شبح «داعش» يمنع الناشطين والصحافيين من العودة إلى حلب

مساحة من الحرية للإعلام المحلي بعد رحيل التنظيم

TT

أتاح رحيل عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» من حلب، مساحة كبيرة للناشطين الإعلاميين ومراسلي الوكالات المحلية، فيما يحول الخطر في مناطق سورية أخرى، بعضها تابع لمحافظة حلب، دون عودة إعلاميين آخرين كانوا نزحوا إلى تركيا هربا من استهداف عناصر «داعش» لهم.

وأكدت مصادر إعلامية سورية في حلب لـ«الشرق الأوسط» أن الإعلاميين الذين كانوا ملاحقين من قبل «داعش»، ولم يغادروا الأراضي السورية، «توفرت لهم مساحة أكبر للحرية، ويعملون براحة من غير مضايقات»، مشيرة إلى أن ذلك «يسري على الناشطين الذين لم يخرجوا من المدينة».

وكان التنظيم خسر كل مواقعه في حلب، جراء الحرب مع مقاتلي «الجيش السوري الحر» وكتائب إسلامية معارضة، وأعلنها المرصد السوري لحقوق الإنسان أول من أمس «مدينة شبه خالية من أي وجود للتنظيم»، وذلك إثر قتال بدأ قبل أسبوع في المدينة وريفها.

وأشارت المصادر إلى أن إعلاميين كانوا مختطفين في أقبية التنظيم المتشدد، مثل ميلاد شهابي الذي كان معتقلا عند داعش، وأطلق قبل أيام، و«يمارس نشاطه الإعلامي كما جرت العادة»، لافتة إلى أن إعلاميين آخرين أيضا عادوا إلى العمل بعد الاستيلاء على المقر الرئيس للتنظيم في مستشفى الأطفال.

وكان تنظيم «داعش»، احتجز خلال الشهر الماضي 19 إعلاميا على الأقل، من 27 إعلاميا اختطفوا في سوريا، بينهم سبعة إعلاميين اقتادهم التنظيم من مقر تلفزيون «شذا الحرية» في حلب، وتبين أن مقاتلي «داعش» أعدموا أربعة منهم في مقر احتجازهم.

وقالت المصادر إن الإعلاميين الذين خرجوا من حلب، وتحديدا إلى تركيا، لم يعودوا إلى المدينة «نظرا للمخاطر التي تحدق بهم، كون التنظيم لا يزال فاعلا في مناطق سورية أخرى، وهناك فلول له في حلب، كما أنه لا يزال يسيطر على مدينتي جرابلس وأعزاز وهي المنفذ من تركيا لحلب الذي تسيطر عليه (داعش)»، مشيرة إلى أن هؤلاء الإعلاميين «عرفوا بانتقادهم للتنظيم بشكل حاد، مما دفعهم للرحيل، ولا يزالون يتخوفون من تصفيتهم لدى عودتهم».

ويعمل في حلب الآن، عدد كبير من المراسلين السوريين، معظمهم يغطون التجمعات الإعلامية، مثل «مركز حلب الإعلامي»، و«شبكة حلب نيوز»، و«وكالة شهبا برس» وغيرها من وسائل الإعلام المحلية. وقالت المصادر إنه «لم تُسجل عودة أحد من المراسلين الأجانب إلى المدينة خلال هذين اليومين»، مشيرة إلى أنهم «غادروا المدينة خوفا من الاختطاف».

وتحدث موقع «زمان الوصل» المعارض عن نقل عدد كبير من المراكز الإعلامية والمكاتب التي تقع جغرافيا في المناطق التي لا يزال تنظيم «داعش» يسيطر عليها، إلى المناطق التي يسيطر عليها «جيش المجاهدين» و«الجبهة الإسلامية». وروى أحد الإعلاميين قول أحد عناصر الجيش الحر له: «ارفع رأسك.. أنت إعلامي، واكتبها على صدرك، فكاميرتك أسقطت النظام، وستسقط كل الطغاة من بعده».

ويتقاطع ذلك مع ما قالته مصادر بارزة من حلب لـ«الشرق الأوسط»؛ إذ أكدت أن «القدرة على الوصول إلى المعلومات والتجول في كل المناطق وتغطية القتال على محاور الاشتباكات مع النظام، باتت أسهل»، من غير أن تنفي وجود تحديات أخرى بعد رحيل «داعش»، أهمها «خطر القصف، والسارقون وجماعات ما تسمى (المشلحين) في المدينة».

وكان النشاط الإعلامي في مدينة حلب غاب بشكل أساس عن المشهد الإعلامي بعد عميلة التهجير الممنهجة التي اتبعها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، خصوصا بعد خطف عشرات الإعلاميين، وفي مقدمهم عبد الوهاب ملا، وعبيدة بطل وفريقه التقني، ومؤيد سلوم، وآخرون.

وكانت سوريا تصدرت خلال عام 2013 قائمة الدول الخمس الأكثر دموية حول العالم بالنسبة لمهنة الإعلام، ولم يغب اسمها أيضا عن قائمة الدول الخمس الأولى في العالم لناحية سجن الصحافيين، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة خطف الصحافيين «بشكل مهول»، على حد وصف منظمة «مراسلون بلا حدود» في تقريرها السنوي الصادر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتعد المناطق التي تسيطر عليها «داعش» من أخطر المناطق بالنسبة للصحافيين، نظرا لارتفاع معدل الخطف واختفاء الإعلاميين السوريين والأجانب، وأبرز تلك المناطق مدينة الرقة شمال شرقي البلاد، ومدينة حلب في شمال سوريا.