة هذه التهديدات، فتتدهور العلاقة بين الحكومة والشعب».

وأشار الرئيس الإيراني إلى الصعوبات التي يواجهها الوسط الفني وقال: «لقد تحدثتم عن جزء بسيط من المشاكل التي تتعرضون لها. ستقوم الحكومة بأداء مهامها في إطار الدستور، وأنها ستدعم الفن بقدر المستطاع».

ولقيت تصريحات روحاني موجة تصفيقا من الحاضرين.

وتابع: «تنادي إيران اليوم بالمصالحة، وتفادي العنف. ويظهر المشروع الإيراني الذي حظي خلال أشهر قليلة بتصديق غالبية الأعضاء في الأمم المتحدة، يظهر اقتدار وعظمة إيران. إن الحكومة تناشد الوسط الفني تقديم الدعم والعون في القضايا السياسية العامة. لأن الفنانين يحظون بثقة الحكومة». واختتم الرئيس الإيراني كلمته بالقول: «إن الفن جميل، لأن الفن هو الجمال والطيبة بذاته».

وقد رحب الحضور بتصريحات روحاني حيث دوت أصوات التشجيع لدقائق قاعة الاجتماع. ووفق كلام حسن روحاني «لا معنى للفن دون وجود الحرية، والإبداع يتم في ظل الحرية فقط».

ومن جهته، قال وزير الثقافة والإرشاد في إيران علي جنتي إن «الأجواء الملوثة المصحوبة بالعنف ستؤدي إلى أن تجف نبتة الثقافة والفن». ويعتبر جنتي ثالث وزير في حكومة روحاني ينال البطاقة الصفراء من البرلمان الإيراني. ويقصد الوزير الإيراني بكلامه هذا الفنانين الذين امتعضوا بسبب التدخلات غير السليمة في أعمالهم الفنية.

وأعرب جنتي عن أمله بأن تشهد المؤسسات الثقافية في البلاد انتعاشا في فترة حكم روحاني. وقال: «إن الوسط الفني لا يتوقع من الحكومة حصول المعجزة، لأنهم يدركون حجم الضغوط السياسية المحلية، والخارجية». وأضاف الوزير الإيراني «أن الوسط الفني يساوره القلق بشأن تجاهل الفن وعدم الاهتمام به في خضم المشادات السياسية والمشاكل الاقتصادية».

وانتقد جنتي تعامل البرلمانيين مع الشؤون الثقافية في إيران، إذ لم يتمكن جنتي منذ أيام من إقناع النواب الإيرانيين بشأن المسائل الثقافية.

كما ألقى الكاتب الإيراني رضا أميرخاني، والرسام إبراهيم حققي، والكاتبة المسرحية وبالنيابة عن فناني الفنون المسرحية نغمه ثميني خطابا في هذا الحفل. وكانت نغمة السيدة الوحيدة التي ألقت خطابا تحدثت فيه عن الفنانين الذين اضطروا إلى الهجرة، ومغادرة الوطن بسبب التعامل السيئ الذي لاقوه من السلطات.

وكانت الكلمة المثيرة للجدل من نصيب مدير «دار السينما» (نقابة السينمائيين) محمد مهدي عسكربور الذي قال: «ترسم الأنظمة السياسة خطوطا حمرا لنفسها، والذين يتعين على الجميع منهم الفنانين عدم تجاوزها، غير أن الإكثار أو المبالغة في هذه الخطوط ينتج من عدم ثقة النظام بنفسه».

وشهد الحفل عرض مسرحية «مسافر رضوي» للكاتب محمد رحمانيان، وتمثيل حبيب رضايي، وتخلل العرض عزف البيانو من سعيد ذهني.

وقال كامبيز روشان الذي تحدث نيابة عن الوسط الموسيقي في إيران إن «السنوات الأخيرة شهدت تدهور وضع الموسيقى وتراجع الاهتمام به».

وتحدث الفنانون، والمثقفون خلال الحفل عن همومهم وحاجاتهم الفنية، وبدأ حسن روحاني كلمته بما أصاب الفن والثقافة من مصائب في إيران.

وبدأ روحاني حديثه عما يجري اليوم في الوسط الفني والثقافي في إيران. وقال: «من المؤكد أن الفنانين حريصون على النظام». وأظهرت ابتسامات وحماسة الحاضرين ترحيبهم لتصريحات الرئيس روحاني عندما خاطبهم متسائلا: «لماذا لم نعط مسؤولية الإشراف على السينما، والكتاب، والموسيقى إلى أهلها وأن تتحمل النقابات المهنية جزءا من مسؤولية وزارة الإرشاد؟ يجب أن نثق بعضنا ببعض. هذه الفترة هي فترة (الثقة). ليس من واجب الحكومة التدخل في شؤون الفن، بل إن واجبها الأساسي هو الإعداد لقضايا هامة ووطنية كالأمن والسياسة الخارجية».

فلم يكن هذا المكان الوحيد الذي يرد فيه الرئيس على قسم من منتقدي الحكومة. فقد دافع روحاني عن وزير الإرشاد في حكومته الذي تسلم بطاقة صفراء يوم الثلاثاء من البرلمان وقال: «لا تقلق الحكومة من البطاقات الصفراء. نحن نعتز بأمثال جنتي (وزير الإرشاد) كمدافع عن الفن والحرية. هناك توجد مشاكل في أي طريق لكن الفن هو وحده الذي يحترق ولا ينبس ببنت شفة».

وكرر الرئيس الإيراني تأكيده بأن «الحكومة ستفي بالوعود التي قطعتها لأصحاب مهنة الفن» وقال: «إني آسف جدا لتعطيل عمل الأوركسترا السيمفونية والأوركسترا الوطنية. وستساعد هذه الحكومة على استئناف عملهما حتما خلال الأشهر المقبلة، رغم أنه من الممكن أن يتسلم الوزير بطاقة صفراء أخرى من البرلمان».

وشارك في هذا الحفل كوكبة من الوجوه الفنية، والثقافية البارزة من الكتاب، والممثلين، والمخرجين، والمطربين في إيران، مثل محمود دولت آبادي، وعلي نصيريان، وشهرام ناظري، وبري صابري، وشهرداد روحاني، ولوريس جكناواريان، وداود رشيدي، ومسعود كيميايي، برويز كلانتري، وبهمان فرمان أرا، ورخشان بني اعتماد، وأحمد مسجد جامعي، وهادي خانيكي، وافسانه بايغان، وجليل رسولي، وفخر الدين فخر الديني، محمد سلحشور، وتهمينه ميلاني، وخشايار اعتمادي.