القوات المسلحة الإسبانية تعارض المطالب السيادية لإقليم كاتالونيا

وزير الدفاع يقول إنها ليست موضوعة على طاولة النقاش بالنسبة للجيش

TT

أعربت القوات المسلحة الإسبانية، على لسان وزير الدفاع، وبشكل واضح لا لبس فيه، عن معارضتها المبدئية للمطالب السياسية التي عبرت عنها في المدة الأخيرة بعض القوى السياسية بإقليم كاتالونيا، في أفق تنظيم استفتاء في الإقليم، يقول السكان من خلاله، رأيهم في مطلب الاستقلال الذاتي أو التام، عن الحكومة المركزية في مدريد، ومن ثم مملكة «قشتالة» التاريخية، الذي تعتزم تلك القوى الدعوة إليه وتنظيمه في غضون العام الحالي، تتويجا لحراك سياسي واجتماعي تبلور منذ سنوات وزادته الأزمة الاقتصادية قوة وبروزا.

وقال بيدرو مورينيس، وزير الدفاع الإسباني، في تصريحات، صباح أمس، للمحطة الإذاعية «كادينا كوبي» المقربة من «الحزب الشعبي المحافظ»: «إن عناصر الجيش الإسباني منشغلون على المستوى الشخصي بما يجري في الإقليم، الذي من شأنه أن يلحق الضرر بأحد المقومات الأساسية ألا وهي وحدة الشعب الإسباني»، مضيفا أن التطلعات السيادية لكاتالونيا، ليست موضوعة على طاولة النقاش بالنسبة للقوات المسلحة في البلاد.

وأوضح الوزير الإسباني، الذي تحدث لأول مرة بمثل هذه الصراحة عن شأن داخلي خطير: «إنه من حق أفراد القوات المسلحة كمواطنين إسبان قبل أي اعتبار آخر، أن يكون لهم رأي في قضية حيوية مثلما هي وحدة البلاد».

وأبرز مورينيس أن هذا الرأي يتقاسمه وزير الدفاع مع أي مواطن عادي، مضيفا أن دور القوات المسلحة وطبيعتها يحتمان عليها ألا تضع على طاولة النقاش قضية تتعلق بوحدة إسبانيا.

وعن سؤال بخصوص ماذا قصده من خطابه قبل أيام بمناسبة عيد القوات المسلحة الإسبانية، بحضور الملك خوان كارلوس، حينما شدد على دور الجيش في حماية وحدة البلاد؛ أجاب وزير الدفاع الإسباني بأنه لم يقصد شيئا آخر غير التشديد على تلك المهمة التي يوكلها الدستور إلى الجيش والمتمثلة في الدفاع عن سؤدد الوطن ومجده وحمايته خارج الحدود.

وأضاف الوزير الإسباني أن «القوات المسلحة منضبطة بالتسلسل الهرمي، وتأتمر بأوامر الحكومة التي انتخبها الشعب بكيفية ديمقراطية، وأنه لا يحق لوزير الدفاع أو حتى الملك أن يقول ما يخالف دستور المملكة الإسبانية، الذي يعد أن وحدة الشعب الإسباني غير قابلة للتقسيم».

وختم وزير الدفاع تصريحاته بتأكيد «أننا في دولة الحق والقانون، حيث يكون الجميع ملزمين احترام القيم الديمقراطية والامتثال لها».

ويرى مراقبون في تصريحات المسؤول الإسباني عن الدفاع تعبيرا واضحا عن نفاد صبر الحكومة المحافظة من التوجهات المتطرفة لجزء من الطبقة السياسية في إقليم كاتالونيا التي ربما تحظى بنسبة تأييد وتعاطف من طرف السكان، لأسباب تاريخية عميقة، لكنها ووجهت بمعارضة قوية من غالبية سكان إسبانيا ومن الحزبين الكبيرين في البلاد «الشعبي» المحافظ الحاكم و«الاشتراكي» اليساري المعارض، رغم التباين الموجود في موقف الحزبين بخصوص الكيفية التي يمكن أن تحل المعضلة الكاتالانية.

ويرى محللون أنه لا يمكن لوزير الدفاع، وهو شخص مدني، أن يصرح بمثل ما صرح به، وفي ظروف الاحتقان السياسي والاجتماعي، لو لم يكن مخولا من طرف القيادة العسكرية في أعلى هرمها، ومن دون الحصول على الإذن والضوء الأخضر من الملك خوان كارلوس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الإسبانية.

وستكون الأيام المقبلة حافلة بالتطورات والحراك الحزبي للتعاطي مع تصريحات وزير الدفاع الإسباني، وردود الفعل في كاتالونيا من قبل الأحزاب المؤيدة لسيادة الإقليم على نفسه وتقرير مصيره بكيفية منفردة ويخشى معلقون من عودة شبح وأجواء الحرب الأهلية الإسبانية التي دمرت البلاد عام 1936. وكانت كاتالونيا أهم القلاع المدافعة باستماتة عن النظام الجمهوري الشرعي الذي تمرد عليه الجنرال فرانسيسكو فرانكو والشرائح المحافظة في القوات المسلحة المسنودة بالكنيسة.