مصر توقف مفاوضاتها «الفنية» مع إثيوبيا حول أزمة مياه النيل «حتى إشعار آخر»

مسؤول حكومي: مجلس الدفاع الوطني قرر التصعيد «سياسيا»

TT

قال مسؤول رفيع المستوى بالحكومة المصرية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن بلاده قررت وقف مفاوضاتها الفنية مع إثيوبيا حول أزمة دول نهر النيل، في ظل إصرار أديس أبابا على بناء سد النهضة بما يضر بحصة مصر المائية، وذلك «لحين إشعار آخر»، على حد قوله. مشددا على أن مجلس الدفاع الوطني، وهو أعلى جهة أمنية في البلاد، قرر تصعيد الأمر «سياسيا»، والبدء في تحرك إقليمي ودولي على كافة المستويات لتوضيح الموقف المصري والضغط على إثيوبيا في هذا الشأن.

وأثارت إثيوبيا قلقا بالغا في مصر عندما عملت منتصف العام الماضي على تحويل مجرى نهر النيل الأزرق (أحد روافد نهر النيل)، تمهيدا لبناء «سد النهضة»، والذي بدأت العمل فيه فعليا. وتقول مصر إن السد يهدد حصتها من المياه، التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، بما يصل لأكثر من عشرة في المائة، كما سيؤدي أيضا إلى خفض كمية الكهرباء المولدة من السد العالي.

وفي اجتماع طارئ مساء أول من أمس، شدد مجلس الدفاع الوطني المصري، برئاسة المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية، على «ضرورة الحفاظ على الحقوق المائية لمصر ورفض المساس بالأمن القومي المصري».

وأكد بيان لرئاسة الجمهورية أن الاجتماع، الذي حضره وزير الري والموارد المائية، استعرض آخر التطورات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي والخطوات المتخذة في هذا الشأن بغرض حماية الأمن المائي المصري، وكذلك تلك الخطوات الخاصة بتقليل أو إزالة أي آثار سلبية للسد على مصر ودول حوض النيل.

وقال مسؤول بوزارة الري لـ«الشرق الأوسط»، طلب حجب اسمه لحساسية موقعه، إن «مناقشة مجلس الدفاع الوطني للقضية وبصفته أعلى جهة (أمنية) في مصر، هو رسالة قوية لإثيوبيا، مفادها أن الأمن المائي المصري هو أمر في منتهى الأهمية، وأن الموضوع أصبح يشغل بال قلب الدولة المصرية».

وأوضح المسؤول أن المجلس قرر بدء اتخاذ خطوات سياسية هامة، مشيرا إلى أن «الجانب السياسي سيأخذ الحيز الأكبر في التعامل خلال الفترة المقبلة، وعلى رأسها بدء تحركات على المستوى الإقليمي والدولي، بعكس الفترة السابقة والتي فضلنا فيها التحرك على المستوى الثلاثي»، في إشارة إلى المفاوضات التي أجرتها مصر مع دولتي إثيوبيا والسودان على المستوى الوزاري، فيما يعني التحرك «السياسي» أن القضية أصبحت تمثل بالنسبة إلى مصر مسألة «أمن قومي»، وأنها ستكون مدعومة من كافة قطاعات الدولة.

وكانت اجتماعات جرت في الخرطوم الأسبوع الماضي بين وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا، لكنها فشلت في التوصل إلى حل للخلافات العالقة بين القاهرة وأديس أبابا حول آليات استكمال الدراسات الفنية والبيئية لسد النهضة الإثيوبي، واختتمت دون التوصل إلى اتفاق.

وقالت وزارة الري المصرية، في بيان سابق لها، إن الجانب الإثيوبي رفض ورقة بناء الثقة المصرية المقترحة، والتي شملت الاستعانة بالخبراء الدوليين لاستكمال الدراسات، وتحديد الأضرار الواقعة على كل دولة وآليات تخفيف هذه الأضرار، وتقريب وجهات النظر فيما يتعلق بقواعد تشغيل السد لضمان الحفاظ على الحصص المائية لمصر والسودان.

وأعلن المسؤول المصري أن «بلاده قررت وقف التفاوض الفني مع إثيوبيا في الوقت الحالي لحين إشعار آخر»، مضيفا أن «ملف التعاون الفني مغلق حتى تقرر أديس أبابا طرق الباب وتأتي بمبادرة طمأنة».

وأشار المسؤول إلى أنه ينبغي «على أديس أبابا أن تدرك أن اللعب على عامل الزمن والتطويل واجتماعات اللجان وغيرها، لن يجديا نفعا، فنحن ندرك أن عامل الزمن أصبح غير متاح الآن وعلينا التحرك سريعا».

وشرعت إثيوبيا في تشييد السد العملاق بكلفة 4.7 مليار دولار، منذ عام 2011، ويقع على مسافة تتراوح بين 20 و40 كيلومترا من الحدود السودانية، ويتوقع اكتمال تشييده عام 2017 ليكون أكبر سد أفريقي، وعاشر سد لإنتاج الكهرباء على مستوى العالم. ورغم التطمينات الإثيوبية، تتشكك مصر في قدرة السد الإثيوبي على الصمود، وتشير إلى إمكانية تعرضه للانهيار وانفلات كميات ضخمة من المياه تجاه كل من السودان ومصر.

وذكر تقرير سابق للجنة فنية، مكونة من عشرة خبراء من مصر وإثيوبيا والسودان، أن «معظم الدراسات والتصميمات المقدمة من الجانب الإثيوبي لبناء السد بها قصور في منهجية عمل تلك الدراسات التي لا ترقى لمستوى مشروع بهذا الحجم»، وأنه «لا بد من عمل دراسات متعمقة تسمح للجنة بوضع رؤية علمية عن حجم الآثار ومدى خطورتها على دولتي المصب».