العريض فشل في مواجهة التحديات الاقتصادية وضغوط المعارضة

حكومته أنهت كتابة الدستور.. وفشلت في تلبية المطالب الشعبية

TT

تولى علي العريض، القيادي في حركة النهضة، رئاسة الحكومة التونسية في شهر مارس (آذار) 2013 في ظروف استثنائية بكل المقاييس، بعد أن خلف حمادي الجبالي عقب حادثة اغتيال شكري بلعيد وما تركته من تفاعلات سياسية، خاصة بين أحزاب المعارضة. وجلب معه إلى رئاسة الحكومة تركة وزارة الداخلية التي كان يشرف عليها، وتحميلها المسؤولية عن أول اغتيال سياسي يقع في الأراضي التونسية بعد الاستقلال.

وشككت أحزاب المعارضة منذ البداية في إمكانية نجاح العريض، في إخراج البلاد من حالة الاضطراب الأمني والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية المتنوعة. إلا أن حركة النهضة، صاحبة أغلبية الأصوات في المجلس التأسيسي، تمسكت بحقها القانوني في تقديم مرشح لرئاسة الحكومة كما ينص على ذلك القانون المنظم للسلطات العمومية (الدستور الصغير).

وعرفت تونس في ظل حكم العريض تنامي هجمات التنظيمات المتشددة التي ظهرت في جبال الشعانبي وسط غربي تونس. وتعرضت قوات الأمن والجيش لهجمات متفرقة في الشعانبي وقبلاط وسيدي علي بن عون، وراح ضحيتها أفراد من الأمن والجيش. وعلى الرغم من الاضطراب السياسي والأمني، فإن الطبقة السياسية نجحت في الإعلان عن نسخة الدستور التونسي الجديد في 1 يونيو (حزيران) 2013، إلا أن الإطاحة بنظام محمد مرسي في مصر أربكت الأوضاع السياسية في تونس، وخشيت قيادات حركة النهضة تكرار السيناريو المصري في تونس.

وتعمقت الأزمة واحتدت أكثر بعد تعرض النائب محمد البراهمي للاغتيال في 25 يوليو (تموز) الماضي، وزادت الأمور تعقيدا بعد إعلان مخابرات أجنبية عن تحذير الداخلية التونسية من وجود نية التخلص من البراهمي قبل 14 يوما من الحادثة.

وطالبت أحزاب المعارضة بإسقاط الحكومة وحل المجلس التأسيسي وحملتها المسؤولية عن الاغتيالات السياسية. وتزامنت هذه المطالب السياسية مع حادثة مقتل ثمانية عسكريين في جبال الشعانبي بعد أربعة أيام فقط من اغتيال البراهمي.

وفتحت الأبواب أمام الحوار الوطني، وسارع الاتحاد التونسي للشغل (نقابة العمال) إلى تقديم مبادرة للحل السياسي للأزمة بين الحكومة والمعارضة، وسرعان ما تحولت المبادرة إلى خارطة طريق. وطالبت قيادات حركة النهضة بتحديد موعد ثابت للانتخابات والانتهاء من صياغة الدستور والتصديق عليه وعلى القانون الانتخابي، وأبدت في المقابل استعدادها للتنازل عن السلطة لصالح حكومة كفاءات وطنية مستقلة. واشترطت لتحقيق هذا الأمر التلازم بين المسارات الثلاثة؛ المسار الحكومي ممثلا في تشكيل حكومة جديدة، والمسار الانتخابي ممثلا في تشكيل هيئة الانتخابات والتصديق على القانون الانتخابي، والمسار التأسيسي ويعني الانتهاء من صياغة الدستور والتصديق عليه.

ونجحت حكومة العريض في استرجاع الأمن والقضاء على كثير من مظاهر التطرف في الشارع، إلا أن المواجهة مع الحكومة انتقلت إلى الجبال والغابات وشهدت اتخاذ الحكومة قرار حظر تنظيم أنصار الشريعة. ولكنها فشلت في تلبية معظم المطالب الاجتماعية والاقتصادية في ظل قلة الإمكانات وتراجع عمليات الاستثمار وتقلص عائدات السياحة.

وبعد أكثر من عشرة أشهر في الحكم، تستعد حكومة العريض لمغادرته، على أمل أن يكتب في صفحات تاريخها أنها أنهت صياغة الدستور الجديد، ونجحت في ضمان التداول على السلطة عبر الانتخابات في مرحلة أولى، ثم عن طريق التوافق استجابة لمطالب المعارضة في مرحلة ثانية.